الثورة – رولا عيسى:
تبدو بعض القرارات هامة جداً لضبط السوق المحلي والحفاظ على الإنتاج الوطني، والجميع مع أي قرار يصب في هذا الاتجاه.
لكن السؤال عند صدور قرارات تراعي الإنتاج المحلي وتضبط المستوردات، هل نجد مقابلها قرارات تراعي قدرة المستهلك، وتمنع ضعاف النفوس من استغلال حاجته بعد تخفيض المنافسة؟
وهنا نتطرق لقرار وزير الاقتصاد والصناعة، والقاضي باستمرار السماح باستيراد الأحذية بكل أنواعها والملابس الجلدية، ضمن شروط معين.. القرار لاقى ترحيباً من قبل الأوساط الصناعية والاقتصادية المحلية في ظل تراجع جودة المنتجات الجلدية من الأحذية والحقائب، وحتى السترات بشكل واضح في مختلف الأسواق، في ظل وجود منتجات متنوعة من حيث المصدر والشكل.
يرفع التكاليف على المستورد
وحول تأثيرات القرار على السوق والمنتجات المحلية والقدرة الشرائية، يقول الخبير الاقتصادي فاخر قربي: القرار يحمل في طياته عدة انعكاسات على السوق الداخلي منها دعم الإنتاج المحلي، أي زيادة الحماية للصناعة المحلية عبر فرض الرسوم الحمائية على الأحذية الجلدية الجاهزة وأوجه الأحذية قد يسهم في رفع تكلفة المنتجات المستوردة، ما يجعل المنتجات المحلية أكثر تنافسية، وهذا قد يشجع الشركات المحلية على تعزيز إنتاجها وتوسيع نطاق أعمالها.
ويضيف: إن الخطوة تشكل تشجيع للشركات المحلية، وهي قد ترى في هذا القرار فرصة لتوسيع حصتها في السوق، ما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات المحلية.. لكن القرار ربما يكون له تأثير على الأسعار عبر فرض الرسوم الحمائية، والكلام الخبير قربي، وقد يؤدي إلى زيادة أسعار الأحذية المستوردة، وهو ما قد ينعكس على الأسعار النهائية التي يدفعها المستهلكون، ومع زيادة الأسعار، قد يواجه بعض المواطنين صعوبة في تحمل التكاليف، خاصة من فئات الدخل المحدود.
وفي الوقت ذاته اعتبر أن تأثير القرار محدود على المنتجات المحلية في حال كانت جودة المنتج المحلي تنافسية وأسعاره معقولة، وقد لا تشهد المنتجات المحلية زيادة كبيرة في الأسعار، مما يجعلها الخيار الأكثر تفضيلاً بالنسبة للمستهلكين.
تحسين الجودة والمواصفات
ويشير الخبير قربي إلى أن قرار وزير الاقتصاد والصناعة يعزز الرقابة على الجودة، عبر قيام الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بمراقبة البضائع المستوردة والمحلية ومطابقتها للمواصفات القياسية السورية، وهذا بدوره يساعد في رفع مستويات الجودة في السوق المحلي، فالبضائع التي لا تلتزم بالمعايير ستكون معرضة للرفض أو حتى العقوبات.. ناهيك عن تأكيد مواصفات البضائع، وعند وضع الختم المميز على المنتجات، سيسهل عملية التحقق من الجودة والمصدر ما يحسن ثقة المستهلك في المنتجات المتاحة في السوق، وفقاً للخبير الاقتصادي.
من التأثيرات الإيجابية لمصلحة المنتج المحلي، بحسب قربي، تقليص حجم الاستيراد، فقد تتسبب الرسوم الحمائية في تقليص واردات الأحذية الجاهزة، مما يقلل الضغط على العملة الأجنبية، وقد يكون هناك تزايد في الإنتاج المحلي أو التوجه إلى أسواق جديدة لاستيراد منتجات بأسعار أقل.
تراجع الحضور
ويتابع: وبالتالي تراجع حضور المنتجات الجلدية المستوردة يحد من التنوع، في حال لم تتوفر بدائل محلية متنوعة بنفس الجودة أو الأسعار، وربما يواجه السوق الداخلي نقصاً في الأنواع أو التصميمات ما يؤثر على الخيارات المتاحة للمستهلك.ويتطرق إلى تأثير الفترة الممنوحة للتطبيق حول إعطاء مهلة حتى تشرين الأول لتنفيذ الأحكام المتعلقة بالتحقق من الجودة قد يسمح للمستوردين بتعديل عملياتهم والامتثال للمواصفات الجديدة، ولكن قد يسبب اضطراباً مؤقتاً في السوق حتى يتم التكيف مع المتطلبات الجديدة.
وهنا يشير الخبير الاقتصادي إلى التأثير على الشركات الصغيرة والمتوسطة من حيث تكاليف التكيف، فالشركات الصغيرة والمتوسطة قد تجد صعوبة في تحمل تكاليف التكيّف مع المتطلبات الجديدة، مثل طباعة الختم النافر ما قد يضغط على هوامش أرباحها، وقد تكون هذه الشركات بحاجة إلى تقنيات جديدة مكلفة.
الخبير قربي لم يغفل الآثار على السوق بشكل عام، لجهة خلق بيئة تنافسية أكثر بين مصنعي الجلديات، فالقرار يمكن أن يحفز المنافسة بين الشركات المحلية للاستفادة من الحماية الممنوحة لهم ضد الواردات الأجنبية ما قد يؤدي إلى تحسين جودة المنتجات وزيادة التنوع في السوق.
أما لجهة الاستهلاك، وجد أنه في حال كانت الخيارات المحلية غير جذابة مقارنة بالمنتجات المستوردة من حيث السعر أو الجودة، قد يتسبب القرار في تقليل قدرة المستهلك على الاختيار بين العديد من الأنواع المختلفة.
في النهاية، تحتاج صناعتنا الوطنية للتشجيع، ولاسيما بعد تراجع حضورها فهي بحاجة لتوفير الحماية وزيادة الجودة، لكن يحتاج المستهلك لأسعار مقبولة تراعي قدرته الشرائية.