الثورة_مها دياب:
الدعم النفسي يشكل حجر الزاوية في حياة الإنسان، فهو يمده بالقوة الداخلية التي تساعده على مواجهة ضغوط الحياة اليومية، ويمنحه القدرة على التعبير عن مشاعره بطريقة صحية، فالصحة النفسية هي استقرار داخلي ينعكس على سلوك الإنسان وعلاقاته الاجتماعية، ويؤثر بشكل مباشر في إنتاجيته وإبداعه، خاصة في المجتمعات التي تمر بظروف صعبة، يصبح الدعم النفسي فيها ضرورة ملحة، لأنه يعيد التوازن للأفراد ويمنحهم القدرة على التكيف مع التحديات.
ومن هنا جاءت ورشة “حكي من القلب” التي نظمتها مؤسسة هندرة التنموية، لتكون مساحة حوارية مفتوحة تعزز هذا الجانب الحيوي.

مساحة للحوار والتعلم
تقول المدربة أماني الفرواني ورشة “حكي من القلب” التي نظمتها مؤسسة هندرة جاءت ضمن سلسلة من اللقاءات الأسبوعية التي تهدف إلى تعزيز الوعي النفسي والاجتماعي.
واستهدفت المشاركين من مختلف الفئات العمرية لتعريفهم بمفاهيم الدعم النفسي وأهمية الصحة النفسية، وكيفية إدارتها بشكل عملي.
وأضافت أنها شكلت تجربة إنسانية عميقة، حيث تفاعل المشاركون مع المدربين وتبادلوا تجاربهم الشخصية، ما جعلها مساحة للتعلم والتأمل والتغيير.
بناء الثقة الداخلية
وبينت الفرواني أن الدعم النفسي يشكل أساساً في حياة الإنسان، وأن الاهتمام بالصحة النفسية يعزز قدرة الفرد على الإنتاج والإبداع.
وأوضحت أن الورشة ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة: أهمية الدعم النفسي في بناء شخصية متوازنة، مفهوم الصحة النفسية كحالة من الاستقرار الداخلي، من ثم إدارة المشاعر والتعامل معها بوعي سواء كانت إيجابية تمنح طاقة مضاعفة أو سلبية تتحول إلى فرصة للتطوير.
كما أشارت إلى أن الهدف منها هو تمكين المشاركين من فهم مشاعرهم والتعبير عنها بطريقة صحية، وتوجيه طاقتهم نحو الإيجابية، بحيث يصبحوا أفراداً قادرين على نشر التفاؤل في محيطهم. كما شددت على أن هذه اللقاءات الأسبوعية تمثل خطوات متتابعة نحو بناء مجتمع أكثر وعياً وصحة نفسية، وأن كل جلسة تضيف قيمة جديدة للمشاركين وتفتح أمامهم آفاقاً للتصالح مع الذات وتعزيز الثقة بالنفس.

اعادة بناء نفسي
كما تحدث المهندس علي حلباوي رئيس مؤسسة هندرة، مؤكداً أن المؤسسة تضع الدعم النفسي والاجتماعي في صميم عملها إلى جانب التعليم والتمكين.
وبين أن الهدف الأساسي لهم هو السعي إلى بناء جيل واعٍ يمتلك أدوات التكيف والقدرة على مواجهة التحديات، وأن هذه الورشات تمثل جزءاً من رؤية شاملة لإعادة بناء المجتمع السوري عبر نشر الإيجابية وتعزيز قيم التضامن.
التعليم والتمكين
كما أكد على أن المؤسسة تعمل على تطوير مهارات الشباب في مجالات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والإعلام الاجتماعي، إلى جانب الاهتمام بالصحة النفسية والدعم الاجتماعي.
واعتبر أن هذا الدمج بين الجانب العلمي والجانب الإنساني يعطي المؤسسة شمولية قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.
أوضح أن التعاون مع الأهالي والجامعات والمؤسسات المدنية الأخرى، يعزز من أثر هذه المبادرات ويضمن استدامتها.
وتحدث عن أهمية إشراك الأمهات والآباء في الورشات لأنهم العامل الأهم والأقوى في توجيه أبنائهم، لأن الأسرة تشكل البيئة الأولى التي تحتضن الفرد وتمنحه الثقة.
دمج مجتمعي
وأشار حلباوي إلى أن مثل هذه الورشات لا تقتصر على الجانب النفسي فقط، بل تمتد لتشمل إعادة دمج الشباب المهمشين والمتسربين من التعليم في المجتمع، وتحويلهم إلى أفراد منتجين وفاعلين، ولديهم مهنة تساعدهم على تحمل أعباء الحياة و إبعادهم عن الشارع ورفاق السوء.
هذا الأثر المجتمعي يعكس رؤية المؤسسة في بناء مجتمع متماسك قادر على مواجهة التحديات.
أصوات من القلب
تميزت الورشة بتفاعل كبير من المشاركين الذين عبروا عن آرائهم وتجاربهم الشخصية، ومن أبرز ما جاء:
مريم تاج: أكدت أن الورشة ساعدتها على التصالح مع نفسها وتعزيز ثقتها الداخلية، وأنها خرجت بطاقة إيجابية جديدة.
وأشارت مريم كوسا إلى أن الصحة النفسية هي أساس الاستقرار، وأنها تعلمت كيفية إدارة مشاعرها بطريقة صحية.
أيضاً حيدر حلباوي تحدث عن أهمية مواجهة آراء الآخرين باتجاه إيجابي، وأنه أصبح أكثر قدرة على التعامل مع النقد البنّاء.
بينما كل من كوثر هرمناني وداليا زهوة أكدت على ضرورة تجنب تصدير المشاعر السلبية، ومحاولة رؤية الأمور من الناحية الإيجابية والتفاعل مع الآخرين بدعم نفسي.
أما سهى سنجاب ووفاء ساره فأكدتا عن ارتياحهما الكبير، لكون هذه اللقاءات تمنح طاقة جديدة وتساعدها على مواجهة ضغوط الحياة اليومية، وأصبح لديهما استعداد لنشر الإيجابية ضمن محيطهما العائلي.
أثر مجتمعي يتسع
ورشة “حكي من القلب” شكلت نموذجاً عملياً للتعاون بين المؤسسات التنموية والتدريبية والمجتمع المحلي، حيث جمعت بين رؤية المؤسسة ورسالة المشاركين، وأثبتت أن الدعم النفسي والاجتماعي هو حجر أساس في بناء مجتمع متماسك.
هذا اللقاء عدا عن كونه جلسة تدريبية، فهو تجربة إنسانية عميقة ساعدت المشاركين على التصالح مع أنفسهم، تعزيز ثقتهم، وتبني رؤية إيجابية للحياة.
ومن خلال هذه الورشات الأسبوعية، تواصل المؤسسة رسالتها في تمكين الأفراد، وبناء مجتمع أكثر وعياً وصحة نفسية، من خلال رفع الروح المعنوية للمشاركين، وتعزيز قدرتهم على نشر الإيجابية، وإعادة دمجهم في المجتمع كأفراد منتجين وفاعلين نحو مستقبل بناء.
