ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
لم يكن ينقص النكتة السمجة السعودية في تشكيل تحالف لمواجهة الإرهاب إلا سماجة التبليغ، في سابقة لم يشهد العالم ما يشبهها، حالها في ذلك حال النظام السعودي نفسه الذي بتنا على يقين -كما العالم كله – أن لا مثيل له، ولا نظير،
ولا يمكن أن يكون هناك شبيه.. لا في الماضي ولا في المستقبل كما هو حال الحاضر!!
في التسمية أولاً ما يكفي لطرح ألف سؤال وسؤال، وفيه ما يثير ألف شك وريبة في أهدافه وأجنداته الخاصة والعامة، وفي تفاصيله تضاف المئات الأخرى من الأسئلة، ناهيك عما ينطوي عليه العنوان من إثارة رخيصة تكاد تقول للمريب خذوني!!
أما في المقاربات الموازية التي نشهدها، فسيكون من العسير على أي عقل سياسي أن يهضم حالة الهوَس السعودي في محاكاة وَهْم تورّم إلى حدّ الخطيئة، عبر ممارسات باتت عبئاً على المشهد الدولي، لكنها في سياق السعي الأميركي تقابلنا بتجارب ومعطيات تقود إلى النتيجة ذاتها مع فارق بسيط، حيث محاولة الهروب إلى الأمام أو تبييض صفحة سوداء كالحة لا تحلّها تحالفات الهاتف المهينة والمستفزة.
لن نمتحن ذكاء أحد في القول إن التحالف السعودي قديمه وجديده لا يعدو كونه سعياً محموماً لتقويض أي جهد دولي لمواجهة الإرهاب، وأنه يأتي في إطار الحشد المشبوه لعرقلة الدعوة الروسية والجهد الروسي لتشكيل تحالف دولي حقيقي وفاعل، ويشكل عملية التفاف برسم أميركي لا يمكن أن تخطئ في قراءته حتى التفاصيل الغائبة عن التداول أو تلك التي يُراد لها أن تبقى طي الكتمان.
لكن في الوقت ذاته لا يحق لأحد، بل من غير المسموح – كائناً من كان _ بما فيه أميركا أن تستغبي أحداً وأن تتعامل مع المشاهد بهذه المقاربة الساذجة إلى حدود النكتة السمجة، حين تُبدي كل هذا النفاق والتسويف والمراوغة إلى أن يتوّجها وزير حربها بحديث تفوح منه رائحة الطائفية المقيتة، ليكون في مواجهة حمّالة أوجه وقابلة للتفسير المزدوج.
المفارقة، ليست في ترويج أميركي لتقسيم طائفي عملت وتعمل عليه منذ عقود، بل في استخدامه ليكون أيضاً أداة تعويل في سياقات السياسة الأميركية، التي لا تكتفي بتعطيل الجهد الدولي الحقيقي، ولا بتأجيج الصراع لتعود إلى لعبة إدارة الخراب والدمار واستعادة الإمساك بالخيوط التي شعرت بترهل قبضتها، بل عبر إحداث مسالك جانبية تكون عوناً لها في مناكفة الروسي وفي تقديم بدائل معطلة أو في الحدّ الأدنى تفرمل من الضغوط التي تتعرض لها أميركا في الداخل والخارج.
الفارق أن التعويل الأميركي على الحماقة السعودية وتورماتها من جديد هو المعضلة، فالسعودية لم تنجح إلا بإنتاج الإرهاب، ولم يُسجل في تاريخها إلا تلك الظلامية والكراهية، وما عدا ذلك كانت مثالاً للفَشل الذي يجرّ الفَشل، والمفارقة أن تعيد أميركا تدوير رهانها على حماقة أعيت صاحبها وابتليت بها المنطقة، في توقيتٍ كان الرئيس أوباما قد أكثر من الشكوى منها غامزاً من القناة السعودية، لتكون أكثر طواعية في الاستجابة للرغبة الأميركية في تصعيد دورها المعطل والمفخخ لأي جهد حقيقي في محاربة الإرهاب.
لن ندخل في مجادلة الحسابات ولا في تفنيد أهداف التحالف بما ينطوي عليه، لكن من المهم الحديث بشيء من التفصيل عن تداعيات ما يجري، وسط تهافت لإعلان التبرؤ من الحديث السعودي والتحالف الذي ادّعته، حين بدأت من عمّان ولحقت بها أندونيسيا، ثم ما لبثت أن أوضحت الخارجية اللبنانية عدم علمها بالأمر.. ليتبين لاحقاً سرّ الإعلان السعودي وسرّ الدعوات وطريقة التشاور التي اتخذت من خلالها قرارها بإنشاء تحالفها، وصولاً إلى صفقات الإغراء المالي التي كانت حصّة مصر وحدها ثلاثين مليار ريال سعودي، فيما تباينت الأرقام للأطراف الأخرى حسب حجم المشاركة وأهميتها، حتى لو كان بعضها مجرد زيادة عدد.
مسلسل المهاترات الأميركية لم يتوقف عند هذا الحدّ، ولا يبدو أنه بوارد التراجع وسط ضغوط متباينة تمارسها على أدواتها الإقليمية، بدءاً من توريم الحماقة التركية إلى استطالة الوَهْم السعودي.. وصولاً إلى إعادة تموضع التابع الفرنسي الباحث عن دور إضافي يتيح له العودة إلى الأضواء بعد فرملة اندفاعاته نحو روسيا، والانكفاء عن الترويج الدعائي لضرباته الجوية التي تكاد تغيب نهائياً.
يبقى «رعل» التهوّر السعودي – والرعل معجمياً: الأحمق الغبي – مجرّد كومبارس في مسرح دموي تغرق فيه المنطقة وتدفع ثمناً لخطوات رعناء بدافع صبياني تتجاوز مساحات وجودها وحضورها التاريخي في مرحلة يشتد فيها الصراع على تقاسم المواقع والنفوذ، وهو ما ينسحب على أوهام ذلك «الرعل» وتورّمات وجوده، وهو القادم من عباءة الحقد مترعاً بمال النفط الممزوج بالدم، وقد أشهر أسلحته بعد أن تعرّى على الملأ وانكشفت عورات وجوده ودوره الوظيفي، والمستنقع اليمني شاهد إثبات، والبقية قادمة لا محالة.
a.ka667@yahoo.com