الثورة – ناديا سعود:
لا تزال معاناة الأهالي في عرطوز والجديدة وصحنايا وقدسيا مع انقطاعات الكهرباء تتصدر أحاديث المجالس اليومية، وسط حالة من الاستياء المتزايد جراء غياب العدالة في التوزيع، وتكرار الوعود بتحسين الواقع دون أن يلمس المواطنون أي تغيير حقيقي.
الكهرباء باتت ضيفاً عابراً لا نعرف متى يحضر ومتى يغيب، هكذا يلخص أبو محمود، أحد سكان عرطوز، المشهد. ويضيف بلهجة يائسة: نعيش خمس ساعات في اليوم بالعتمة، لا برنامج تقنين واضحاً، وأحياناً تنقطع الكهرباء لساعات طويلة فجأة، ما يؤدي إلى فساد الأطعمة وتوقف أعمال الناس.
في الجديدة، تصف أم ناصر معاناة عائلتها: لدي طلاب جامعيون لا يستطيعون متابعة دراستهم عبر الإنترنت، ساعات الكهرباء القليلة لا تكفي حتى لشحن الأجهزة وتشغيل مضخة المياه، كيف يمكن لأسرة أن تدير شؤونها في هذا الوضع؟.
أما صحنايا، التي لطالما اعتبرت منطقة نشطة تجارياً، فقد انعكس غياب الكهرباء على محالها وأسواقها.
يقول الشاب حسام: الوعود تتكرر كل شهر: إصلاح قريب، تحسن مرتقب، لكن الواقع يزداد سوءاً، نطالب على الأقل بتوزيع عادل بين الأحياء، فهناك مناطق مضاءة فيما مناطق أخرى غارقة في الظلام.
وفي قدسيا، تشعر السيدة ميساء أن الحلول لم تتجاوز التصريحات: الكهرباء تأتينا في ساعات متأخرة من الليل، حتى لو توفرت، لا نستفيد منها، كم مرة قيل إن هناك خططاً لتحسين الشبكة؟ لكن النتيجة واحدة: عتمة ووعود مؤجلة.
ورغم تكرار تصريحات المسؤولين حول مشاريع إصلاح الشبكات وتخفيف التقنين، يؤكد الأهالي أن الفجوة بين الكلام والتنفيذ باتت واسعة، وأن صبر الناس يوشك على النفاد.
لتبقى الأسئلة مفتوحة: إلى متى ستبقى الكهرباء في ريف دمشق أزمة يومية بلا حلول جذرية؟ وهل تكفي الوعود لطمأنة الشارع المتعب؟
واقع التوزيع
مدير الشركة العامة لكهرباء محافظة ريف دمشق المهندس سامر لطوف في حديثه مع صحيفة الثورة شرح واقع ساعات توزيع الكهرباء في مناطق ريف دمشق (جديدة عرطوز، داريا، قدسيا، المعضمية)، مؤكداً أن عدة عوامل تتحكم في برنامج التقنين المطبق حالياً، ويأتي في مقدمتها تراجع القدرة التوليدية، إذ تعمل محطات الكهرباء بطاقة أقل بكثير من المطلوب نتيجة النقص الحاد في مادتي الغاز والفيول، إلى جانب خروج بعض المجموعات عن الخدمة لاحتياجها إلى الصيانة، ما يفرض برنامج تقنين قاس.
وأوضح أن الأولوية في التوزيع لا تكون متساوية بين مختلف المناطق، إذ تمنح بعض المرافق الحيوية مثل المستشفيات، مضخات المياه، والمراكز الرئيسة، ساعات وصل أطول لضمان استمرار خدماتها، وهو ما ينعكس مباشرة على المناطق السكنية.
وبين المهندس لطوف أن الفروقات بين المحافظات تلعب دوراً أساسياً في تفاوت ساعات الوصل، فبينما يُعلن عن برنامج معياري يصل إلى 8 ساعات وصل يومياً، لا تتجاوز ساعات التغذية الفعلية في أرياف دمشق 4 إلى 6 ساعات فقط، نتيجة زيادة الاستهلاك وتهالك الشبكات المغذية وسوء البنية التحتية، الأمر الذي يؤدي إلى أعطال متكررة.
وأضاف: إن التجاوزات وحالات سرقة الكهرباء في بعض المناطق، إلى جانب الأعطال الطارئة على الشبكات الفرعية، تسهم كذلك في تقليص ساعات التغذية عن البرنامج المعلن.
وبذلك، يتضح أن أزمة الكهرباء في ريف دمشق ليست مرتبطة ببرنامج واحد ثابت، بل تتأثر بجملة من العوامل التقنية واللوجستية، ما يجعل التقنين أكثر حدّة مقارنة ببعض المحافظات الأخرى.