الاصطفاف الدولي وظلّه الإقليمي..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
لا تكفي ملامح الوجوه الخارجة من الاجتماع الرباعي في فيينا لتحديد الاتجاهات ونقاط الاتفاق والاختلاف التي بدت في الكلمات والتصريحات المقتضبة جزءاً من المشهد ذاته، وهي تحاول ما استطاعت أن تحيّد أي قراءة يمكن لها أن تستعجل ترتيب الأولويات التي عادت إلى صدارة النقاش،

في حين بدت مواقف ما بعد الاجتماع، سواء كانت من المشاركين أم ممن هم خارجه، انعكاساً مباشراً لخطوط التماس المتبدلة في المقاربات الجزئية التفصيلية كما هي في الرئيسية منها.‏

على الضفة الأخرى وتحديداً في العاصمة الأميركية كان السباق على أشده في إظهار ما يشبه إعلان فشل للاجتماع أو عدم انتظار لما قد يسفر عنه، حيث برزت لغة التصعيد وتسخين الجبهات.. المفتوحة منها، أو تلك التي قد تفتح لاحقاً، هي السائدة في المفردة الأميركية، وفي بعضها كانت أقرب إلى لغة التحدي والحرب، والتي ستتكفل الأدوات الأميركية في المنطقة وخارجها بترجمتها.‏

فلم يكد اجتماع فيينا يجمع أوراق طاولته الرباعية المفرودة على عجل، حتى كان وزير الحرب الأميركي يستعرض -وعلى الملأ- خطته التصعيدية القادمة، التي حزم فيها الأميركي موقفه من تقوّلات ماضية، وأعلن من دون مواربة المضي في سياسة دعم الإرهابيين تحت توصيفات مكرورة تدينه أكثر مما تبرئه، في محاولة عبثية للرد على الروسي الذي كان قبل يوم واحد قد نسفها حين حدد بوضوح أن لا فرق بين إرهابي وآخر.‏

التوقيت بين لقاءات فيينا وحديث وزير الحرب الأميركي لم يكن قادماً من الفراغ السياسي الذي تعاند واشنطن في التقاطه أو الإقرار به، ولا هو خارج سياق ما تتبناه من ازدواجية الموقف الذي بات سمة ملازمة، حيث ما يقال في الغرف المغلقة وعلى الطاولة، هو غير ما تعلنه على المنابر، وما يجوز الحديث والنقاش به في السياسة والاجتماعات الثنائية والجماعية، قد لا يكون معمولاً به في غيرها، وتحديداً في الشق العسكري والاستخباراتي أو ما يتصل بهما.‏

الرسالة الأميركية المزدوجة الترميز لا تخطئها العين، وليس من الصعب فكّ طلاسمها على كثرتها، بدليل أن الكثير مما يأتي مضافاً إليها هو في سياق موقف حمّال أوجه وقابل للتفسير المزدوج، لكن بعضه الآخر واضح وصريح ولا يقبل التأويل أو التفسير الخاطئ، ويقوم على استراتيجية واضحة وصريحة بشراء الوقت في السياسة مقابل تسريع الخطوات في الاتجاهات الأخرى.‏

والمعضلة ليست في الخطوات الأميركية بحدّ ذاتها – وهي ليست جديدة في مضمونها، ولا تخرج كثيراً عن الممارسة الأميركية التي حددت مهمة إرهابييها بالاستمرار في محاربة الجيش السوري وليس داعش – بقدر ما ستكون في انعكاساتها وتحديداً في القراءة التي ترى فيها أدواتها أنها ضوء أخضر جديد يتيح لها الاستمرار في تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية التي تتبناها من جهة، وفرصة لتسخين في المواقف لن يقتصر على رفع السقوف والعودة إلى اللعق في القاع ذاته، وإنما في التطاول أبعد والاستطالة أكثر في قرار لا يقبل الشك بأن مرحلة من التسخين السياسي والميداني قادمة عبر دعم الإرهاب وما يستولده من تداعيات إضافية تدرج في الخانة ذاتها، لكن من الجهة الثانية.‏

لا أحد ينكر على أميركا وأدواتها المأزق القائم، وما يستتبعه من حركة افتراضية تستعيض عمّا يجري بالكثير من الخيال والوهم الممزوج بالخلط المتعمّد بين التمنيات والواقع، إلى الحدّ الذي بات فيه التلويح بالخيار العسكري يأتي من كل حدب وصوب، وتستدرج عبره التنكيت الخليجي السمج والمقرف في استعراض خياراتها والغرق في المشهد الافتراضي إلى حدّ الوَهْم الـمَرَضي.‏

ما هو مؤكد أن المزاج الدولي الذي يساير المقاربة الروسية يُغضب البعض ويصعب قبوله لدى البعض الآخر، ويُفقد صواب من تبقّى من المراهنين على ذلك الوَهْم، هذا إذا توافر منه شيء أو امتلكوه في لحظة من اللحظات، ويفتتح بازار التموضع على خندق المواجهة بصيغتها القائمة أو المفترضة لاحقاً، وقد تتزاحم وتزداد حدّة المنافسة على الحلبة التي تدشنها المواقف الروسية.‏

وفي الوقت ذاته فإن ظلّ ذلك المزاج يرسم مقاربة تعيد ترتيب قواعد الاشتباك في معادلة جديدة تختلف عن نظيرتها التقليدية المعمول بها في حقبة الأحادية القطبية، بحكم تغيير الإيقاع العالمي وإعادة ضبط عوامل حراكه الإقليمي والدولي، حيث حركة الاصطفاف لدى دول إقليمية وغير إقليمية تنتقل من الضفة الأميركية باتجاه الكفّة الروسية أو في الطريق نحو ذلك، والأردن الذي يطرق الباب للتنسيق مع روسيا ليس استثناء، وفي خلفيته ما يشي أنه فقط افتتاح أولي أو تمهيد أمام المنتظرين الإقليميين.. وربما على المستوى الدولي.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
مؤتمر "سكريبت" في حلب.. صناعة محتوى وطني في عصر التأثير الرقمي تظاهرات بروكسل.. صرخة لوقف "مشروع تدمير الأوطان" من قبل وكلاء النظام الإيراني  وزير المالية يعلن فتح صفحة جديدة لملف القروض المتعثرة تعزيز التعاون بين وزارتي التربية في سوريا وتركيا الأمن الداخلي بريف دمشق يحبط عملية تهريب أسلحة إلى مناطق “قسد” الداخلية ترحب بتقرير "العفو" الدولية حول الأحداث في السويداء بينهم "المخلوع".. فرنسا تصدر 7 مذكرات توقيف ضد مسؤولين من النظام البائد مدخل دمشق الشمالي.. أرصفة جديدة وتنظيم مروري لتحسين الانسيابية محافظة دمشق: معالجة الانحدارات وتعزيز السلامة الانشائية في "مزة 86" بعد ترميمه بحجر اللبون.. عودة المشاة إلى شارع الأمين أردوغان: لن نترك سوريا وحدها وسنقف إلى جانبها دائماً سوق البيع في المعرض..إقبال على الغذائيات والشركات الصاعدة نحو الواجهة "غلوبال بيس ميشن" الماليزية..من الإغاثة الطارئة إلى دعم التنمية المستدامة في سوريا وزير المالية: خطوات جديدة لتحسين صرف رواتب المتقاعدين "الذرية" تعثر على آثار يورانيوم في موقع بدير الزور وتؤكد تعاون دمشق الجوز في طرطوس.. بين مشقّة الجني وغلاء الأسعار هل تقدم قمة "شنغهاي" نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية محوره الصين؟ تحسين التغذية الكهربائية في دوما سوريا وإيطاليا.. تعزيز مسار العلاقات والتواصل لخدمة المصالح المشتركة تخفيضات تصل إلى 40بالمئة.. إقبال كبير على بازار "عودة المدارس" في طرطوس