الثورة-منهل إبراهيم:
تواجه إيران خطر عودة العقوبات الأممية عبر آلية “تفعيل الزناد”، “سناب باك”، التي تعيد تلقائيا فرض إجراءات عقابية في حال أخلت طهران بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وتعتبر إيران من أكثر الدول خضوعا للعقوبات في العالم، إذ تراكمت عليها عقوبات متعددة منذ عام 1979، وبينما تخضع بالفعل لعقوبات أميركية وأوروبية خانقة، قد تجد طهران نفسها في عزلة دبلوماسية أكبر.
أتاح الاتفاق النووي لعام 2015 رفعا جزئيا لبعض من هذه العقوبات الأممية، ما منح طهران فترة من الانفراج الاقتصادي، لكن انسحاب أميركا من الاتفاق عام 2018، خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، أنهى هذه الانفراجة بسرعة، وأعادت واشنطن فرض عقوبات قاسية استهدفت النفط وقطاع الطيران والتعدين، فيما منعت استخدام الدولار في التعاملات الاقتصادية مع إيران، وإلى جانب العقوبات الأميركية، فرض الاتحاد الأوروبي منذ عام 2011 عقوباته الخاصة على طهران.
كما فرض الأوروبيون عقوبات على خلفية الأنشطة النووية لطهران ودعمها العسكري لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، ومدد الاتحاد هذه العقوبات حتى نيسان 2026 المقبل على الأقل.
وشملت الإجراءات الأوروبية حظرا على استيراد الغاز الطبيعي والنفط الخام الإيراني ومنع بيع الأسلحة أو المعدات التي قد تُستخدم في قمع الداخل، إضافة إلى منع التعامل مع كيانات مثل “الحرس الثوري”، كما استهدفت العقوبات القطاع المالي، عبر تقييد عمل البنوك الإيرانية وحرمانها من نظام التحويلات العالمي “سويفت”.
والأسبوع الماضي، منحت فرنسا وبريطانيا وألمانيا إيران مهلة شهر للتفاوض بشأن برنامجها النووي، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستُفعّل آلية “سناب باك” خلال أقل من 30 يوما، ما سيؤدي إلى إعادة فرض عقوبات أممية تشمل حظر السلاح، منع تطوير أو اختبار الصواريخ الباليستية، تجميد الأصول المالية، وفرض قيود على سفر المسؤولين الإيرانيين.
كما ستحظر الإجراءات أي أنشطة تخصيب أو إعادة معالجة لليورانيوم فضلا عن تجميد عدة مشاريع تعاون في قطاعات الطاقة النووية، والملاحة، والطيران، وتوقف بعض الصادرات.
تتميز العقوبات الأممية بأنها تلزم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك روسيا والصين، حليفتا إيران.
ويوضح دافيد ريغوليه-روز، رئيس تحرير مجلة Orients Stratégiques أن “العقوبات الأممية تتمتع بثقل قانوني دولي لا تمتلكه العقوبات الأميركية”. وتصبح الأوضاع أكثر تعقيدا بالنسبة للصين، التي تشتري النفط الإيراني، على الرغم من محاولاتها المستمرة لتجنب العقوبات الأميركية عبر تمويه مصدر النفط بطرق مختلفة مثل خلط الشحنات.
وإذا أعيد فرض العقوبات الأممية على إيران، حتى وإن لم تشمل حظرا مباشرا على النفط، فإن ذلك سيضع بكين في موقف حرج كونها المستورد الرئيسي للنفط الإيراني.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية تُقلل بعض التحليلات من الأثر الاقتصادي المحتمل لتلك العقوبات، وترى مجموعة الأزمات الدولية أن التأثير المالي سيكون “طفيفا مقارنة بالعقوبات الأميركية الأحادية الشديدة”.
لكنها تستدرك بالقول إن هذه الإجراءات “ليست رمزية فقط”، نظرا لاتساع نطاقها وصعوبة التراجع عنها في ظل الانقسامات داخل مجلس الأمن، وقد تؤدي هذه الإجراءات إلى تعقيد وضع الاقتصاد الإيراني، المتضرر أصلا من التضخم الحاد، والأزمة النقدية، وتدهور البنى التحتية.
وتخشى إيران هذه العقوبات الأممية لأنها تضعها في موقف قانوني ضعيف قد “يُبرر شن هجوم إسرائيلي جديد”، بحسب تحليل تييري كوفيل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) والمتخصص في الشأن الإيراني.