في يومهم العالمي.. أطفالنا مستقبل حريّة ثمنها غالٍ

الثورة – فردوس دياب:

لا يمكن الحديث عن اليوم العالمي للطفل، الذي يحلّ في 20 من تشرين الثاني من كل عام، من دون أن نستذكر أطفال المخيمات، وأطفال النزوح الذي تشتتوا في أصقاع الأرض، وأطفال المياتم والمعتقلات، لا يمكننا أن نستذكر الذكرى، بلا الألم والوجع، فالشعارات هنا تبدو رخيصة جداً كونها لمجرد الاستعراض فقط.

في هذا اليوم، يقودنا مسير الألم الطويل، إلى الحديث عن طفولة آمنة وكريمة ومستقبل مشرق، وسط العديد من التحديات والصعوبات المجتمعية والتربوية والإنسانية.

الحقّ في الحياة

للحديث عن أهمية حقوق الطفل والتي يجب أن تكون أولوية مجتمعية وعالمية، التقت صحيفة “الثورة” الأستاذة في التخطيط والإدارة التربوية بكلية التربية الدكتورة رماز معلا، التي أكدت أن هذا الحدث العالمي يعتبر رمزاً للالتزام العالمي تجاه الأطفال، إذ تم اختيار 20 تشرين الثاني لأنه يصادف ذكرى حدثين محوريين، الأول إعلان حقوق الطفل في(1959) والذي يعد أول وثيقة رئيسية تكرس حقوق الطفل بشكل خاص، والثاني اتفاقية حقوق الطفل في 1989، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2 أيلول 1990، وتعدّ واحدة من أهم معاهدات حقوق الإنسان قبولاً على نطاق واسع، حيث صدقت عليها، تقريباً كل دول العالم، وتشكل هذه الاتفاقية الإطار القانوني والأخلاقي الذي يضمن كرامة الطفل، ويوفر له البيئة الآمنة لينمو ويطور إمكاناته.

وبينت معلا أن الاتفاقية تقوم على أربعة مبادئ أساسية، يتمثل المبدأ الأول في التأكيد على عدم التمييز بين أي طفل، ويجب أن تُمنح كل الحقوق لكل طفل بغض النظر عن لونه أو عرقه أو جنسه أو دينه أو وضعه الاجتماعي، فيما يركز المبدأ الثاني على اعتبار مصالح الطفل هي الأهم في جميع الإجراءات والقرارات التي تتخذ من أجله، سواءً كانت صادرة من مؤسسة حكومية أو خاصة، أما المبدأ الثالث فينص على حقه في الحياة والبقاء والنمو، فيما يركز المبدأ الرابع على منح الطفل الحق في التعبير عن رأيه في جميع الأمور التي تخصه، وفقاً لسنّه ودرجة نضجه.

ويعتبر التعليم من أهم حقوق الطفل، حيث توضح معلا في هذا السياق أن التعليم يعد حجر الزاوية والركيزة الأساسية لمستقبل الطفل والمجتمع معاً، وتكمن أهميته في تنمية المهارات العقلية والمعرفية وتطوير التفكير النقدي والقدرة على التحليل والإبداع، ويكسب الطفل مهارات التواصل والتعاون، ويساعده على اكتشاف مواهبه وتشكيل هويته، وكذلك يهيئ الطفل للمشاركة في سوق العمل ويخلق فرصاً متكافئة، لبناء المستقبل والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية، إضافة إلى ذلك غرس القيم، حيث يفهم الطفل من خلاله حقوقه وواجباته، وتتعزز قيم التسامح والسلام لديه، ليصبح حصناً ضدّ التعصب والتطرف.

الحبّ والرعاية والحماية

وعن دور الأسرة والمجتمع في تعزيز هذه الحقوق، أكدت معلا أن هذه المسؤولية تعتبر مشتركة لا يمكن الفصل بينها ولايمكن لأحد العمل بمعزل عن الآخر، فالأسرة هي اللبنة الأولى، التي تزود الطفل بالحب والحماية والرعاية، وتمتد إلى المجتمع المحلي من خلال المدرسة والمؤسسات الأهلية،

فيمثل الشبكة الآمنة التي تمنع ضياع حقوق الطفل، المجتمع الذي يرفض العنف ويشجع الأسر تلقائياً على تبني أساليب تربوية إيجابية، كل منهما شريك للآخر وليس بديلاً عنه. وفيما يتعلق بالسياسات التي يجب على الدولة تبنيها لتحسين واقع الطفولة، أشارت معلا إلى الدور المحوري للحكومة في ضمان تنشئة الأطفال في بيئة صحية وآمنة، وذلك من خلال توفير رعاية صحية شاملة، وبرامج التغذية المدرسية، واللقاحات، والدعم النفسي، وكذلك ضمان تعليم مجاني وإلزامي للجميع، وتطوير المناهج لتنمية المهارات الشاملة، والاستثمار في تدريب المعلمين والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وكذلك وضع قوانين صارمة لحماية الطفل من العنف والإهمال وعمالة الأطفال، وتمديد إجازات الوالدية، ودمج الأطفال ذوي الإعاقة، وتوسيع مساحات اللعب والترفيه الآمنة.

وختمت الدكتورة معلا حديثها بالقول: “إنه يجب أن نذكر أنفسنا دائماً أن حماية الطفولة وضمان حقوق الأطفال هو استثمار حقيقي في المستقبل، وإهمالها هو هدر لطاقة هائلة وتهديد لمستقبل الإنسانية بأسرها، الطفولة واجب على الجميع صونها، وأمانة في أعناقنا جميعاً لرعايتها، فهي الأساس الذي تبنى عليه حضارات الأمم”.

انتهاكات بحقّ الاطفال

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قد أكدت في تقريرها السنوي 13 عن الانتهاكات ضدّ الأطفال في سوريا نهاية العام الماضي، مقتل ما لا يقل عن 30 ألفاً و293 طفلاً سورياً منذ مارس/آذار 2011، منهم 225 طفلاً قضوا جراء التعذيب، بينما لا يزال نحو 5300 طفل قيد الاختفاء القسري.

وأكد التقرير، أنَّ الأطفال في سوريا واجهوا تصاعداً كبيراً في حجم ونوعية الانتهاكات الجسيمة، وأسهمت هذه الانتهاكات في خلق بيئة غير آمنة تهدد أبسط حقوق الأطفال الأساسية وحياتهم اليومية. فقد تعرض الأطفال لأنواع متعددة من الانتهاكات التي طالت البالغين أيضاً، بدءاً من القتل والتشوهات الدائمة الناجمة عن الإصابات، مروراً بالاعتقال التعسفي الذي شمل مئات الأطفال، وانتهاءً بالاختفاء القسري الذي تسبب في ترك آلاف الأطفال مجهولي المصير، بالإضافة إلى ذلك، وثّق التقرير ممارسات التعذيب بأساليب متعددة، والتجنيد القسري، والعنف الجنسي الذي يُعدّ من أبشع الانتهاكات. كما شملت الانتهاكات الحرمان من التعليم والخدمات الصحية الأساسية.

وأشار التقرير إلى ما ورد في التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاع المسلح لعام 2023، حيث وثَّقت 1,574 انتهاكاً جسيماً ضد الأطفال في سوريا خلال العام نفسه. كما أكد التقرير على استمرار الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق هذه الانتهاكات، وتزويد الأمم المتحدة بمعلومات دقيقة عن جرائم الحرب ضد الأطفال. وقال التقرير إنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّقت مقتل 30293 طفلاً منذ آذار/مارس 2011 حتى 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، قتل منهم 23058 على يد قوات النظام المخلوع. وذكر التقرير أنَّ ما لا يقل عن 1,714 مدرسة ورياض أطفال في سوريا تعرضت للاعتداءات منذ آذار/مارس 2011 وحتى 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، كما تم توثيق ما لا يقل عن 2,395 حالة تجنيد للأطفال في سوريا منذ آذار/مارس 2011 وحتى 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

ورصد التقرير الانتهاكات الجسيمة بحقِّ الأطفال خلال عام 2024، حيث شملت هذه الانتهاكات القتل، الإصابات الخطيرة، التشويه، التجنيد القسري، الاعتقال التعسفي، الاختفاء القسري، والتعذيب. وأشار التقرير إلى تعرض الأطفال الذين كانوا محتجزين لدى النظام المخلوع لأنماط متعددة من العنف الجنسي، الذي يعدّ أحد أكثر أشكال التعذيب قسوة، وتشمل هذه الانتهاكات التعرية القسرية، والضرب على الأعضاء التناسلية، والتحرش، والاغتصاب، إضافة إلى العنف اللفظي والنفسي. وأوضح التقرير أنَّ توثيق هذه الانتهاكات يواجه تحديات كبيرة بسبب خوف الضحايا من التحدث عمَّا تعرضوا له. ومع ذلك، تمكنت الشَّبكة من توثيق 539 حالة عنف جنسي ضدّ الأطفال منذ عام 2011.

آخر الأخبار
اضطراب القلق المعمّم يهدّد التوازن النفسي.. وعلاجه ممكن بشروط اختلال ميزان المجتمع.. هل تلاشت الطبقة المتوسطة ؟ الزيتون.. موسم صعب بين الجفاف وقلة الدعم التلوث البيئي... صمت ينهش رئتي دمشق  رحلتان علميتان لتعزيز مهارات طلاب علوم الأغذية بجامعة حلب غرفة تجارة حلب تبحث مع سفير جنوب إفريقيا تطوير العلاقات الاقتصادية ردود فعل دولية وعربية تندد بزيارة نتنياهو للجنوب السوري شطرنجنا يتألق في بطولة العرب بالكويت سلّة الكرامة وحمص الفداء بنكهة سمراء متابعة مشاريع منظمة "العمل ضدّ الجوع" في "تل الضمان" بحلب غلاء الكهرباء.. بين الضرورة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية خمس ذهبيات للجودو في غرب آسيا مستقبل مشرق لكرة القدم النسائية في نادي محافظة حمص تشغيل تجريبي متواصل وخارج ساعات برنامج التقنين بالقنيطرة النفايات الغازيّة حوّلت سماءنا إلى مقبرة لها.. والحلّ في الطاقات المتجددة التربية تعزز حضورها في حلب.. تطوير معاهد الريف وتحسين واقع التعليم "برغل بحمص".. وجبة شعبية وذاكرة مكان بعد زيارة الوزير الشيباني.. قرار رسمي يخص مجلس الأعمال السوري-الصيني لرفع كفاءته... تحديث مستمر لخدمات مستشفى اللاذقية الجامعي في يومهم العالمي.. أطفالنا مستقبل حريّة ثمنها غالٍ