مشروع القانون المالي الجديد.. استقلالية أم تحميل أعباء إضافية؟

الثورة – إخلاص علي:

تتجه الحكومة نحو منح المؤسسات الاقتصادية العامة والوحدات الإدارية استقلالية مالية وإدارية، محاولة بذلك تصحيح مسار الإنفاق وتحسين الأداء المؤسساتي.

لكن هذه الخطوة، التي تبدو طموحة على الورق، تحمل في طيّاتها مخاطر جدية قد تزيد من أعباء الفئات الأضعف، خصوصاً في المناطق الريفية ذات الموارد المحدودة، إذ يختلط الطموح بالإرهاق الاقتصادي، ويتحول الإصلاح إلى معاناة للمواطن.

تشكيك مشروع

مشروع القانون المالي الجديد باستقلاليته سيجعل من المؤسسات والوحدات الإدارية مسؤولة عن تأمين إيراداتها وتغطية نفقاتها ذاتياً من دون دعم مباشر من الموازنة العامة التي ستكتفي بالإشراف ومتابعة التقارير الدورية.

لكن السؤال هو: هل كل الجهات المعنية بهذا الأمر ستكون قادرة على تمويل نفسها؟ وأيّ تميّز سيتركه القانون بين الوحدات الإدارية؟ وهل ستضمن استقلالية المؤسسات عدم تحميل المواطن أعباء إضافية؟!.

تعليقاً على هذا الموضوع، يرى الخبير المالي والمصرفي أنس الفيومي أن هذه الاستقلالية تفتح المجال أمام المؤسسات لإدارة مواردها بشكل أكثر حرية، ما يشجعها على تحسين الأداء وتقليل الهدر المالي، ويجعلها أكثر قدرة على اتخاذ قرارات مالية مناسبة وفقاً لظروفها الخاصة، كما يفترض أن يُحفّز القانون الجديد على ربط التمويل بالنتائج وتحقيق أهداف محددة، ما يُعزّز الحوكمة الرشيدة.

تدني جودة الخدمات

وحول التحديات التي ستواجه الوحدات الإدارية محدودة الموارد في الأرياف، فقد حذّر الفيومي من أن الوحدات الإدارية في الريف بالكاد تملك موارد تغطي نفقاتها الأساسية، وتحميلها المسؤولية كاملة تمويلياً، من دون دعم موازن يهدّد استمرارية خدمات الصحة والتعليم والمواصلات، وسيؤدي إلى زيادة الرسوم وتقليص الخدمات، ما يفاقم معاناة المواطن.

مضيفاً أنه في ظل اقتصادات محلية ضعيفة، سيصبح ضغط التمويل عبئاً كبيراً يدفع السكان إما لتحمل أعباء مالية إضافية وإما خسارة جودة الخدمات.

وفيما يخص الانعكاسات المباشرة على حياة المواطن، أوضح أن الوحدات الإدارية التي تعتمد على الاستقلال الذاتي في التمويل قد تلجأ لفرض رسوم جديدة على الخدمات أو تخفيضها، وبالتالي، سيدفع المواطن، خاصة في المناطق الهشة اقتصادياً، ثمن هذا التحول من جيبه الخاص، ما يزيد من ضعف القدرة الشرائية ويوسع فجوة التفاوت بين المدن والأرياف.

مهم لاستقرار السياسة النقدية

وحول انعكاس السياسة الجديدة على المصرف المركزي وتأثيرها على السياسة النقدية، بيّن أن تدخل وزارة المالية المستمر في السياسة النقدية، ومن بينها تعيين المديرين والتحكم بخطط التمويل والسيولة، يقوّض استقلالية مصرف سوريا المركزي ويضعف قدرته على استقرار الأسعار وسعر الصرف، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد وثقة المستثمرين.

مؤكداً أن هذه الحالة من التشابك المؤسساتي تضيف ضغوطاً على الاقتصاد الوطني وتزيد من تعقيد تطبيق الإصلاحات المالية.

وبحسب الفيومي، فإن الاستقلالية المالية للمؤسسات الحكومية تمثل خطوة إصلاحية جادة نحو تحديث الاقتصاد وتحسين الأداء، لكن نجاحها مرهون بوضع ضمانات دعم خاصة للوحدات ذات الموارد المحدودة، خصوصاً في الريف، للحفاظ على استمرارية الخدمات وحماية المواطن من أعباء مالية إضافية.

علاوة على ذلك، فإن تعزيز استقلالية مصرف سورية المركزي وصيانتها من التدخلات السياسية هو شرط ضروري لاستقرار السياسات النقدية، وبالتالي لنجاح الإصلاح المالي الشامل.

يمكن القول: إن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق توازن بين تمكين المؤسسات مالياً وإدارياً، وبين توفير شبكة أمان اجتماعية تضمن ألا يكون المواطن البسيط هو مَن يحصد نتائج هذه الإصلاحات الاقتصادية.

آخر الأخبار
لا تعديل على الخبز التمويني .. ومدير المخابز يوضح لـ"الثورة" رغم وقف إطلاق النار.. غزة بين الحياة والموت التشبيح المخملي الذي جَمَّل براميل الأسد .. حين صار الفن أداة قتل الأمم المتحدة: إعادة بناء سوريا أمر حيوي لتحقيق الاستقرار  إعلان تلفزيوني يشعل الحرب التجارية بين ترامب وكندا مجددا  تحسين بيئة الأعمال شرط لتعزيز التنافسية  الاقتصاد السوري مبشّر ومغرٍ وعوامل نهضته بخطواتها الأولى  درع وزارة الرياضة والشباب.. بطولة جديدة تكشف واقع السلة السورية كأس الدرع السلوية.. الأهلي يُلحق الخسارة الأولى بالنواعير جامعة الفرات تناقش مشروع قانون الخدمة المدنية  بعد سنوات من الغصب والتزوير.. معالجة ملف الاستيلاء على العقارات المنهوبة حزمة مشاريع استراتيجية في "مبادرة مستقبل الاستثمار" بالرياض  رامي مخلوف.. من المال والاقتصاد إلى القتل والإجرام   بعد تضاعف صادراتنا.. مطالبات بتحديث أجهزة الفحص وتوحيد الرسوم توقيع اتفاق سلام كمبودي - تايلاندي لإنهاء نزاع حدودي التأمينات الاجتماعية تسعى لرفع الوعي التأميني لتحقيق أفضل الخدمات جدل حاد في "إسرائيل" حول مشروع قانون لإنقاذ نتنياهو دمشق ترسم معالم حضورها الدولي بثقة وثبات المشاركة السورية بـ"مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض".. خطوة محورية بمعركة الدبلوماسية والاقتصاد زيارة الشرع إلى الرياض.. ترسيخ سوريا الجديدة واستعادة دورها إقليمياً