سوريا الجديدة في الاستراتيجية الأميركية.. دعم سيادة الدولة ووحدة أراضيها

الثورة – فؤاد الوادي:

منذ اللحظات الأولى لسقوط النظام البائد، بدت المقاربة الأميركية للواقع السوري براغماتية إلى حد كبير، حيث برزت الإيجابية الأميركية، كعنوان عريض، لإعادة ترتيب أوضاع الشرق الأوسط من جديد، ولإعادة بلورة العلاقات الأميركية السورية على أساس المصالح المشتركة بين دمشق وواشنطن، لاسيما بعد خروج سوريا الجديدة من الفلك الإيراني -الروسي، والذي لطالما شكل مصدر قلق للجانب الأميركي وعلى مدار عقود طويلة.

هذه المقاربة الأميركية، التي تجسدت فيما بعد، لتصبح استراتيجية معلنة، كانت ولا تزال تشكل الدافع الأبرز وراء الدعم الأميركي المتواصل والمستمر لجهود الدولة السورية في إعادة الحياة لسوريا المنهكة والمنعزلة، والتي لا يمكن أن يكون لها أي معنى، في حال كانت وحدتها وسيادتها مستهدفة ومهددة، سواء أكان ذلك من الداخل، أم كان ذلك من الخارج، وهذا ما بات في العرف الأميركي خطاً أحمر، لأن وحدة سوريا باتت تشكل جزءاً أساسياً من الأمن القومي الأميركي.

هذا الكلام ليس استقراء لصيرورة وتطورات الأحداث فحسب، بل هو تصريحات صدرت عن مسؤولين أميركيين، كان آخرها تصريحات النائب الجمهوري جو ويلسون، الذي أكد في مقال نشره أمس على موقع “بريت بارت” الأميركي، أن وحدة سوريا جزء أساسي من الأمن القومي الأميركي.

كلام ويلسون، يحمل ما هو أبعد من الرسائل السياسية، إلى التحذيرات الواضحة، سواء إلى تلك الأطراف في الداخل السوري التي باتت أسيرة تبعيتها وطموحاتها وأوهامها الانفصالية والتقسيمية، أو إلى دول إقليمية ودولية بعينها، تحذيرات بأن العبث في أسس وركائز الدولة السورية، بات ممنوعاً في الاستراتيجية الأميركية، لأنه- وبحسب ويلسون- فإن تقسيم سوريا لن يعني سوى حروب متجددة، وعودة “داعش”، وفتح الباب أمام عودة النفوذ الإيراني، انطلاقاً من أن سوريا المستقرة والموحدة التي تُمثّل جميع مكوناتها، هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق من أجل السلام والاستقرار الإقليمي.

التعاطي الأميركي مع سوريا الجديدة، ينطلق من نظرة براغماتية لتطورات اللحظة واستقراء المستقبل، الذي بات يفرض على الولايات المتحدة كقوة عالمية مؤثرة ومهيمنة في العالم أن تقارب قضايا وصراعات الشرق الأوسط من منظور مختلف يحافظ على وحدة وسيادة الدول ويبتعد عن إثارة النزاعات والحروب لأن ذلك، بحسب النائب الأميركي ، أغرقها خلال المرحلة الماضية في مستنقع الشرق الأوسط من دون خطط واضحة.

لذلك كانت المقاربة الأميركية للواقع السوري الجديد بعد سقوط النظام البائد مختلفة جداً، انطلاقاً من رؤية واستراتيجية جديدة تدعم تماسك وقوة الدولة ووحدة أراضيها وسيادتها.

ويلسون، قال في مقالته:” إن الإدارة الأميركية تستغل فرصة استراتيجية تاريخية في سوريا ولبنان، لإقصاء روسيا والصين وإيران، وإنهاء الحروب التي لا تنتهي، مع تعزيز المصالح الأميركية والأمن الإقليمي، وبدلاً من أفكار الماضي الفاشلة التي غرقت بالمخططات الأيديولوجية لبناء الأمم وأوقعت الأميركيين في مستنقع الشرق الأوسط من دون خطط واضحة، يتعامل الرئيس ترامب مع الشرق الأوسط بواقعية وبراغماتية، إن جهود الرئيس ترامب والسفير باراك للحفاظ على وحدة سوريا تشكل جزءاً أساسياً من الأمن القومي الأميركي”.

وأضاف: “إن سقوط نظام الأسد في سوريا في كانون الأول الماضي كان بمثابة لحظة “سقوط جدار برلين” بالنسبة للشرق الأوسط، على مدى عقود، كان الأسد الشريك الأهم لإيران، ما مكن “حزب الله” من زعزعة استقرار لبنان وإشعال الصراعات المستمرة، واليوم، لم يعد لإيران أي وجود في سوريا، كما أن دمشق قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران كلياً”.

وتابع: “استغل الرئيس ترامب هذه الفرصة عبر خطوة استراتيجية بارعة، إذ رفع العقوبات والقيود على الصادرات بشكل غير مشروط ليحول عدواً للولايات المتحدة منذ 50 عاماً إلى شريك من دون إطلاق رصاصة واحدة أو نشر قوات إضافية، هذه الخطوة لم تمنح سوريا فقط فرصة للتعافي، بل ساعدت أيضاً في تهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين السوريين طوعياً، وقد عاد بالفعل مليون سوري، وهو تطور له آثاره العميقة على كل من أوروبا والولايات المتحدة، كما أن رفع العقوبات والقيود على الصادرات يساعد اقتصادنا عبر ضمان أن تكون الشركات الأميركية، وليس روسيا أو الصين، في مقدمة جهود إعادة الإعمار”.

ويلسون طالب في مقالته الكونغرس الأميركي بإلغاء قانون “قيصر” المفروض على سوريا، وذلك في إطار خطة رفع العقوبات التي أقرّها ترامب، ما يمنح سوريا فرصة للتعافي، وتهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين السوريين طوعياً.

كلام السيناتور الأميركي ، جاء بالتزامن مع اقتراح لرئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي روجرز ويكر إلغاء قانون قيصر المفروض على سوريا، عن طريق إدخاله ضمن مسودة قانون موازنة الدفاع لعام 2026.

ويأتي هذا التطور بعد إعلان فريق التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار في الكونغرس، عن حصوله على موافقة مبدئية من أربعة أعضاء في مجلس النواب لدعم وتمرير مشروع قانون قدمه النائب جو ويلسون بالتعاون مع النائبة مارلين ستدمان لإلغاء قانون قيصر.

وفق تلفزيون سوريا، أشار الفريق إلى أنه التقى بالسيناتور راندبول الذي قدم بدوره مشروعاً مشابهاً في مجلس الشيوخ يهدف إلى رفع العقوبات عن سوريا.

وقال ويلسون في تغريدة على منصة إكس أمس عقب لقائه التحالف السوري الأميركي: “ممتن للقاء الأميركيين السوريين لمناقشة العمل الحاسم لإلغاء قانون قيصر، شكراً لكم على جهودكم لدعم سوريا الحرة!”.

وفي وقت سابق أمس، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، خلال لقائه في دمشق وزير الخارجية أسعد الشيباني، أن الأمم المتحدة تدعم سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وسعيها لتحقيق السلام والاستقرار الداخلي.

وأبدى بيدرسن احترام الأمم المتحدة الكامل لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، مؤكداً ضرورة إنهاء “الانتهاكات الإسرائيلية”، ومعالجة القضايا الداخلية في سوريا من خلال الحوار وبذل جهود حقيقية لبناء الثقة.

آخر الأخبار
اقتصاد سوريا بعد الحرب.. تدفق الشركاء الأجانب رغم المخاطر هل مستعدون للعودة إلى المدارس؟ الأهل وأبناؤهم بين الضيق وتأمين المستلزمات عودة الصفقات الضخمة.. مؤشر إيجابي لنشاط استثماري شهر المونة والعودة للمدرسة..ضغوط اقتصادية ترهق الأسر مشروع القانون المالي الجديد.. استقلالية أم تحميل أعباء إضافية؟ العميد غسان باكير يعلق على جريمة قتل أب لأسرته في ريف إدلب لقاء في إدلب يجمع الهيئة الوطنية للمفقودين بعائلات المعتقلين.. تأكيد على الشفافية والتواصل ارتفاع متواصل لأسعار اللحوم الحمراء في أسواق طرطوس "إسرائيل " تستهدف"جائعي غزة".. وتدمر الأبراج السكنية فرنسا تلاحق الأسد دولياً.. مبدأ الولاية القضائية العالمية تصنع عدالة بلا حدود من مشروع متناهي الصغر إلى الحصول على العلامة المسجلة سوريا الجديدة في الاستراتيجية الأميركية.. دعم سيادة الدولة ووحدة أراضيها وسط توافق جمهوري ديمقراطي.. هل اقترب الكونغرس من إلغاء قانون قيصر؟ بسبب تراجع الإنتاج.. مزارعو حماة يطالبون بتأجيل الديون الزراعية وتقسيطها التعليم والعمل والمواطنة الفاعلة.. تحديات الحاضر وآفاق المستقبل "شهادات للبيع".. وجامعة خاصة في قفص الاتهام المياه الجوفية.. كنز مهدور في زمن العطش الموسم الزراعي تحت تهديد الجفاف.. وتحديات جسيمة السكن العشوائي بحلب.. معاناة مستمرة بين غياب التنظيم وتهديد الهدم "ذاكرة اعتقال"..  حلب تُحيي ذاكرة السجون وتستحضر وجع المعتقلين