الثورة – وعد ديب :
لا تزال اجتماعات الرئيس أحمد الشرع، مع مديري المصارف العامة والخاصة وحاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر حصرية، محطّ اهتمام الأوساط الاقتصادية، نظراً للرسائل التي حملتها حول مستقبل القطاع المصرفي والدور المنتظر منه في المرحلة الاقتصادية المقبلة.

وشهدت الاجتماعات عرضاً لواقع العمل في المصارف، ومناقشة خطط التطوير المؤسسي والتشغيلي، إضافة إلى المسارات الإصلاحية الهادفة إلى تحديث بنية القطاع المصرفي ورفع كفاءته بما يتيح له الاستجابة للمتطلبات المالية والتنموية المتوقّعة.
وتتابع الأوساط الاقتصادية باهتمام ما ستسفر عنه هذه النقاشات من إجراءات تنفيذية، وسط توقعات بأن تشهد الفترة المقبلة خطوات عملية لتحديث البنى المصرفية وتعزيز دور المصارف.
أداء المصارف العامة
وكانت صحيفة “الثورة” قد ناقشت في ملف سابق، أهمية المصارف الخاصة وقدرتها على دعم القطاعات الإنتاجية والاستثمارية، بينما يسلط هذا التقرير الضوء على أداء المصارف العامة وأبرز التحديات التي تواجهها.
ويرى الخبير الاقتصادي يونس الكريم، أن المصارف العامة تواجه ضغوطاً كبيرة تحدّ من قدرتها على أداء دورها، نتيجة سياسة تجفيف السيولة وقرارات وزارة المالية والمصرف المركزي التي أوقفت القروض والاعتمادات.
وأضاف أن التضخم غير المعالج أضعف القوة الشرائية والخدماتية، فيما ساهم ضعف كفاءة بعض الكوادر في انعكاس سلبي واضح على جودة الخدمات المصرفية.
وأشار إلى أن طبيعة النظام الداخلي للمصارف، سواء من حيث نطاق الخدمات أو حجم رأس المال والأعمال، إلى جانب الضغوط الخارجية المتمثلة بالعقوبات الدولية على المؤسسات الحكومية والتجارة والقطاع المصرفي، كلها عوامل تضافرت لتجعل المصارف عموماً، والمصارف العامة بشكل خاص، مؤسسات خاسرة وضعيفة الفاعلية.
اختلاف جوهري
ولفت الكريم إلى أن المصارف العامة تختلف جوهرياً عن نظيراتها الخاصة، إذ لا يقتصر دورها على تحقيق الربح المباشر، بل يتمثل أساساً في دعم الاستقرار النقدي والمالي والمساهمة في استقرار الاقتصاد، إلى جانب قيادة عمليات إعادة الإعمار والتنمية في سوريا.

وأضاف أن هذه المصارف لعبت قبل الثورة دوراً محورياً في تمويل المشاريع، حيث شكلت نحو 40% من النشاط الاقتصادي وأسهمت بأكثر من 70% في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ما جعلها قناة رئيسية لدعم التنمية والاستثمار.
استقلالية المركزي
وأوضح الخبير الاقتصادي أن اجتماع الرئيس الشرع مع حاكم المصرف المركزي، بغياب وزيري المالية والاقتصاد، يحمل دلالات مهمة، منها التأكيد على أن الخطوات القادمة ستعمل على تعزيز استقلالية المصرف المركزي، إضافة إلى الحاجة لإعادة النظر في البنية التشريعية والسياسات النقدية بشكل جذري.
واعتبر أن هذا المسار أكد إنهاء “الوصاية” على المصرف المركزي، سواء من قبل وزيري المالية أو الاقتصاد، ودفع المصرف المركزي لإيجاد آليات جديدة تعيد الحيوية للقطاع المصرفي بعيداً عن خطط الخصخصة، بما يمكن المصارف العامة من أداء دورها الاستراتيجي في دعم الاقتصاد وتمويل خطط التعافي والتنمية.