عودة اللاجئين السوريين نقطة تحول من أجل إعادة الإعمار

الثورة – ترجمة ختام أحمد :
منذ سقوط حكومة بشار الأسد في كانون  الأول، عاد حوالي 850 ألف لاجئ سوري إلى ديارهم من الدول المجاورة، وقد يصل الرقم إلى مليون لاجئ في الأسابيع المقبلة، وفقاً لمسؤول كبير في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يمثل هذا أحد أهم التطورات في تاريخ البلاد الحديث، ويعطي بصيص أمل في منطقة ابتليت بالصراع والنزوح واليأس لأكثر من عقد من الزمان. بعد سنوات من العناوين الرئيسية التي هيمنت عليها المعاناة والدمار والنزوح الجماعي، تمثل عودة العديد من العائلات إلى وطنها نقطة تحول ورمزاً قوياً للأمل. إنها ليست مجرد حركة أشخاص عبر الحدود، ولكنها أيضاً انعكاس للصمود والتصميم والتوق الجماعي للسلام.

وفقاً للأمم المتحدة، فقد تم تهجير أكثر من نصف سكان سوريا قبل الحرب، مع بحث الملايين عن ملجأ في الخارج وملايين آخرين نزحوا داخلياً داخل حدود البلاد الممزقة. دفعت البراميل المتفجرة والهجمات بالأسلحة الكيميائية والقصف العشوائي والاغتيالات المستهدفة الناس إلى ترك منازلهم بحثاً عن البقاء على قيد الحياة.

إلى جانب العنف، أدى انهيار الاقتصاد والعقوبات والضغوط البيئية مثل الجفاف  إلى تفاقم البؤس، مما ترك العائلات بلا خيار سوى عبور الحدود بحثاً عن الطعام والمأوى والأمان.انتهى المطاف بمعظم الذين فروا في الدول المجاورة، مما حوّل الشرق الأوسط إلى مركز لإحدى أكبر أزمات النزوح في العالم.

اليوم، بدأ الوضع يتغير، فقد خلق سقوط حكومة الأسد واقعاً سياسياً جديداً وغيّرت حسابات العديد من السوريين. وبينما لا تزال الأوضاع الأمنية هشة وغير مستقرة، يتجدد الشعور بإمكانية إعادة الإعمار والمصالحة. وتتخذ العائلات التي ظنت يوماً أنها لن ترى مدنها مجدداً خطوات شجاعة للعودة. ولا تنبع قراراتهم من المشهد السياسي المتغير فحسب، بل أيضاً من رغبات إنسانية عميقة تتجاوز الاعتبارات الجيوسياسية، فبعد سنوات في المنفى، يتوق الكثيرون للعودة إلى أرضهم التي ولدوا فيها، إلى الأحياء التي تحمل ذكريات الطفولة والزواج والتقاليد العائلية. وأصبح لمّ الشمل مع الأحباء الذين تركوهم وراءهم، واستعادة الممتلكات المهجورة، وإعادة بناء الروابط المجتمعية، دوافع رئيسية.

ويتمثل التحدي الآن في ضمان قدرة العائدين على إعادة بناء حياة كريمة ومستقرة. إذ يواجه المجتمع الدولي، إلى جانب السلطات السورية والمنظمات المحلية، مهمة جسيمة: تحويل العودة إلى إعادة إدماج. ويُعدّ الأمن من أكثر الأولويات إلحاحاً. ولن يبقى اللاجئون إلا إذا شعروا بالأمان. هذا يعني تعزيز سيادة القانون، وحماية حقوق الإنسان الأساسية، وضمان عدم تعرض أي مجتمع للانتقام أو الاضطهاد. كما أن إزالة الألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار ضرورية، إذ لا تزال مناطق شاسعة من سوريا ملوثة بمخاطر خفية تمنع المزارعين من زراعة محاصيلهم، والأطفال من الذهاب إلى المدارس، والأسر من استعادة منازلهم.
لا يقل أهميةً إعادة الإعمار عن الخدمات الأساسية، فبعد أكثر من عقد من الحرب، دُمرت البنية التحتية في سوريا. أحياء بأكملها تحولت إلى أنقاض، ومستشفيات وعيادات دُمرت أو هُجرت، ومدارس فارغة أو متضررة. إن إعادة الكهرباء، وإعادة بناء شبكات المياه، وإصلاح العيادات، وإعادة فتح الفصول الدراسية ليست ترفاً، بل هي أسسٌ أساسية لعودة مستدامة.

كما أن فرص العمل والفرص الاقتصادية ستحدد ما إذا كانت العودة دائمة. فبدون فرصة لكسب الرزق، يواجه العديد من السوريين خطر الوقوع مجدداً في براثن الفقر واليأس، مما قد يؤدي إلى موجة هجرة أخرى.

ومن القضايا الملحة الأخرى قضية الإسكان. فقد دُمرت ملايين المنازل خلال النزاع، مما ترك العائدين بلا مأوى. وتُعد البرامج التي تُقدم المساعدة المالية لإعادة الإعمار، ودعم الإيجار المؤقت، والمساعدة القانونية في دعاوى الملكية، بالغة الأهمية.
ويكمن وراء كل هذا الحاجة إلى المصالحة الوطنية والتعافي الاجتماعي. فندوب الحرب ليست جسدية فحسب، بل نفسية وعاطفية عميقة. يجب على المجتمعات إيجاد سبل للمضي قدماً رغم سنوات من انعدام الثقة والانقسام.

إن عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين علامة أملٍ لافتة. فهي تُظهر أنه على الرغم من سنوات الدمار، لم يتخلَّ السوريون عن وطنهم. وتُظهر أنه حتى عندما تُتاح فرصةٌ هشة، يكون الناس على استعدادٍ لاغتنامها. ومع ذلك، فإن الأمل وحده لن يكون كافياً. إذا فشل المجتمع الدولي والسلطات المحلية في توفير الأمن وإعادة الإعمار والفرص، فقد يجد العديد من العائدين أنفسهم مُجبرين مرةً أخرى على النزوح. والمسؤولية الآن هي تحويل هذه اللحظة إلى انتقالٍ دائم، حيث لا تُصبح عودة اللاجئين مجرد تحولٍ مؤقت، بل بدايةً لانتعاشٍ دائم.                                                                                                                               

                                                                                                                    المصدر _ Alarabiya english

آخر الأخبار
إقبال كبير في طرطوس على حملة للتبرع بالدم  الشيباني: سوريا تدعم مبادرات السلام والاستقرار الإقليمي والدولي "الأشغال العامة": الانتهاء من تأهيل أتوستراد دمشق - بيروت آخر أيلول  القانون الضريبي الجديد بين صناعيي حلب والمالية  أزمة البسطات في حلب.. نزاع بين لقمة العيش وتنفيذ القانون  جسر جديد بين المواطن والجهاز الرقابي في سوريا  90 مدرسة خارج الخدمة في الريف الشمالي باللاذقية  غلاء الغذاء والدواء يثقل كاهل الأسر السورية بعد تدشين سد النهضة..هل تستطيع مصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية؟! قافلتا مساعدات أردنية – قطرية إلى سوريا 90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم الحد الأدنى المعفى من الضريبة.. البادرة قوية وإيجابية.. والرقم مقبول عملية نوعية.. القبض على خلية لميليشيا “حزب الله” بريف دمشق "الإصلاح الضريبي" شرط أساسي لإعادة الإعمار المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا الأسعار في ارتفاع والتجار في دائرة الاتهام سرافيس الأشرفية – جامعة حلب.. أزمة موقف بين المخالفات ومعيشة الأسر بين الهاتف الهاكر ومواجهة العاصفة الإلكترونية  الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمفقودين تبحثان آليات التنسيق عودة اللاجئين السوريين نقطة تحول من أجل إعادة الإعمار