الثورة – جاك وهبه:
يترقب العالم انعقاد “مؤتمر الاستثمار الدولي (FII 2025) بين 27 و30 تشرين الأول الجاري في العاصمة الرياض، وسيكون هذا الحدث أحد أبرز المنتديات الاقتصادية على الساحة الدولية.
ويُتوقع أن يُسجل المؤتمر هذا العام حضوراً غير مسبوق من أكثر من 8,000 مشارك، بينهم أكثر من 20 من كبار القادة الدوليين، ويُعد الحدث بمثابة منصة مثالية لاستعراض مسارات التعاون الاقتصادي العالمي، وبحث سبل استقطاب الاستثمارات الجديدة التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي في مختلف الدول.
من بين المشاركين في المؤتمر، سيكون الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي يترأس الوفد السوري في هذا الحدث الهام، ليلقي كلمة تُعبر عن عودة قوية لسوريا إلى الساحة الاقتصادية العالمية بعد سنوات من التحديات التي مر بها اقتصادها.
وتمثل مشاركة سوريا في هذا المؤتمر فرصة ذهبية لاستعادة دورها الفاعل في المنطقة، وتعزيز التعاون مع شركائها في مجالات التنمية والإعمار، وهو ما يتزامن مع الطموحات الكبيرة التي تحملها الحكومة السورية للنهوض بمختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية.
استراتيجية متوازنة
في هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي فاخر قربي أن سوريا تسير بثقة نحو إعادة الإعمار والنمو المستدام من خلال تبني استراتيجية اقتصادية متوازنة، تضع نصب أعينها جذب الاستثمارات الأجنبية، وفي الوقت ذاته، الحفاظ على السيادة الوطنية.
وأوضح قربي في تصريح خاص لصحيفة الثورة أن سوريا الجديدة تتبنى نهجاً استراتيجياً يهدف إلى جذب الاستثمارات التي تساهم في خدمة الشعب السوري بشكل مباشر وتعزز البنية التحتية الوطنية خاصة في القطاعات الحيوية مثل: الطاقة، والنقل، والتعليم، والصحة، وأضاف: “الحكومة السورية حريصة على ضمان أن أي استثمار أجنبي يدخل البلاد يجب أن يخدم مصلحة المواطن السوري بشكل مباشر وأن يكون له تأثير إيجابي على تحسين مستوى معيشته، فالاستثمار ليس هدفا بحد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي يحتاجها الشعب السوري”.
وأكد قربي أن الحكومة السورية تضع نصب عينيها تحقيق توازن دقيق بين فتح أبواب الاقتصاد للاستثمارات الأجنبية وبين تعزيز السيادة الوطنية، وأوضح أن جميع الاستثمارات ستكون خاضعة لإطار قانوني صارم يضمن الشفافية والمحاسبة ما يضمن ألا تؤثر هذه الاستثمارات على استقلالية سوريا الاقتصادية والسياسية، وأضاف: “الحكومة تعمل على استقطاب الاستثمارات التي تساهم في رفع مستوى معيشة المواطن السوري وتطوير الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة والنقل، من خلال خلق بيئة استثمارية آمنة وشفافة، تضمن للمستثمرين حقوقهم وفي الوقت ذاته تحافظ على مصلحة المواطنين”.
وأوضح أن الحكومة السورية وضعت ضمانات متعددة لضمان أن الشراكات الاقتصادية مع الشركات الأجنبية لن تؤثر على استقلالية البلاد الاقتصادية والسياسية، وأشار إلى أن هذه الشراكات تتم تحت رقابة حكومية مشددة لضمان استفادة المواطن السوري من المشاريع المنفذة، سواء من خلال توفير فرص العمل أو من خلال تحسين جودة الخدمات العامة، وأكد أن كل اتفاق اقتصادي مع الشركات الأجنبية يتم تحت إشراف دقيق بحيث لا تكون هذه المشاريع مفيدة فقط للمستثمرين بل تسهم في تحسين حياة المواطنين السوريين من خلال تقديم الخدمات الأفضل وتوفير فرص عمل جديدة.
تحسين الكفاءة
وفيما يتعلق بالتحول الرقمي، أوضح قربي أن الحكومة السورية تعتبر التحول الرقمي جزءاً أساسياً من استراتيجيتها الاقتصادية حيث يُعد التحول الرقمي خطوة ضرورية نحو تحسين كفاءة الإدارة الحكومية وتعزيز الشفافية، وأضاف أن التحول الرقمي ليس فقط وسيلة لتحسين الكفاءة الحكومية بل هو أداة أساسية لتعزيز قدرة الحكومة على التحكم في الموارد الوطنية بشكل أفضل، فمن خلال البنية التحتية الذكية يتم تحسين الخدمات العامة سواء في مجالات الصحة أو التعليم أو النقل بشكل أسرع وأكثر كفاءة كما أن هذه التحولات ستساعد في تقليل الفساد وتعزيز الشفافية وهو ما ينعكس إيجابياً على حياة المواطن السوري.
وأشار قربي إلى أن البنية التحتية الذكية ستساهم في تعزيز قدرة سوريا على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية بشكل أكثر فعالية من خلال توفير خدمات عامة عالية الجودة وتحسين مستوى معيشة المواطنين كما أوضح أن هذه التحولات ستُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الحكومة السورية ضمن أولوياتها وستكون جزءاً من جهودها لتحقيق التكامل الإقليمي والاقتصادي مع دول المنطقة.
التوازن والاحترام
أما على صعيد التكامل الإقليمي، فقد شدد قربي على أهمية التعاون مع الدول المجاورة في إطار سياسات الاستثمار، حيث أشار إلى أن الحكومة السورية تعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية لكن من دون المساس بالاستقلالية الاقتصادية والسياسية لسوريا، وقال: “التكامل الإقليمي مع الدول المجاورة سيعزز العلاقات التجارية ويفتح آفاقاً
جديدة للاستثمار، ولكن من الضروري أن يتم هذا التكامل على أسس من التوازن والاحترام الكامل للسيادة الوطنية”.
وأكد قربي أن الحكومة السورية تسعى إلى تحقيق توازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز السيادة الوطنية، بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة التي تصب في مصلحة الشعب السوري، وأضاف : “الحكومة السورية تهدف إلى بناء اقتصاد قوي ومستدام يحقق رفاهية المواطن السوري، من خلال استقطاب الاستثمارات التي تسهم في تحسين الحياة اليومية للسوريين، وفي الوقت ذاته الحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي والسياسي”.
وتُعدّ مشاركة الرئيس أحمد الشرع في “مستقبل الاستثمار 2025” إشارة واضحة إلى انفتاح اقتصادي ودبلوماسي متصاعد بين دمشق والرياض، وإلى رغبة مشتركة في إعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والعالمي، كما تمثل خطوة متقدمة نحو استقطاب الاستثمارات إلى سوريا، وتعزيز التكامل الاقتصادي العربي ضمن رؤية إقليمية تهدف إلى تحقيق التنمية المشتركة وبناء شراكات مستدامة.