بين الإصلاح المالي والواقع التقني.. الفوترة أمام اختبار التطبيق

الثورة – جاك وهبه:

في وقت تسعى فيه الحكومة إلى ضبط الإيرادات العامة وتعزيز الشفافية في التعاملات الاقتصادية، تواصل وزارة المالية تنفيذ نظام الفوترة الإلكترونية كخطوة إصلاحية تهدف إلى مواجهة التهرب الضريبي وتنظيم السوق الداخلية.

ويجمع خبراء الاقتصاد على أن هذا النظام يشكل تحولاً نوعياً في البنية المالية السورية، لكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات تقنية وإدارية قد تحد من فاعليته في المدى القريب، ما يعني أن نجاح التجربة مرهون بمدى قدرة الحكومة على تأمين البنية التحتية الرقمية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتجاوز كلف الانتقال إلى النظام الجديد.

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور يحيى السيد عمر، لصحيفة “الثورة”، أن تطبيق نظام الفوترة الإلكترونية يشكل مرحلة مهمة في مسار الإصلاحات المالية والضريبية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي وتحسين الإيرادات العامة.

وأضاف أن بدء التطبيق التجريبي على عدد من المهن والمكلفين يطرح تساؤلات حول قدرة النظام الإلكتروني على إحداث تغيير ملموس في بنية الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات التقنية والإدارية التي تواجه البلاد.

تجارب إيجابية

رأى السيد عمر أن نظام الفوترة الإلكترونية يُعدّ أداة أساسية لتوثيق التعاملات التجارية بدقة وربطها مباشرة بالإدارة الضريبية، بما يقلل من احتمالات التلاعب أو التهرب. فاعتماد قاعدة بيانات موحدة يجعل عمليات البيع والشراء أكثر وضوحاً وقابلية للتدقيق، ويعزز ثقة الدولة بالقطاع الخاص وثقة المواطنين بالنظام المالي.

ولفت إلى أن نتائج تجارب بعض الدول التي طبقت هذا النظام كانت إيجابية، إذ ساهمت في تقليص الفجوة بين الإيرادات الضريبية الفعلية والمستحقة، ورفع مستوى الالتزام الطوعي.

ويعتقد السيد عمر أن تطبيق النظام في سوريا قد يشكل نقلة نوعية في إدارة الضرائب، شريطة أن يتم تنفيذه تدريجياً وبخطوات مدروسة تراعي التحديات المحلية واحتياجات الشركات المختلفة.

تحديات حقيقية

ورغم التحديات التقنية وضعف البنية التحتية للاتصالات في سوريا، أكد السيد عمر أن هذه الخطوة تمثل مؤشراً إيجابياً نحو بناء اقتصاد أكثر تنظيماً، وتشجّع على انتقال الأنشطة الاقتصادية من السوق غير الرسمي إلى الرسمي، ما يسهم في توسيع القاعدة الضريبية على المدى المتوسط.

وأشار إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة قد تواجه صعوبات حقيقية في مرحلة الانتقال، بينها ضعف الإمكانيات التقنية وارتفاع كلفة تجهيز الأنظمة المحاسبية، إضافة إلى الحاجة لتدريب الموظفين، فضلاً عن مشكلات ضعف الإنترنت وانقطاع الكهرباء، مما يجعل تطبيق الربط الإلكتروني صعباً دون دعم حكومي فعّال.

نتائج متوقعة

ودعا الخبير إلى تطبيق خطة دعم متكاملة تشمل تسهيلات مالية أو إعفاءات مرحلية، وبرامج تدريب وتوعية لرفع الكفاءة التقنية، إلى جانب اعتماد آلية مرنة في التطبيق تبدأ تدريجياً وفق حجم النشاط الاقتصادي، مع توفير بوابة إلكترونية مبسّطة للشركات الصغيرة لا تتطلب استثمارات كبيرة.

وتوقع السيد عمر أن يسهم النظام بعد اكتمال تطبيقه في رفع كفاءة التحصيل الضريبي وزيادة الإيرادات العامة عبر تقليص حالات التهرب وتوسيع قاعدة المكلّفين، ما ينعكس إيجابياً على الموازنة العامة وقدرة الدولة على تمويل المشاريع التنموية.

لكنه نبّه إلى أن النتائج لن تكون فورية، إذ يتطلب نجاح النظام فترة انتقالية تترافق مع تحديث إداري وتشريعي يشمل تبسيط القوانين الضريبية، وتطوير الكوادر البشرية، وتوفير البنية التقنية المناسبة.

آخر الأخبار
"تجارة وصناعة" دير الزور تسعى لإطلاق مشروع تأهيل السوق المقبي البحث العلمي في جامعة اللاذقية.. تطور نوعي وشراكات وطنية ودولية حين يختار الطبيب المطرقة بدل المعقم محادثات أميركية ألمانية حول مشروع توريد توربينات غاز لسوريا قطر والسعودية وتركيا.. تحالف إقليمي جديد ضمن البوصلة السورية  الرؤية الاستراتيجية بعد لقاء الشرع وترامب.. "الأمن أولاً ثم الرخاء" ترامب يعد السوريين بعد زيارة الشرع.. كيف سينتهي "قيصر"؟ تغيرت الكلمات وبقي التسول حاضراً!  إنتاج 400 طن سماد يومياً بحمص بعد توقف ثلاث سنوات بين الإصلاح المالي والواقع التقني.. الفوترة أمام اختبار التطبيق القبض على "جزار السجن الأحمر" "المباقر": خطة لإدخال قطعان جديدة من البكاكير تعزيز الوعي الغذائي في المدارس موسم قطاف الزيتون.. ذاكرة الأرض ونبض العطاء الإطار الثلاثي"السوري الأميركي التركي".. وضع إسرائيل في خانة "اليك" أسعار المشتقات النفطية تحت "رحمة الدولار" تأهيل محطة مياه الطريف بريف دير الزور بين ضعف الخدمات وتحدي الوعي البيئي.. دمشق تحلم بوجه نظيف انعكاسات منتظرة بعد تخفيض أسعار المحروقات خطة إعلامية توعوية بحلب لترسيخ السلوك البيئي الإيجابي