الثورة أون لاين: شكل فايز خضور في تجربته الشعرية محطة رائدة في الأصالة والحداثة, ولا يمكن لقارئ للشعر العربي المعاصر في سورية أن يتجاوزها أبداً, بل لابد من الوقوف عندها وما أكثر الدراسات التي تناولت تجربته الشعرية بالتحليل.
نقف اليوم عند كتاب "بنية القصيدة الشعرية عند فايز خضور" الدراسة لجمال جميل أبو سمرة والكتاب صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب وهو يقع في 367 صفحة من القطع الكبير ويتوزع على أربعة فصول.
بصمة خاصة
في مقدمته يشير المؤلف إلى أن الشاعر فايز خضور يعد أحد الشعراء الذين أضافوا بصمة خاصة إلى قصيدة التفعيلة العربية إذ يشار إليه بالبنان في معرض الحديث عن الشعراء السوريين الذين أسهموا في تقدم مسيرة الحركة الشعرية ووسمها بمظاهر الحداثة التي تجلت في معظم كتاباته على مستوى تطور مكونات القصيدة الشعرية وتقديم تقنيات فنية مغايرة ولفت الأنظار إلى لغتها وبنائها الفني, ولعل ما يميز تجربته هو مواظبته على كتابة القصيدة ما يزيد عن نصف قرن مع دأبه على تطوير تقاناته ورؤاه الفنية والفكرية.
فصول الكتاب
بنى الباحث دراسته كما أسلفنا على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة يبدأ كل فصل بمقدمة نظرية حول المفهوم.
الفصل الأول حمل عنوان: ظواهر لغوية أسلوبية في شعر فايز خضور, تقصى أبو سمرة في هذا الفصل الظواهر اللغوية الأسلوبية عند الشاعر وفق مستويات الكلمة, والتركيب والخطاب الشعري, إذ تعد الكلمة الأساس الذي تبنى عليه اللغة الشعرية في تناميها التدريجي الذي يتحقق في التركيب اللغوي, فالخطاب الشعري ككل وقد تم التركيز في هذا الفصل على رصد الظواهر اللغوية الأسلوبية في النص الشعري من خلال تتبع الكيفيات التي وردت فيها هذه الظواهر على تنوعها ولحظ المدى الذي وفق فيه الشاعر من خلالها للوصول إلى غاياته ومراميه وما حمله تعقبها من أهمية في الكشف عما يكمن وراءها من أبعاد نفسية ورؤيوية.
في الفصل الثاني تناول المؤلف الصور الشعرية من منحيين, تناول الأول دراسة الصورة بحسب الرؤيا التجزيئية متمثلاً بالتشبيه والاستعارة وتناول الثاني دراستها بحسب الرؤيا الكلية من خلال دراسة صورة المفارقة والصورة الرمزية التي تم فيها استجلاء رموز الشاعر الفنية والتراثية إضافة إلى الرموز التي ابتكرها الشاعر, تلك التي تمكن من إبداعها ووسمها بطابعه الخاص خلال مسيرته الإبداعية الطويلة.
أما الفصل الثالث فتتبع فيه إيقاع النص الشعري في مستوياته المتنوعة سواء ما يتعلق منها بالإيقاع الخارجي المتمثل بالوزن والقافية أو ما يتعلق منها بالإيقاع الداخلي المتمثل بالبديع والتكرار ومحاولات الشاعر في وسم إبداعه بطابع خاص عبر عملية التجريب التي انتهجها في تطوير استخدام الإيقاع في نصوصه وقد جاء هذا الفصل وفق أربعة مستويات:
1- الإيقاع والوزن.
2- إيقاع القافية.
3- الإيقاع البديعي.
4- الإيقاع والتكرار.
وفي الفصل الرابع والأخير تم استجلاء آليات البناء المتعددة التي أخرج فيها الشاعر إبداعه فجاءت منسجمة مع طبيعة التجربة التي تمثلها على تعدد أشكالها وتنوع الرؤى الشعرية التي طرحها مما وفر لشعره تنوعاً في الأنماط التي اتكأ عليها في سبيل قول ما يريد قوله.
يقول خضور في إحدى قصائده:
سألت بلهفى المحروم يا بردى, سألت الليل أخبارك, شروش الضوء والصدفات كيف تفض أستارك؟ ترى يا حارس الأتعاب تنسى أننا للأرض أغنية؟ّ! رمينا شوقنا المخنوق أحرقنا بيادرنا.
وروينا ظماء الدرب من دمنا لتبقى الأرض أغنية.
نجوع العمر حتى نطعم الفئران لقمتنا أتذكر أننا أولى؟ ونكرم ضرة الأعصاب نتخمها, أتذكر أننا أولى؟ يموت الصوت يا بردى ولا تدري.
ويغفو الصيف يغفو الصيف مقهوراً ولا تدري… بأنا رغم حاجتنا نرص أضالع الحطبات نوقدها, فيقهر وهجها الشمسا…
ترى ننسى؟!
ترى ننسى؟!
الثورة أون لاين- يمن سليمان عباس