بين الاجتماعات وإطلاق الحملات.. هل تنجح الخطط في الحد من التسول!؟

الثورة – مريم إبراهيم:

في الوقت الذي ينشغل فيه كثير من الأطفال والأسر في التحضير لبدء العام الدراسي وتأمين المستلزمات الضرورية، كما كل عام دراسي ينتظره الجميع، هناك على الجانب الآخر أطفال بدوا خارج هذا المحور، بعيدين تماماً عن أي تحضيرات للعام الدراسي أو حتى وجود نية الدخول للمدارس، والسبب امتهانهم مهنة التسول والتي بنظرهم تؤمن لهم دخلاً مناسباً، لسبب وظروف معينة وجدوا أنفسهم في الشوارع وتحت مسمى متسولين، بعيدين عن كل ما يخص الدراسة والتعليم.
الأمر يبدو ملفتاً للغاية، فواقع هؤلاء الأطفال ينذر بكوارث كبيرة تهدد مستقبلهم وحياتهم في حال استمرار الحال، وعدم معالجة المشكلة بالطرق والحلول الناجعة والحد من ظاهرة تفتك بالفرد والمجتمع وتتسع دائرة انتشارها يوماً بعد آخر.
بالطبع ليس بجديد تناول ظاهرة التسول والحديث عنها وعن أخطارها وآثارها السلبية التي يؤكد عليها الخبراء والمختصين وكذلك مختلف الجهات المعنية بمعالجة المشكلة.

طرح جديد

إلا أن الجديد الذي يمكن أن يطرح حالياً بشأن ظاهرة التسول وتسليط الضوء في نواحي الطرح، وإبداء المقترحات والآراء التي من شأنها معالجة التسول، والحد منه كظاهرة اجتماعية لم تعد مجرد حاجة لفئة محتاجة من دون أخرى، بل باتت تأخذ أشكالاً شتى لتتحول إلى باب رزق يومي يستسهله البعض ويدعون الحاجة المادية، وهم غير ذلك، إضافة لما يحدث من استغلال أطفال في سن المدارس وإجبارهم على التسول لمزيد من الكسب المادي.

والجديد بدا في جملة استعدادات تعمل عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مع باقي جهات معنية بظاهرة التسول لإطلاق حملة وطنية شاملة تهدف للحد من انتشار التسول وتعزيز آليات الحماية والتأهيل للفئات المستهدفة، إذ عقدت لجنة معالجة ظاهرة التسول اجتماعها الأول في مقر الوزارة، بمشاركة الوزيرة هند قبوات وممثلين عن الوزارات المعنية، لبحث الاستعدادات لإطلاق الحملة الوطنية لمعالجة التسول، ومناقشة محاور عدة حول استقطاب الفئة المستهدفة، وتجهيز مراكز الحماية والتأهيل، وخدمة إدارة الحالة، والدعم النفسي والصحي، إلى جانب تقديم خدمات قانونية وتعزيز الدمج المجتمعي لمن هم في دائرة التسول وأخطاره المحدقة التي لا يمكن إغفالها أو تجاهلها بأي شكل من الأشكال، في زمن وظروف صعبة تستدعي المعالجة ووضع الحلول اللازمة.

ولاشك أن الاجتماع الأول لهذه اللجنة اتخم بكثير من النقاش والطرح والمقترحات والتي جاءت بعد سلسلة اجتماعات أولية تشاورية بين مختلف الجهات والوزارات المعنية، و ممثلي المجتمع المدني والمنظمات الأهلية التي يتعزز دورها التشاركي مع باقي الجهات في طرح الظاهرة والعمل على معالجتها، فالظاهرة المستمرة بالتزايد والانتشار لا تقتصر على منطقة أو أحياء معينة من دون أخرى، بل هي حاضرة في كل الأحياء والمحافظات ومن شرائح عمرية مختلفة، أطفالاً وكبار السن وغيرهم، في مشهد اجتماعي ينذر بكثير من القلق والخوف وضرورة الحذر والإسراع بالمعالجة لتجنب أكبر قدر من نتائج وسلبيات الظاهرة، خاصة على الأطفال الذين باتوا يهجرون مقاعد الدراسة ليجدوا الشوارع والتسول ضالتهم المنشودة.

يتحدث عن نفسه

ونظراً لأن واقع مشهد التسول هو بحد ذاته يتحدث عن نفسه، وأكبر دليل على تفاقم المشكلة، قد لا تحتاج هذه اللجنة المكلفة بمعالجة التسول إلى كثير من البحث والتقصي في حيثيات المشكلة وتفنيد جوانبها ودراستها، لوضع رؤى وتصورات بشأن الحد منها، مع التركيز على الأطفال وهم في قلب المشكلة.

فالكلام والتصريح في أن الهدف هو الطفل لن يكون بذي جدوى إن لم يقترن بالفعل والعمل الجاد، والأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي تخدم موضوع العلاج، في وقت تبدو فيه السرعة في المعالجة ضرورية، مع التطلع لانتشال الأطفال من التسول وتعليمهم أنشطة مختلفة، أو تأهيلهم وتدريبهم لتعلم مهنة مناسبة يستطيعون من خلالها أن يكسبوا دخلاً مادياً يساعدهم في حياتهم بدل أن يكون متسولين في الشوارع وعلى الأرصفة هنا وهناك.

ليست الوحيدة

وملف التسول هو بحد ذاته من الملفات ذات الأهمية الكبيرة التي تلامس مختلف القضايا المجتمعية، ولا يخص الملف وزارة الشؤون الاجتماعية الوحيدة المعنية بهذا الملف، بل هناك وزارات أخرى لها حصة كبيرة في المشاركة في معالجة ظاهرة التسول والحد منها، مع تشاركية المجتمع المدني والخبراء والمختصين الاجتماعيين والنفسية والتربويين، وغيرهم.

الباحثة الاجتماعية سمر هلال تبين في حديثها لصحيفة الثورة، ضرورة الإسراع في إيجاد حلول لظاهرة التسول التي تنتشر بكثرة، والمتسولون ينتشرون في جميع الشوارع منهم من هم بحاجة مادية، ومنهم بدا وكأنه امتهن التسول كمهنة تدر دخلاً دون تعب أو مجهود مرهق، لكن ما يثير الخوف ومهم أخذه بعين الاعتبار هم الأطفال الأكثر عرضة للخطر، حيث زاد انتشار التسول والتشرد نتيجة لما أفرزته الحرب على سوريا  من آثار سلبية ودمار وتهجير وغير ذلك، لنجد الأطفال ضحية كبيرة في خضم هذا المشهد المأساوي المؤلم.

فمنهم من وجدوا أنفسهم مجبرين وضحية العوز والحاجة المادية، وفي الوقت الذي يجب أن يكون هؤلاء الأطفال في مدارسهم وعلى مقاعد الدراسة كما بقية أقرانهم نجدهم في الشوارع غير عابئين بمدارس أو تعليم، حيث التسرب المدرسي من الأسباب التي زادت من التسول، ويلحظ الزيادة الملفتة في إعداد المتسربين من المدارس من أعمار مختلفة، وهذا مؤشر يدعو للقلق، ويجب أن تأخذه الجهات التربوية بعين الاعتبار وتعمل على معالجته والحد منه حفاظاً على هؤلاء الأطفال وضماناً لمستقبل تعليمي مناسب لهم، فهم بالنهاية الأجيال التي تبني المستقبل.

وتؤكد الباحثة هلال على ضرورة أن تولي كل جهة معنية بالتسول اهتمامها وتشارك في الحد من الظاهرة، فهناك وزارات التربية التي يجب أن تعالج مشكلة التسرب المدرسي والبحث في أسبابه، وأهمية سن قوانين مناسبة بالتوازي مع دعم هذه الفئة الهشة من المجتمع والعمل على إعادة تأهيلها ودمجها بين مختلف أفراد المجتمع، وخاصة المتسربين من المدارس من الأطفال، ومعاقبة كل من يستغلهم في أعمال أخرى، ويسبب لهم اكتساب سلوكيات لا تليق بهم كأطفال، ولا تليق أبداً بصورة الطفل السوري بشكل عام، فأي طفل في عمر سنوات الدراسة مكانه الحقيقي هو المدرسة وليس الشارع، فالمدرسة هي البيئة الحاضنة لهم، وهي التي تبني أجيال الغد والمستقبل.

على المحك

بالعموم تطلعات وآمال تعلق على عمل لجنة معالجة ظاهرة التسول بعد اجتماعها الأول في الظروف الحالية، والجدية التي تبديها الشؤون الاجتماعية لمعالجة التسول، ولحين إطلاق الحملة الوطنية الشاملة للحد من انتشار التسول، ووضع خطط المعالجة بشأنها، يبقى المهم حالياً تكثيف الجولات في الشوارع ورصد الظاهرة، حيث عملية الرصد تعد دافعاً ومساعداً في وضع حلول مناسبة تخدم الهدف وتحقق الغاية المطلوبة للحد من مشكلة اجتماعية متفاقمة، وتبقى الآمال أن تكون النقاشات والطرح والنيات الجديدة في المعالجة خطوة البداية والنور المرتقب في طريق العمل الذي يحلم به الجميع لواقع أفضل وحلم أجمل.

آخر الأخبار
تعاون متجدد بين وزارة الطوارئ واليونيسف لتعزيز الاستجابة تبادل الخبرات والاستثمارات السياحية مع الإمارات اجتماعات وزارية مشتركة في الرياض.. فرص استثمارية واعدة وتعاون زراعي استكمال مشروع دار المحافظة بدرعا ينطلق من جديد حماة تستعد لانطلاق مهرجان ربيع النصر إدخال بطاطا وخضار مستوردة يلحق خسائر  بمزارعي درعا طرطوس تبحث رؤيتها الاستثمارية والتنموية أبناء عشائر السويداء يؤكدون حقهم في العودة لمنازلهم وأراضيهم منصة صحية ومركز تدريب سعودي- سوري مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة