الثورة – ميساء السليمان:
تواجه محافظة ريف دمشق تحديات كبيرة ومستدامة في تأمين مياه الشرب لمواطنيها، إذ أدى جفاف عدد من المصادر المائية وخروج بعضها عن الخدمة إلى نقص متزايد في الكميات المتوفرة، إضافة إلى الانقطاعات المتكررة في الكهرباء التي تعرقل ضخ المياه بشكل منتظم.
هذا الوضع يجعل الكثير من السكان يعتمدون على الصهاريج، أو مصادر مؤقتة لتلبية احتياجاتهم اليومية، ما يزيد من الضغوط على الأسر ويؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية، خصوصاً في الأحياء المكتظة بالسكان الذين يواجهون تراجعاً مستمراً في كمية المياه المتوفرة، ومناطق مثل ضاحية الشام، جديدة عرطوز، قدسيا، وضاحية قدسيا، والمنطقة الغربية التي تشهد بشكل خاص تفاوتاً واضحاً في وصول المياه.
معضلة تقنين الكهرباء
تواجه ضاحية الشام نقصاً حاداً في كميات المياه نتيجة خروج عدد كبير من المصادر عن الخدمة، إضافة إلى التحديات المترتبة على عدم توافق مواعيد تقنين الكهرباء مع عمليات الضخ، ما يزيد من صعوبة إيصال المياه بشكل منتظم إلى المنازل.
هذا الواقع يفرض على الأهالي الاعتماد على حلول بديلة مثل شراء المياه من الصهاريج الخاصة، ما يخلق ضغطاً يومياً على الأسر لتلبية احتياجاتها الأساسية، خصوصاً في الفترات الصيفية التي تزداد فيها الحاجة للمياه بشكل كبير.
جديدة عرطوز، وقطنا شهدت هي الأخرى انخفاضاً في الإمدادات المائية، وتقل حالياً عن نصف الكمية السابقة التي كانت تصل إلى عشرة آلاف متر مكعب يومياً، هذا الانخفاض أثر بشكل مباشر على حياة السكان اليومية، وزاد من شكاوى الأهالي، ما أبرز الحاجة الملحة لتحسين التوزيع وضمان وصول المياه لكل منزل بشكل عادل ومنتظم، مع مراعاة الأولوية للأحياء الأكثر تضرراً والشوارع الحيوية.
خدمات محدودة
تعاني مدينة قدسيا وضاحيتها من نقص واضح في الإمداد المائي مقارنة بالاحتياجات الفعلية للسكان، إذ يواجه العديد من الأحياء صعوبة في الحصول على المياه بشكل منتظم.
هذا الوضع يفرض ضغطاً إضافياً على الأهالي ويزيد من الحاجة إلى مراقبة دقيقة لتوزيع المياه، مع إيجاد حلول مؤقتة لتخفيف المعاناة اليومية، خصوصاً في الفترات التي تشهد زيادة استهلاك المياه نتيجة الحرارة أو الاستخدامات المنزلية المكثفة.
وتظل بعض المناطق مثل القزاز خارج شبكة المياه الأساسية، ما يجعل السكان يعتمدون بشكل كامل على الصهاريج لتلبية احتياجاتهم اليومية، فيما تتمتع المناطق المجاورة مثل دف الشوك، وسيدي قداد بشبكات مياه منتظمة.
كما أن منطقة الحسينية تحتاج إلى متابعة مستمرة لضمان عدم تكرار أي نقص محتمل، ما يستدعي تكثيف الرقابة وتحسين توزيع المياه بشكل متوازن، لتجنب تفاقم الأزمة وتأمين احتياجات السكان كافة.
تحسين الوضع تدريجياً
مدير عام المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق وريفها المهندس أحمد درويش بيّن في تصريح لـ”الثورة” أن المشكلات التي تعاني منها ضاحية الشام ناجمة عن خروج عدد كبير من مصادر المياه عن الخدمة بعد جفافها، إضافة إلى عدم توافق برامج تقنين الكهرباء مع برامج تقنين المياه، وهناك مجموعة من الآبار في حرستا الجبل قيد الدراسة، وعند وضعها في الخدمة ستزداد كميات الضخ، وسيشعر المواطنون بتحسّن ملحوظ، إلا أن مدة إنجاز المشروع لا تزال مرتبطة بتأمين التمويل.
أما بالنسبة إلى مناطق جديدة عرطوز، وقطنا، والمنطقة الغربية، فإن المصدر الرئيسي لهذه المناطق يشهد شحّاً كبيراً، إذ كانت تصلها سابقاً كميات تقارب عشرة آلاف متر مكعب يومياً، بينما لا تتجاوز حالياً (4000 – 4500) متر مكعب.وتعمل المؤسسة على تأهيل آبار إضافية في المنطقة المغذية لجديدة عرطوز، على أمل أن تتحسن أوضاع المياه خلال أقل من عام لتصل إلى مستوى ممتاز.وفيما يتعلق بقدسيا وضاحيتها، فقد تم توقيع اتفاقية عمل بين الإدارة العامة للمياه ومنظمة “رحمة بلا حدود” لإعادة تأهيل أكثر من عشرين بئراً في وادي مروان وجديدة يابوس، بطاقة إنتاجية تتجاوز عشرين ألف متر مكعب يومياً، ما سيسهم بزيادة كميات المياه الواصلة إلى خزانات قدسيا والضاحية ابتداءً من الآن وحتى نهاية العام الجاري.كما يجري تنفيذ مشروع آخر بالتعاون مع منظمة “اليونيسيف” في منطقتي زرزر، ووادي الكنائس، لإعادة تأهيل الآبار هناك، ومن المتوقع إنجازه خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز كميات المياه في مدينة قدسيا والضاحية بشكل كبير.وبالنسبة إلى منطقة الحسينية، فلم ترد شكاوى سابقة بهذا الخصوص، غير أن المؤسسة ستتابع موضوع نقص المياه هناك لضمان تحسين الوضع.
أما منطقة القزاز، فهي تعاني من غياب شبكة مياه تخدمها بشكل مباشر، مما يضطر الأهالي للاعتماد على الصهاريج، في حين أنّ مناطق مجاورة مثل دف الشوك، وسيدي قداد مخدّمة بشبكة رئيسة، وقد وعدت المؤسسة بمتابعة هذا الملف والعمل على معالجته.وأكد درويش أن الأولوية في الوقت الحالي هي لتأمين المياه في المناطق الأشد معاناة من الشح، مثل: قدسيا وضاحيتها، عرطوز، جديدة عرطوز، صحنايا، والأشرفية.وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع المياه في ريف دمشق، يبقى الأمل قائماً بتحسن الوضع تدريجياً مع استمرار متابعة المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي وتعاونها مع الشركاء المحليين والدوليين. ومع دخول المشاريع الجديدة والخطط التنفيذية الخدمة خلال الأشهر المقبلة، من المتوقع أن تتحسن كميات المياه وتخف الضغوط اليومية على السكان، ما يضمن تلبية احتياجاتهم الأساسية ويعيد الاستقرار المعيشي ويخفف من معاناتهم اليومية بشكل ملموس.