ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
لا يريد الرئيس الفرنسي أن يجري في الموصل ما جرى في حلب..!! أي لا يريد للإرهاب أن ينتهي في الموصل بعد بكائه حتى الثمالة انتهاءه في حلب، وبعد أن استمات ومن دون طائل من أجل حماية مرتزقته وإرهابييه،
وحوّل مجلس الأمن إلى منصة دفاع وخط تحصين، لكن من دون جدوى، لا يريد أن ينتهي الحال بهم إلى ما انتهى لدى خلانهم في حلب..!!
هذا هو منطق رئيس فرنسا، الدولة صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وهذا هو مستوى طبقة كاملة من الساسة الغربيين الذين أدمنوا الكذب والنفاق والتضليل، وقدموا أداء سياسياً مشيناً، دفع بالفرنسيين أنفسهم إلى إعلان التوبة مسبقاً منهم، بعد أن أوصلتهم استطلاعات الرأي إلى حضيض لم يسبق لسياسي فرنسي منذ عقود طويلة أن وصل إليه.
قد يجادل البعض في المعنى والدلالة والرسالة التي كان يريد هولاند أن يوصلها، لكنها في حصيلتها النهائية تقود إلى استنتاجات لا تخطئ العين فيها، ولا يتوه العقل عنها، بأن تطهير حلب من الإرهاب لم يَرقْ لهولاند ولم يتوافق مع أجنداته، والحال كما يبدو مشابه لأي بقعة من الأرض يرغب أهلها وشعبها أن تطهر من الإرهاب.
ورغم أن المقارنة ظالمة وغير منصفة ولا مقنعة، ثمة من يستدرج بالضرورة سياقات موازية للخطاب الغربي، الذي يغوص بأوحال قادته وسياسييه، الذين يتبارون اليوم في خطب ود الإرهاب، وفي أوراق اعتماد إضافية للدول المشغلة للإرهابيين تحت عناوين تبدو متمترسة خلف أهواء ساستها وتعتمد على اقتناص الفرص في الوقت الضائع، والتي تميل بغالبيتها العظمى نحو المكاسب الشخصية من صفقات باتت تثير عشرات الأسئلة المحرجة في الداخل الأوروبي..!!
فـ»الرئيس» الفرنسي لا يريد أن يختتم وجوده السياسي إلا بعد أن يتخم سجله بما يفيض عن الحاجة، بحيث يكون صاحب الرقم القياسي في الوضاعة السياسية إلى الحد الذي يجري فيه تلك المقارنة بصيغتها الممجوجة، والتي تعكس إلى حد بعيد ما هو أسوأ وأخطر مما درجت عليه فرنسا طوال سنوات الأزمة، وتلاحقه في ذلك السياسة البريطانية، وتحاول أن تجاريه معها الألمانية التي يريد وزير خارجيتها أن يحجز له موضعاً لن يطاله، ولن يحصل عليه.
المؤكد ان أوروبا ليست تلك القارة العجوز التي بدأت تُخرج ما في أرذل العمر فقط، وإنما هي أيضاً لا تريد أن تنسى ماضيها الاستعماري البغيض، ولا أن تتخلى عن أطماعها، ولا عن أدواتها القديمة منها والجديدة، وتحديداً الإرهابية، التي تريدها بديلاً يوفر المناخ ويهيئ الأجواء لمزيد من الخراب والدمار الذي يشكل عقدة الحل والربط في العلاقة المتأزمة.
ما فات هولاند أن ما عجز عنه في سنوات اللفيف اللامتناهي من مرتزقة وخونة، وما فشل في التعكيز عليه على مدى سنوات خلت لن يطوله، وقد أفل نجمهم أو تبعثروا في جهات الأرض بحثاً عن ملجأ يحميهم أو طريق يقودهم إلى حيث كانوا، وإلى حيث عاشوا وتربوا وتدربوا، وما بدؤوه في تركيا عينة من القادم الذي ينتظره هولاند ومن معه من جوقة الترهيب، وما فشل به في حلب ينتظره في الموصل، وفي كل بقعة ينتشر فيها إرهابيوه الذين يتباكى عليهم، ولا يريد أن يلقوا المصير ذاته..!!
قد يكون من الصعب على الخطاب السياسي والإعلامي أن يحيط بكل ما في القاع الغربي وجعبة سياسييه من انحطاط سياسي وأخلاقي، وربما قد تكون من المرات القلائل في التاريخ التي يعجز فيها الوصف عن إيجاد ما يقابل هذا التهور الأوروبي وتلك الوضاعة في المقاربة السياسية، ومن العار على المشهد الدولي وجود هذه الطبقة من السياسيين، حيث أوروبا تجترّ واقع عجزها بمزيد من اللغو في سياقات القاع الآسن لأطماع تبددت.. ودور سياسي تآكل.. وموقع عالمي يتهاوى.
لم يخجل ساسة أوروبا من تباكيهم على الإرهاب، ولم يشعر مندوبهم بالحرج حين أعاد اجترار البكائيات ذاتها على الموصل، خشية أن تقطع يد مرتزقته هناك، كما قطعت في حلب، وأن تغلق عليه منابع الاسترزاق السياسي وصفقات التسليح المشبوهة، وهو يعدّ أيامه الأخيرة، وبكل الأحوال الفرنسيون قد أخذوا قرارهم النهائي بوضع حد لوجوده عبر رفضهم لسياسته، وقد تكون هي الطريقة الأولى لمعاقبته على ما اقترفه بحق فرنسا وعلى ما ألحقه بسجل سياساتها، وعلى ما فعله بحق البشرية وقوانين الشرعية الدولية التي حاول مراراً أن يلوي ذراعها لتكون على مقاس أجندات إرهابييه.
a.ka667@yahoo.com