حين تتحول الزراعة إلى شغف.. مشروع سمكي يروي قصة إرث وتجديد

الثورة – لينا شلهوب:

تتلاقى المشاريع لتعرض خلاصة التجارب السورية في مختلف المجالات، ومن أرض معرض دمشق الدولي كان جناح تربية الأسماك واحداً من الزوايا اللافتة للانتباه، هناك التقت صحيفة الثورة بالمهندس الزراعي مصطفى مفيد الحموي القادم من قرية المهاجرين بريف حماة- الغاب، ليحدثنا عن تجربته الطويلة في مجال تربية وإنتاج الأسماك، وعن الهدف من مشاركته في المعرض هذا العام.

من قرية المهاجرين، حيث تتشابك الأرض بالماء وتُنسج الحكايات مع تفاصيل الحياة اليومية، يبرز اسم المهندس الزراعي الحموي كأحد الشباب الذين جعلوا من إرث عائلي مهنة متطورة ومشروعاً واعداً في مجال تربية وإنتاج الأسماك. التقيناه في حوار خاص للحديث عن رحلته في هذا المجال والصعوبات التي واجهته، إضافة إلى آفاق العمل والتسويق.

امتداد لتاريخ عائلي

يبدأ المهندس مصطفى حديثه بابتسامة يملؤها الفخر، قائلاً: أنا خريج الثانوية الزراعية عام 2005، كنت من الأوائل حينها، ومن ثم التحقت بكلية الهندسة الزراعية- قسم الإنتاج الحيواني، وتحديداً شعبة الأسماك، يمكن القول إن هذا المجال بالنسبة لنا ليس مجرد دراسة أكاديمية، بل هو امتداد لتاريخ عائلي طويل في تربية الأسماك، وعملت مع والدي وأعمامي وأقربائي حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، مستنداً بذلك إلى إرث عائلي عريق ورؤية علمية حديثة.

وعن آلية العمل يوضح: نبدأ أولاً بفتح أحواض ترابية تتناسب مع المساحة المتاحة، ثم يتم تجهيز مصدر المياه الدائم والمناسب وهذه خطوة أساسية، فالسمك يحتاج دائماً إلى مياه جارية ومتجددة، بعد ذلك نوفر الأمهات المخصصة لعملية التفريخ، وغالباً ما نؤمنها من الموسم السابق، ثم يأتي دور الأعلاف التي تشكل جزءاً أساسياً في تغذية الأسماك ونموها.

ويتابع شارحاً تفاصيل العملية: بعد تجهيز الأحواض نقوم بتعبئتها بالمياه، ثم نجري عملية التفريخ في أحواض باطونية صغيرة، حيث يوضع البيض الناتج عن الأسماك، وخلال أربعة أيام تقريباً نراقب البيض حتى يفقس وتخرج منه الأسماك الصغيرة، ثم ننقلها إلى الأحواض الترابية الواسعة، لافتاً إلى أن فترة النمو تمتد ما بين أربعة إلى خمسة أشهر حتى تصل الأسماك إلى حجم مناسب للتسويق، أما الأحجام الكبيرة التي نراها فهي من مواسم سابقة وقد يبلغ عمرها سنة كاملة.

وحول حجم الإنتاج يقول، نحن نتحدث عن إنتاج بمئات الآلاف من الأسماك سنوياً، وهذه الكميات كانت تجد طريقها سابقاً إلى أسواق تركيا والعراق والأردن، إذ كان الطلب مرتفعاً، لكن مع الظروف التي مرت بالمنطقة وتغيرات حركة التجارة، تراجعت إمكانية التصدير بشكل ملحوظ، فتركيا مثلاً لم تعد تستورد منّا على الإطلاق.

أما عن خطط التسويق الحالية فيوضح المهندس الحموي: نعمل اليوم على فتح أسواق جديدة محلياً وفي الدول القريبة مثل دمشق ولبنان والعراق، إلا أن هناك تحديات مرتبطة بعملية النقل، إذ إن الأسماك حساسة جداً لتغير البيئات، وأي تأخير في النقل أو خلل في ظروف المياه ـ مثل درجة حرارتها وبرودتها ـ قد يؤدي إلى نفوق كميات ليست بالقليلة.

بناء شبكة تواصل

وحول الهدف من مشاركته في معرض دمشق الدولي، ينوه الحموي قائلاً: وجودنا هنا فرصة للتعريف بمنتجنا الوطني وإبراز جودة الأسماك السورية، إضافة إلى بناء شبكة تواصل مع التجار والمستثمرين لفتح أسواق جديدة، والمعرض بالنسبة لنا ليس مجرد عرض، بل منصة لتسويق منتجنا، والتأكيد أن المزارع السورية قادرة على المنافسة رغم كل الصعوبات، كما أن مشاركتنا في المعرض رسالة أمل، نريد أن نثبت أن المشاريع الزراعية والسمكية قادرة على دعم الاقتصاد الوطني، فنحن نعمل لنحافظ على هذا النشاط الحيوي ونقدمه كمنتج منافس في الأسواق المحلية والخارجية.

ويختم حديثه برسالة تفاؤل من قلب المعرض قائلاً: وجودنا هنا في معرض دمشق الدولي ليس مجرد مشاركة، بل تأكيد على أننا قادرون على تطوير مشاريعنا رغم كل الصعوبات، فيما نعمل على تقديم منتج وطني مميز، ونطمح أن نحافظ على هذا النشاط الزراعي الحيوي ليكون رافداً اقتصادياً مهماً، مضيفاً أنه رغم الصعوبات، نحن مستمرون في تطوير مشروعنا، لأنه بالنسبة لنا ليس مجرد عمل، بل رسالة للحفاظ على هذا النشاط الزراعي الحيوي، وتقديم منتج وطني قادر على المنافسة. من معرض دمشق، تجتمع الأفكار والمشاريع لتعكس صورة عن إصرار السوريين على العمل والإبداع، ومن بين تفاصيل العمل ومشقة الطريق، يظل الحموي نموذجاً للشباب الريفي الذي جمع بين العلم والإرث العائلي ليؤسس لمشروع يحمل آمال المستقبل، في بيئة لا تزال تبحث عن فرص للنمو والاستقرار.

في النهاية، تظهر هذه المشاريع في المعرض ليس فقط كعرض لإنتاج أسماك ناجح، بل قصة جهد وإصرار تجمع بين العلم والإرث، وتفتح باباً واسعاً نحو مستقبلٍ يحمل فرصاً واعدة للتسويق والتصدير.

آخر الأخبار
مؤتمر "سكريبت" في حلب.. صناعة محتوى وطني في عصر التأثير الرقمي تظاهرات بروكسل.. صرخة لوقف "مشروع تدمير الأوطان" من قبل وكلاء النظام الإيراني  وزير المالية يعلن فتح صفحة جديدة لملف القروض المتعثرة تعزيز التعاون بين وزارتي التربية في سوريا وتركيا الأمن الداخلي بريف دمشق يحبط عملية تهريب أسلحة إلى مناطق “قسد” الداخلية ترحب بتقرير "العفو" الدولية حول الأحداث في السويداء بينهم "المخلوع".. فرنسا تصدر 7 مذكرات توقيف ضد مسؤولين من النظام البائد مدخل دمشق الشمالي.. أرصفة جديدة وتنظيم مروري لتحسين الانسيابية محافظة دمشق: معالجة الانحدارات وتعزيز السلامة الانشائية في "مزة 86" بعد ترميمه بحجر اللبون.. عودة المشاة إلى شارع الأمين أردوغان: لن نترك سوريا وحدها وسنقف إلى جانبها دائماً سوق البيع في المعرض..إقبال على الغذائيات والشركات الصاعدة نحو الواجهة "غلوبال بيس ميشن" الماليزية..من الإغاثة الطارئة إلى دعم التنمية المستدامة في سوريا وزير المالية: خطوات جديدة لتحسين صرف رواتب المتقاعدين "الذرية" تعثر على آثار يورانيوم في موقع بدير الزور وتؤكد تعاون دمشق الجوز في طرطوس.. بين مشقّة الجني وغلاء الأسعار هل تقدم قمة "شنغهاي" نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية محوره الصين؟ تحسين التغذية الكهربائية في دوما سوريا وإيطاليا.. تعزيز مسار العلاقات والتواصل لخدمة المصالح المشتركة تخفيضات تصل إلى 40بالمئة.. إقبال كبير على بازار "عودة المدارس" في طرطوس