الثورة – يامن الجاجة:
عام كامل مضى على تعاقد اتحاد كرة القدم مع المدرب الإسباني “خوسيه لانا” كمدير فني لمنتخبنا الوطني الأول، ورغم هذه الفترة الطويلة نسبياً، إلا أن أحداً لا يستطيع الحديث عن عمل حقيقي قد تم إنجازه من المدرب الإسباني، الذي جاء بطموحات كبيرة، وعناوين عريضة، دون أن يواكب العمل المُنجز تلك الطموحات والعناوين.
مشروع متوقف؟
المدرب الإسباني جاء ليعمل تحت عنوان عريض هو (تجديد دماء المنتخب) الذي قدّم تحت قيادة مدربه الأرجنتيني السابق “هيكتور كوبر” أداءً ونتائج متواضعة، تسببت بخروج المنتخب من التصفيات المؤهلة لكأس العالم، مع الفشل بالتأهل إلى نهائيات كأس آسيا، ليشكل ذلك صدمة كبيرة، باعتبار أن منتخبنا تحت قيادة العجوز الأرجنتيني قد عجز عن مقارعة منتخبات الصف الثالث في القارة الصفراء، كما هو حال منتخب كوريا الشمالية الذي تأهل إلى النهائيات الآسيوية عوضاً عن منتخبنا، عدا عن التعثر أمام منتخب ميانمار آنذاك، ولكن وبكل صراحة فإن الحديث عن عملية تجديد المنتخب يبدو أمراً غير منطقي، لأن التجديد بحد ذاته لم يحدث بشكل كامل، رغم أنه قد حدث بشكل جزئي في بعض مراكز المنتخب.
أسباب كثيرة
وتكاد تكون دوامة الفراغ الإداري الذي تعيشه كرتنا، وحال المسابقات التعيس، وكذلك عدم وضوح الرؤية بالنسبة للاعتماد على اللاعبين المغتربين، تكاد تكون جميعها عوامل وأسباب مؤثرة، أدت إلى هذا التباطؤ في إنجاز العمل المطلوب من المدرب الإسباني، حيث شاهد الجميع كيف بدأ الرجل، مع بداية عهده، بالاعتماد على عدد من اللاعبين المغتربين المحترفين في أوروبا وأمريكا الجنوبية، أمثال المدافع أيهم أوسو والمهاجم بابلو صباغ وغيرهما.
مفاجأة سلبية
وبينما كان عمل خوسيه لانا يسير في اتجاه واضح، من حيث الإحلال والتجديد في دماء وصفوف المنتخب، جاءت التصريحات التي أعلن فيها مدير المنتخب الكابتن رغدان شحادة عن عدم إمكانية دفع أي مبالغ مالية للاعبين المغتربين، جاءت كمطب كبير في طريق عملية التجديد التي كان قد بدأها (لانا) بالفعل.
المدرب الإسباني تعامل مع مسألة غياب المغتربين بصورة خاطئة، حيث قرر العودة للاعتماد على اللاعبين المخضرمين مع بداية منافسات المجموعة الخامسة، في ملحق التصفيات المؤهلة لكأس آسيا، فقام باستدعاء مجموعة كبيرة من العناصر المخضرمة، كما هو حال عمر السومة وعمر خريبين وثائر كروما ومؤيد عجان وأحمد مدنية، ولاعبين آخرين، ليكون هذا القرار بمثابة وقف مؤقت لعملية تجديد المنتخب، وهو ما دفع كثيرين لوصف قرار المدرب بالقرار الجبان، لأنه اختار عدم المغامرة، والاعتماد على عناصر الخبرة في تصفيات متواضعة المستوى، دون أن يمنح الفرصة كما يجب، للعناصر الشابة التي أثبتت جدارتها في أنديتها.
معضلة الدوري وأولوية الأولمبي
ولعل توقف مسابقة الدوري، وتغيير نظام البطولة، وعدم سيرورتها بشكل طبيعي، دفع المدرب لعدم الاعتماد على العناصر البارزة في المنافسات المحلية إلا بصورة بسيطة، حيث تم الاعتماد فقط على المدافع عبدالله الشامي، كعنصر جديد في تشكيلة رجال كرتنا، دون أن يكون للمواهب الشابة التي أفرزها الدوري المحلي، وعلى رأسها مواهب بطل الدوري اتحاد أهلي حلب، أي دور بارز في تشكيلة منتخبنا خلال الجولتين الأولى والثانية من التصفيات الآسيوية، وبينما كان معظم عشاق المنتخب ومتابعيه، ينتظرون دمج مواهب من طينة حسن وأنس الدهان ومحمود النايف وعبد الرحمن العرجة ومحمد سراقبي، في تشكيلة اللاعبين الذين يعتمد عليهم المدرب الإسباني، جاء قرار المعنيين في اتحاد الكرة، ورغبة الجهاز الفني للمنتخب الأولمبي، بالاحتفاظ بلاعبيه تحضيراً لتصفيات كأس آسيا تحت (23) عاماً، جاء ليقف عائقاً أمام أي توجه من المدرب الإسباني لدعوة بعض عناصر أولمبي كرتنا، ودمجها مع لاعبي منتخب الرجال بشكل تدريجي، ليشكل ذلك عائقاً إضافياً في طريق عملية الإحلال والتجديد التي جيئ بالمدرب الإسباني من أجلها.
ماذا بعد الفترة المهدرة ؟
الآن ومع مضي سنة، من أصل ثلاث سنوات في العقد المُوقع مع المدرب الإسباني، لا بد من التساؤل عن الطريقة المثلى لاستثمار المدة المتبقية في عقد المدرب الذي يقيم خارج سوريا، والسؤال الأهم يتركز حول دور الإدارة الفنية لاتحاد الكرة، وكذلك المسؤولون في وزارة الرياضة والشباب، على اعتبار أن الظروف هي من سيَّرت كرتنا دون أن تنجح الأخيرة بتطويع الظروف لصالحها.