الثورة – جهاد اصطيف:
نفذت الضابطة العدلية التابعة للشركة العامة لكهرباء محافظة حلب اليوم، حملة ميدانية شملت عدداً من الأحياء والمراكز الكهربائية، كان أبرزها منطقة المعادي مركز (ج ٦٩) وحي الكلاسة مركز (ج ٣٩)، إذ قام عناصر الضابطة بالكشف المباشر على الخطوط والشبكات وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين والمتعدين على الشبكة.
أهدافها
منذ سنوات، تعاني محافظة حلب من ضغوط كبيرة على الشبكة الكهربائية نتيجة الظروف الاستثنائية التي مرت بها المدينة خلال الحرب، وما رافقها من أضرار هائلة لحقت بالبنية التحتية، وبعد عودة الاستقرار إلى مساحات واسعة من المدينة، عملت ورشات الكهرباء على إعادة تأهيل الشبكات وإصلاح المحولات وإعادة التيار تدريجياً إلى مختلف الأحياء.
ذلك، و برزت ظاهرة الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية بشكل لافت، الأمر الذي شكل تحدياً كبيراً أمام الشركة العامة للكهرباء، إذ يؤدي هذا السلوك إلى حرمان المواطنين الملتزمين من حصصهم العادلة من التغذية الكهربائية، ويؤثر سلباً على استقرار الشبكة ويضاعف الأعطال والانقطاعات.
ولذلك، جاءت هذه الحملة لتأكيد حرص الشركة على فرض القانون وضمان العدالة في توزيع التيار، إضافة إلى حماية الاستثمارات الكبيرة التي بذلتها الدولة في إعادة تأهيل الشبكات والمحطات.
آثار اقتصادية واجتماعية
لا تقتصر خطورة الاستجرار غير المشروع وفقاً لمراقبين، على كونها مخالفة قانونية فحسب، بل يمتد أثرها إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، فكل كيلو واط يتم سحبه بطرق غير شرعية، يعني زيادة في الضغط على الشبكة العامة، وبالتالي ارتفاع نسبة الأعطال وانخفاض ساعات التغذية للمشتركين النظاميين.
كذلك يؤدي هذا السلوك إلى زيادة الخسائر الفنية والمالية للشركة، ما ينعكس سلباً على قدرتها في تنفيذ مشاريع الصيانة والتطوير، وفي كثير من الأحيان، يتسبب الاستجرار غير المشروع بحدوث حرائق في الكابلات أو المحولات نتيجة الأحمال الزائدة، ما يشكل خطراً مباشراً على السلامة العامة.
العدالة في التوزيع
تشدد الشركة العامة لكهرباء حلب، وفق بياناتها، على أن الهدف الأساسي من هذه الحملات ليس معاقبة المواطنين بقدر ما هو تحقيق العدالة بين المشتركين، فالأهالي الذين يدفعون فواتيرهم بانتظام من حقهم أن يحصلوا على تغذية مستقرة، وهو ما لن يتحقق إلا إذا توقف الآخرون عن الاعتداء على الشبكة.
كما تؤكد مصادر في الشركة أن الحملة مستمرة، ولن تكون محدودة بمناطق معينة، بل ستشمل الأحياء تباعاً كافة، حيث يتم وضع برنامج دوري للمتابعة والتدقيق، وأن الهدف من الحملة ليس فقط تنظيم الضبوط، بل أيضاً نشر التوعية بين الأهالي حول خطورة الاستجرار غير المشروع.
أبعاد اجتماعية واقتصادية
من المعروف أن مدينة حلب تعاني ضغوطاً معيشية كبيرة، والكهرباء تشكل عنصراً أساسياً في حياة الأسر والمنشآت الصناعية والتجارية، ومع أن البعض قد يبرر لجوءه إلى الاستجرار غير المشروع بدوافع الحاجة، إلا أن ذلك لا يبرر الإضرار بالجميع، فالخسائر التي تتكبدها الشركة بسبب هذه الممارسات تصل في بعض التقديرات إلى مليارات الليرات سنوياً، وهي مبالغ كان يمكن استثمارها في تحسين الشبكة وتوسيع المشاريع.
كما أن الاستجرار غير المشروع يعمق حالة انعدام الثقة بين المواطنين، حيث يشعر المشترك النظامي بالظلم حين يرى جاره يحصل على الكهرباء بطرق غير قانونية، بينما هو يلتزم بدفع الفواتير ويتحمل الانقطاعات المتكررة.
تعاون مجتمعي مطلوب
لاشك أن نجاح هذه الحملات يعتمد أيضاً على تعاون الأهالي في الإبلاغ عن الحالات المخالفة، وفي التمسك بثقافة الالتزام بالقانون، فالكهرباء ليست مجرد خدمة، بل هي حق عام يرتبط بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، وأي اعتداء عليها يعد اعتداءً على حقوق جميع المواطنين.
ويشير مراقبون إلى أن تعزيز هذا الوعي، يحتاج إلى حملات إعلامية متوازية مع الحملات الميدانية، بحيث يتم شرح الأضرار بلغة مبسطة يفهمها الجميع، مع التأكيد على أن القانون سيطبق بحق المخالفين من دون استثناء.
عموماً، يبقى الرهان الأكبر على وعي المواطن، لأن أي جهود تبذلها المؤسسات لن تؤتي ثمارها ما لم يقابلها تعاون شعبي يضع المصلحة العامة فوق المصالح الفردية.