ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم: في العرف الأميركي وحده، تستوي الأشياء.. ومن أجل حفنة واهمة وحسابات مرتزقة خاطئة، يلون العقل الأميركي شعاراته وخطاباته.. وحتى نصائحه حسب الطلب،
وفي أمر العمليات الأميركي دون سواه، يلتقي الصيف والشتاء، وأحياناً يجمع معهما تحت سقف واحد الفصول جميعها.
هكذا كانت طبخة «البحص» الأميركية في الدوحة التي تذوقها المدعوون – مرتزقة وأدوات وأشباه أدوات – ولاكتها الألسن المعترضة منها والمتواطئة، بلعتها الحناجر التي بحت في الثرثرة والصراخ والنعيق والنفاق.
في كل التجارب التاريخية، وغير التاريخية، الحاضرة منها والغائبة، كانت واحدة من المنسيات، أن يلتقي أقصى اليمين مع أقصى اليسار.. أن يقبل التكفيري بغيره، وأن يسمع «الشيوعي» العتيق و«العلماني» المتنور طرح الأصولي، ويتساوى معه في انحناءة الرأس بالموافقة على ما طرحه الأميركي وما حدده، على ما سوّقه القطري وما لوّح به من مال، على ما نافق به التركي وما أوحى به السعودي، وعلى ما جاهر به الفرنسي وما أعلنه البريطاني.
التعويذة الأميركية التي قُرئت على طبخة «البحص» تلك، ما زالت تثير الأسئلة الصعبة لفك شيفرتها، أو لفهم اللغز المحيّر لدى الكثيرين ممن صدمتهم الحقيقة المرّة، ومن أذهلتهم مساحة الكذب والافتراء ومستوى الحضيض الذي وصلت إليه الحال والأحوال!!
في النفخ الأميركي، ثمّة مفارقات أخرجت النقاش الموضوعي عن سياقه، أحالت المحاكمة المنطقية إلى التقاعد المبكر، وأفسحت المجال أمام حضور المتناقضات في مربع واحد، وعلى سطح واحد وفي سياق واحد، ورمت إلى غير رجعة بأوراق الموضوعية والمنطقية والعقلانية، وفضحت كذبة اليمين واليسار والوسط!!
وفي النفخ الأميركي أيضاً، أميط اللثام عن الوجوه المقنعة وانكشفت أكاذيب الادعاء الفاضح والشعارات الزائفة، واتضحت الأوهام على حقيقتها، من التحليلات إلى الاستنتاجات ولاحقاً المعادلات والحسابات.
لم يكن بمقدور أحد منهم أن يحاجج في طبخة «البحص» الأميركية، ولا في المنتج الممسوخ، ولا في الاستنساخ الببغائي، ولا في الطرابيش التي وزعتها على المشاركين وخصّت بها من تريد وأسكتت من لا يريد.
فالواضح أن الأميركي في طبخته الجديدة التي وضعها في مرجل واحد، يدرك قبل غيره أنها لا تصلح للهضم حتى من قبل الأميركي نفسه، وعسيرة على سواه إلى حدّ الاستحالة، وعسر الهضم ليس وليد طبخة «البحص» هذه، بل هو الحال ذاتها في كل طبخاته المتسرّعة والمرتجلة.
الفارق – اليوم – أن الأميركي يدرك ما في طبخته، ويعرف أيضاً أن الخلطة العجيبة لا يمكن أن تنضج مهما طال زمن الضغط عليها، ويعلم جيداً أن حدود ومساحة ما يلتقون عليه، أقل بكثير – وبما لا يذكر – مما يختلفون عليه إلى حد الإلغاء، كما يعي أن ما يخفونه أخطر مما أظهروه حتى الآن، وأن تلك الأصوات التي اختفت أو بُحّت لن يطول بها الزمن حتى تعود إلى نفاقها ونقيقها.
والفارق الآخر، أن محاولة الانعاش الأميركي اصطدمت بكثرة الطباخين فأحرقت ما نتج في الماضي وبالغت في النفخ في الموقد القطري بعد أن أطفأت المرجل الأردوغاني، فكيف الحال مع طبخة «البحص» والجامعة العربية فاقدة أسنانها منذ الأزل؟! والمعيار أمينها العام وهو يصطك فزعاً، والمقياس مخالب العثمانية الجديدة وهي تتهاوى كفقاعة هواء، والمشيخات التي تورمت في قطر وترهّلت في السعودية!!
المشترك بين الطبخة والطباخين، أن أول من سيصاب بعسر الهضم هو الأميركي وأدواته، فطباخ السمّ يتذوقه، وما حفلت به الخلطة الأميركية فيها من السموم ما يكفي، وفيها من مسببات عسر الهضم ما يزيد على الحاجة، هنيئا لهم طبختهم وللغرب المنتشي عسر الهضم القادم، وللأعراب المحتفين بطبخة «البحص» ملمس لحاهم مما سيعلق بها…
a-k-67@maktoob.com