الثورة – وعد ديب:
اعتبر الدكتور في العلوم المالية والمصرفية في جامعة حلب والخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو، أن سياسة الإقراض في سوريا تعاني من ترهلات، أيام النظام البائد، وما زالت إلى يومنا هذا مستمرة بذلك، ولابد من إعادة النظر بها من جديد.
وتابع: كان الإقراض سابقاً يتركز في قطاعات محددة، وفيه الكثير من العراقيل والتعثرات، وكان لا يوجد ثقة بالواقع الإنتاجي والخدمي وحتى الأمني، ومن هنا كانت مخاطره كبيرة، ناهيك عن وجود حجم ديون متعثرة لدى المصارف، سواءً أكانت خاصة أم عامة بشكلٍ كبير، وأن هذه المصارف لا تتجه لقطاع التمويل للمشاريع الصغيرة، وكان يتم دائماً الإحجام عنها من قبل هذه المصارف بسبب ارتفاع مخاطرها والتخوف من عدم قدرة أصحابها على السداد.
وبين شعبو، أنه وبالمقابل تفرض إدارات هذه المصارف على أصحاب المشاريع الصغيرة شروطاً تعجيزية، مما يدفع الكثيرين ممن لديهم فكرة مشروع اقتصادي إنتاجي إلى الإحجام عن أخذها، مشيراً إلى أنه على أيام النظام البائد كان الذي يريد أن يحصل على قرض نوعاً ما هو غير محتاج أو من الفئة المقتدرة مادياً، وبالتالي يستطيع الحصول عليه ضمن هذه الشروط التعجيزية المفروضة، ذاهباً بقيمة القرض إلى الاستهلاك وليس إلى الإنتاج، فيما الفقير لا يمكنه أن يأخذ قرضاً بسبب الشروط والضمانات والدخل المطلوب منه.
وبالتالي، والكلام للخبير المصرفي، يجب أن يكون هناك نوع ما، التوجه والتحول من الإقراض الاستهلاكي إلى الإقراض الإنتاجي، لا يجب أن يعطى القرض لشراء بيت أو حتى سيارة، هذه قروض استهلاكية، وحتى هذه القروض لا يستطيع المواطن أن يحصل عليها بسبب شروطها من ضمانات وكفالات ودخل معين.
وبرأي، الدكتور شعبو، يجب أن تكون المرحلة القادمة الاعتماد في معظمها على القروض الإنتاجية، وألا تمنح القروض إلا بعد دراسة عن المقترض، ويجب أن يكون توجيهها إلى كل ما من شأنه أن يحرك العجلة الاقتصادية.
منتجات مصرفية
ويقترح في هذا المضمار تصميم منتجات مصرفية تتناسب مع مرحلة إعادة الإعمار مع ربط القرض بأولويات التنمية بكل مجالاتها، كما يجب على الحكومة الحالية ومصرف سوريا المركزي، عند دراسة منح القروض من جديد أن تكون الأولوية في توجيهها نحو المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية، فهي الاحتياج الحقيقي للبلد في ظل الظروف الحالية.
وبين أنه عندما يتم إعطاء حوافز وضمانات للمصارف من قبل الجهات المالية المعنية، هذا ما يعطيها القدرة ويشجعها على تمويل المشاريع الصغيرة والناشئة والمبتكرة، وفعلياً في سوريا من عنده رأسمال قوي، ليس بحاجة إلى القروض.
ويختم حديثه: إن البلد اليوم تقوم على المشاريع الصغيرة، وأصحابها يمكن أن يتوسعوا ويصبحوا أصحاب مشاريع كبرى، يؤمّنون دخولاً لهم، وفرص عمل لغيرهم، ما يساهم في تدوير عجلة الإنتاج، وبالتالي يجب دعمهم وتقديم كل التسهيلات لهم في موضوع الإقراض، واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي، فمن المفترض أن يملك هذا القطاع سياسة نقدية فعالة وإصلاحات مؤسساتية فيها نوع من الحوكمة الواضحة للجميع.
أما سياسة الإقراض، والكلام لـ “شعبو”، فهي بحاجة إلى إعادة هيكلية جذرية نستغني من خلالها عن السياسة السابقة، ونضع سياسة تتلاءم مع المرحلة الحالية يتم من خلالها تشجيع الاستثمارات ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يساهم بإعادة بناء سوريا الجديدة.