صحيح أننا ننتقد الحكومة .. وننتقد بعض الإجراءات – أو الكثير من الإجراءات – الصادرة عنها .. وتُحيّرنا في بعض الأحيان من إقدامها على اتخاذ بعض القرارات الصادمة التي نراها في غير مكانها ولا مبرر لها، مثلما تحيّرنا في أحيانٍ أخرى من عدم اتخاذها لقرارات نراها ضرورية ومقدورعليها ولكنّها لا تفعل، فنشعر بصدمات معاكسة للأولى.
أمّا أن نصل بخيالاتنا إلى حدّ محاولة التوهّم بفرض إقالة الحكومة وعلى نحوٍ اشتراطي أيضاً ( إما الإقالة أو الفوضى ) فهذا ما لا يُعقل وغير مقبول لا بقبّان ولا بميزان، ومثل هذه التوجهات لا توصلنا بالنهاية إلا إلى مزيد من الخراب والنتائج الوخيمة، وهي تطاول مرفوض على هيبة الدولة وتدخل خارق في صلاحياتها واعتداء على الدستور.
إن وقفة تبصّرٍ وإنصاف مع مجمل مايحصل في السويداء الغالية، توصلنا إلى نتيجةٍ فاقعة أن البعض لم يعد يُقنع أحداً بأنه ناجمٌ عن معطيات مطلبية حقيقية لا مجال لحلّها إلا بالقيام به، فلو كان الأمر كذلك لكان أشد حرصاً على اجتراح حلول إبداعية .. والحفاظ على سير الحياة الخدمية والاقتصادية بشكل أفضل، ولكنه يبدو البعضً هشّاً ومتناقضاً مع توجهاته المعلنة، الأمر الذي يثير الريبة والكثير من الشكوك.
فكيف يهوج البعض ويموج من أجل تحسين الأوضاع المعيشية وبالمقابل يقطع الطرق ويعرقل أعمال مؤسسات الدولة بطابعها الخدمي والاقتصادي ليزيد باختناق المحافظة..؟! .. كيف يطالب بإقالة الحكومة ويطالبها هي نفسها بالتحسين والتراجع عن قرارات متخذة..؟.
كيف ينسى البعض – الذي من المفترص أن يكون نابعاً من حالةٍ فرط وطنية – أن يطالب بطرد المحتل التركي والأميركي الذي ينهب ثرواتنا النفطية ويحرق محصول القمح ويصادره ليمنع عنّا لقمة العيش ورغيف الخبز، ويتذكر أن عليه نسف الحكومة وتعطيل مؤسساتها رغم أنها هي بالنهاية التي تقوم بسد ثغرات النقص من القمح المحروق والمسروق والنفط المنهوب وتفعل المستحيل لتأمين احتياجاتنا عبر سابع بحار الأرض؟.
إن ما يجري في السويداء لا يشبه أهلها الطيبين المشهود لهم بالمحبة والكرم والوطنية، ولا يشبه آفاقهم الرحبة، فنحن – بمشهد الحراك – أمام آفاق ضيقة ومغلقة لا تنسجم ليس فقط مع الشعب السوري ككل، وإنما ولا حتى مع أبناء السويداء، ولم نرها منسجمة إلا مع أعداء سورية ومع قنوات الفتنة التي راحت تزغرد كالعادة وتصنع من الحبّة قبة.
حمى الله سورية وشعبها وعلمها .. وقائدها المفدى السائر في طريق النصر مهما كره المعتدون.