ثورة اون لاين: في جميع دول العالم الغربي (المتحضر) من لا يدفع الضرائب المترتبة على أرزاقه للدولة التي ينتمي لها يوصم بالخيانة. في بعض الدول الغربية مثلاً تلصق لوائح بأسماء المتهربين من تسديد التزاماتهم الضريبية للدولة على واجهات المحال التجارية وفي المرافق العامة دلالة على خيانتهم الاقتصادية لبلادهم.. وينظر إليهم بازدراء ولا يتعامل معهم المواطنون ولا تعقد معهم صفقات لا حكومية ولا خاصة حتى يبرئوا ذممهم تجاه الدولة..
إلا في سورية فالمتهربون من تسديد حقوق الوطن يعلو اليوم صوتهم ليصبحوا في عدد (المنظرين) سياسياً ويصنفوا (ثورجيين). ويقفوا في مواجهة الدولة وكأنهم فرسان.
والمؤسف حقاً أنهم مكشوفون من قبل عموم الشعب فكيف ينبري هؤلاء ضد الوطن ويصبح لهم كلمة وصولة وجولة..
حقاً انقلبت موازين الحياة فهل هي من بشائر فوكوياما في نهاية التاريخ.. أصبحوا الزراع في مواقع القفر كما يطلق عليهم محتضنوهم، وتظهر ابتسامتهم عندما تكفهر أيام الوطن.
ترى أهي ابتسامة سخرية من الوطن ( المضحوك) عليه بفعل شطارتهم.. أم ابتسامة اللؤم فيما أوصلوا الوطن وأمثالهم إليه.
لعل الأنكى في كل الأمر أن من يقذف بحجارته الغير لايرى سنام الجمل الذي يحمل أثقاله.. يمكن أن تقبل النصائح في الأفعال من الأنقياء، أما المتوتورون فمساس الوطن محرم عليهم..
والطامة الكبرى في التجار بالوطن من خلال تاريخ مزيف يحملونه ليجملوا صورتهم تجاه من لا يعرفهم. فيظنهم ممن يحرصون حقاً على حرية الوطن وديمقراطيته واقتصاده..
حيث لا يمكن لأي وثيقة يدعون تحت عنوانها الثورية أو التمرد أن تكون ورقة التوت والتي تخفي حقيقة فسادهم لأنه أصبح مدرسة لها مريدوها في بعض مفاصل الوطن والتي تتكشف يوماً بعد يوم لتقع تحت الحساب بقوة القانون. فالزجاج لا يحجب ما وراءه ولا يستر العيوب وخاصة إن كانت فساداً يمس حياة الوطن ومواطنيه. فمن يأكل من خير الوطن وينال من أرزاق شعبه ويخرج اللقمة من فم الغير لتدخل في جيبه لايحق له ادعاء حمايته للشعب الذي عايش قهره له عمراً من الزمن حتى لو كان الهرب إلى خارج الحدود وفي ستر الظلام سبيله.. فالظلام يستر في بعض الوقت وليس في كل الوقت لأن اليعسوب إن بقي مستتراً في شرنقته اختنق وإن مزقها وخرج فلابد أن تطاله يد من نال من إيذائه ولدغه يوماً. ومهما تكن الأوراق التي يحملون أو يبرمجون فلابد لزمن أن تنكشف فيه الستر وتنفضح العيوب وخاصة إن كانت تاريخاً ملتصقاً به. فمقابل ألف مضلل لا يعرف كنههم ملايين الأصوات الحرة القادرة على فضحهم فابتلاؤهم بالمعاصي (لا يغنيهم استتارهم حتى لو كان بجلباب الليل) من أن ينشر تفاصيل فسادهم وخيانتهم للوطن داخله وخارجه..
من لا يكون الوطن سورية مسكوناً فيه لا يمكن أن يجد له فيه سكناً..
ولا يمكن لأي مفردة (انشقاقاً أو تمرداً) أن تخفي معالم خيانة الوطن من لب الفعل الذي التصق بهم في لحظة خيبة أمل، حيث لا غفران في معصية الوطن.
ومن لا تأتلف قلوب من حوله إليه لفساد يتلبسه لن يكون قادراً إلا على استقطاب قلوب أمثاله خارج حدود الوطن فالوزر واحد وإن اختلفت ألوانه وتفاصيله.. تحت العنوان العريض (المعارضة) تنضوي آراء وسلوكيات مقوماتهم الغطرسة والتفرد والشخصانية ولم يكن يوماً- الهدف الوطن- في مفرداتها وإلا لكانت نقية صافية النية والفعل ولاحتضنها الوطن لتكون أحد حوامل حياته المتجددة، فتسهم في بنائه أما أن تعمل على هدمه من الخارج بتحريك وضخ أدوات للداخل في تنفيذ المخطط التآمري فهذه الشخوص أبعد ما تكون عن قلوب الشعب الحائر الذي يدفع اليوم ضريبة حريته وسيادته وكرامته.
هؤلاء التائهون أصيبوا بمرض عضال لا علاج له مسمياته مختلفة حسب سلوكيات المبتلين به فمن يخرج خارج حدود الوطن لا يحق له أن يقذف من فيه فينعم هو بمباهج الحياة ورأسها التنظير الذي يصدره للوطن ويلقي بالحطب إلى النار داخل حدوده فيحرق أهله وشعبه ومواطنيه ومقدراته، لأنه سيظل ملفوظاً مهما كانت أطنان ماله فالحرام لا يليق بالوطن الحلال.
وعلى الجميع أن يدرك بلحظة حكمة إن مرت عليه في عشوائية الزمن أن من يحتضنه اليوم سيلفظه غداً فمن لا ينتصر لوطنه وشعبه ويغمس يده بشر الكائدين له لن يثق به الآخر عندما تتحقق مآربه. وهذا مآل الكثيرين وأمثلتهم حاضرة لوقت قريب.
وأغرب الأمر كيف لم يقرأ هؤلاء؟!.. الغرب والسياسة الأميركية جيداً رغم مرور كل الزمن الذي عانينا منهم فيه ويظنون ولو لبرهة أو طرفة عين أنهم يحتضنونهم أو يرعونهم حقيقة لأجل الحرية والديقمراطية.. ألم يفكر هؤلاء ما الثمن مقابل هذا الاحتضان حتى لو كان من دول عربية أو دول الجوار في زمن كل ما فيه اليوم مطروح في السوق وله ثمن حيث لا شيء بلا مقابل؟
هل يمكن لمن يصوغ الأوراق بمعية الإدارة الأميركية أو إحدى الغربيات منها أو سفرائهم داخل بلادنا أو خارجها أن يكون حقاً منزهاً من كل شائبة شخصانية وهدفه الوطن فقط أغلب الظن أن لا.. إن كان كذلك فلماذا غادر الحدود وعاش غريباً بين الغرباء..
حيث لا كرامة لمواطن إلا في وطنه فكيف إن كان الوطن سورية الإباء والعزة..
الوطن اليوم يحتاج لإنقاذ فهل لمن يحبه أن يعود إليه.
الوطن سورية الوحيد القادر على المسامحة..
وحده يملك حق الغفران لأبنائه مهما كان حجم عقوقهم له. فالرحم وحده يسامح.
شهناز صبحي فاكوش
السابق
التالي