دمشق – لينا شلهوب:
في خطوة تهدف إلى الارتقاء بالصحة المدرسية وتعزيز الوعي الغذائي بين الطلبة، أطلقت أمس وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الصحة وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ورشة عمل وطنية بعنوان «مكملات الحديد وحمض الفوليك»، والتي تستمر أسبوعاً كاملاً في دمشق، بمشاركة من منسقي الصحة المدرسية والتغذية من مختلف المحافظات.
تأتي هذه الورشة في إطار الجهود الوطنية للحدّ من سوء التغذية وفقر الدم بين الفتيات في الفئة العمرية من 12 إلى 18 عاماً، باعتبار هذه المرحلة من أكثر المراحل حساسية في نمو الفتيات بدنياً ومعرفياً، وانعكاسها المباشر على التحصيل الدراسي والصحة العامة.
تحسين آليات التنفيذ
مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية والتعليم الدكتورة سوسن دشاش في تصريح لـ”الثورة”، بيّنت أن هذه الورشة تمثل تتويجاً لتعاون مشترك بين وزارتي التربية والصحة، وتأتي لإطلاق برنامج دعم صحي متكامل يهدف إلى توزيع مكملات الحديد وحمض الفوليك في المدارس، مع التركيز على التوعية بأهمية هذه العناصر في بناء جسم سليم وقدرة ذهنية عالية. وأضافت أن البرنامج الذي بدأ العام الماضي في خمس محافظات أثبت فعاليته من خلال انخفاض معدلات فقر الدم بين الطالبات المستهدفات، لذا تقرّر هذا العام توسيعه ليشمل جميع المحافظات، مع العمل على تحسين آليات التنفيذ، وضمان وصول المكملات بطريقة آمنة ومنظمة إلى المدارس كافة، فيما تمّ التركز أيضاً على تقييم التجربة السابقة، وتبادل الخبرات بين الكوادر الميدانية، ومناقشة التحديات اللوجستية التي واجهت التنفيذ، مثل تأخر التوزيع أو ضعف التوعية المرافقة، وذلك لتلافيها في المرحلة الجديدة.
غرس عادات غذائية سليمة
من جانبه، أكد رئيس دائرة الصحة المدرسية في محافظة حماة محمد حسام اليوسف، أن الورشة تضمنت شروحاً عملية حول طرق التخزين والتوزيع المثلى لمكملات الحديد وحمض الفوليك، إضافة إلى جلسات توعية حول كيفية إدماج موضوع التغذية الصحية في الأنشطة الصفية، لافتاً إلى أن المدرسة ليست مكاناً للتعليم فقط، بل هي بيئة أساسية لنشر الوعي الصحي، وغرس عادات غذائية سليمة منذ الصغر، لأن صحة الطالب هي المدخل الأول لنجاحه الأكاديمي.
في جولة ميدانية أجرتها “الثورة” لاستطلاع آراء عدد من المعنيين في المدارس التي شاركت في البرنامج التجريبي العام الماضي في دمشق و بعض مدارس في ريف دمشق، بدت الانعكاسات الإيجابية واضحة على الطلبة والمعلمين، إذ تقول المعلمة ناديا الحمصي، مدرّسة العلوم في مدرسة الفارابي بدمشق: لاحظنا خلال العام الماضي أن الفتيات اللواتي تلقّين مكملات الحديد وحمض الفوليك أظهرن تحسناً ملحوظاً في النشاط والتركيز داخل الصفوف، وانخفضت حالات الدوار والتعب التي كنا نشهدها سابقاً في الفصول الدراسية، هذه النتائج تشجّعنا على دعم البرنامج بقوة والمشاركة في نشر الوعي حول أهميته.
أما الطالبة آلاء مصطفى (16 عاماً) فتشير إلى تجربتها الشخصية قائلة: كنت أعاني من الإرهاق والنعاس أثناء الحصص، وبعد أن بدأت تناول المكملات ضمن البرنامج، تحسنت حالتي وشعرت بطاقة أكبر في الدراسة، كما تعلمنا في الورشات المرافقة أهمية تناول الأطعمة الغنيّة بالحديد مثل العدس والكبدة والخضار الورقية.
ولم يقتصر أثر البرنامج على الطلبة فقط، بل امتد ليشمل أولياء الأمور الذين تابعوا نتائجه عن كثب، تقول أم محمد العربجي، والدة طالبة في الصف العاشر: في البداية كنت مترددة في فكرة إعطاء ابنتي حبوباً داخل المدرسة، لكن بعد التوضيحات التي قدمها الفريق الصحي والتربوي، اقتنعت تماماً، خصوصاً بعد أن لاحظت تحسّن بشرتها ونشاطها اليومي، ونحن كأهالٍ نحتاج لمثل هذه المبادرات لتوعيتنا أيضاً.
نحو جيل صحي ومنتج
وتعد هذه الورشة نموذجاً عملياً لما يمكن أن تحققه الشراكة بين القطاعات الحكومية عندما تتكامل الأدوار، فوزارة التربية والتعليم توفر البيئة المدرسية والتنظيم الإداري، بينما تقدم وزارة الصحة الدعم الفني والإشراف الطبي، في حين تساهم اليونيسف بالتمويل والخبرة التقنية في برامج التغذية المدرسية، إذ تشير الدكتورة دشاش إلى أن البرنامج لا يقتصر على توزيع الحبوب فقط، بل يتضمن حملة توعية موسّعة تشمل المعلمين والأهالي والطلاب، عبر مطويات ومحاضرات ووسائل تفاعلية، تهدف إلى غرس مفاهيم الغذاء المتوازن، وأهمية تناول الوجبات الغنية بالعناصر الضرورية للنمو.