بعد غياب فرضته رياح الحرب الظالمة، يعود معرض دمشق الدولي في دورته الثانية والستين ليرسل رسالةً قويةً إلى العالم مفادها أن سوريا، على الرغم من كل شيء، لا تزال قادرة على العطاء، قادرة على استعادة دورها كجسر تجاري واقتصادي يربط الشرق بالغرب.إنه ليس مجرد معرض تجاري عابر، بل هو مناسبة وطنية بامتياز، تعلن للجميع أن الحياة انتصرت على الموت، والإعمار انتصر على الدمار.
لا يمكن التقليل من الأهمية الاقتصادية والرمزية لهذه الدورة، فالمعرض يشكل منصة حيوية لإعادة إحياء القطاعات الإنتاجية السورية، ودعوة مفتوحة للمستثمرين الأجانب، وخاصة من الدول الصديقة، لاكتشاف الفرص الكامنة في السوق السورية التي تنتظر من يستثمر فيها.. إنه فرصة ذهبية للشركات المحلية لعرض منتجاتها ومنافسة نظيراتها الأجنبية، وفرصة للتعرف على أحدث التطورات التكنولوجية والصناعية في العالم، مما ينعكس إيجاباً على جودة المنتج الوطني وقدرته على المنافسة.تنظيم المعرض هذا العام، والمشاركة الواسعة للدول الصديقة والشقيقة، ليس حدثاً اعتيادياً، إنه دليل على بداية كسر الحصار الظالم، وخطوة عملية نحو عودة سوريا إلى خارطة الاقتصاد الدولي.. كل جناح من أجنحة الدول المشاركة هو تصويت بالثقة على مستقبل سوريا، وتأكيد على أن ريادة دمشق التاريخية كعاصمة اقتصادية وتجارية للمنطقة مصير لا مفر منه.لكن التحدي الأكبر يتمثل في تحويل هذه اللقاءات والاتفاقات التي تُبرم في أروقة المعرض إلى مشاريع حقيقية على الأرض، وألا تبقى حبراً على ورق، وهذا يتطلب تذليل العقبات وتوفير البيئة التشريعية والمؤسسية المشجعة للاستثمار، وضمان استمرارية التواصل بعد انتهاء فعالياته.معرض دمشق الدولي هو أكثر من مجرد حدث اقتصادي، إنه إعلانٌ للعالم أن سوريا، بقطاعيها العام والخاص، لا تزال قادرة على الوقوف من جديد، وأن إرادة أبنائها هي أقوى من كل محاولات النيل من سيادتها واقتصادها، إنه ينبض بالأمل، ويمثل شعلة نور في نفق طويل، نثق بأنها ستضيء الطريق نحو انتعاش اقتصادي شامل يعود بخيره على كل السوريين.