ثورة أون لاين: سورية قلب العالم وبوابة العبور إلى أصقاعه وهي كما رآها الكثيرون عمود السماء كما هي عمود الحضارة, موقعها الجغرافي والسياسي والثقافي جعلها محطة أنظار العالم كله ولذلك فإن دورها القومي والإنساني كان وسيبقى فاعلاً.
حول مكانة سورية صدر كتاب جديد حمل عنوان "الأهمية السياسية لسورية من واقع ركائزها الجغرافية" الكتاب صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب لمؤلفه الدكتور محمود رمزي.
حول ركائز المنشأ والتاريخ والانتماء والتطلعات المصيرية المستهدفة يقول المؤلف: للمؤثرات البشرية والحضارية كمقومات للكيان السياسي السوري دور مهم, ويكون هذا الدور أحياناً وفي بعض جوانبه أقوى وأهم من دور الكثير من المقومات الطبيعية, فالسكان في سورية بمجموعة قيمهم وتراثهم وبنيانهم الفكري والثقافي يشكلون الجوانب القوية في أسس الكيان السياسي السوري لأن الإنسان وما يمتلك من صفات وقدرات تصدي يتغير بسرعة أكبر وبشكل أسهل من تغير العناصر أو المقومات الطبيعية لمواجهة كل جديد وللتأقلم والتطور.
فالسمة العربية حضارة وتاريخاً تربك كل أقاليم السكن المستقر في سورية ببعضها وتشكل أحد ركائز الكيان السياسي الهامة فيها.
إن الموقع المركزي للوطن العربي بين القارات الثلاث: أوروبة وآسيا وإفريقية وسورية جزء هام منه حيث تشكل قلب الجزء الشرقي الواقع في آسيا والمسيطر على الممرات البحرية: قناة السويس وباب المندي والممرات البرية الممتدة من سواحل المتوسط الشرقية والجنوبية إلى أطراف آسيا وإفريقية على المحيطين الهندي والهادي, هذا الموقع لازال في مقدمة العوامل الجغرافية الطبيعية لوحدة إقليم الوطن العربي ولأهميته السياسية وهذا ما وصفه وأبقاه محط أنظار وأطماع القوى الأجنبية المختلفة منذ فترة طويلة وخاصة فرنسا وبريطانيا اللتين كان لهما الدور الأطول والأكثر استمرارية ثم الولايات المتحدة الأميركية التي دخلت أيضاً حلبة الصراع من أجل السيطرة على مفاتيح موقع الوطن العربي والهيمنة على ما فيه من ثروات استراتيجية وفي مقدمتها النفط, المصدر الأساسي للطاقة في العالم حتى الآن.
وعن ركائز الموقع الجغرافي يشير المؤلف إلى أن سورية منذ القديم أخذت شأنها الاستراتيجي بحكم موقعها الفريد فهي ملتقى القارات القديمة الثلاثة وعقدة للطرق العالمية وهي همزة الوصل بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وبحر قزوين والبحر الأسود.
إن هذا الموقع جعل لسورية مكاناً مميزاً لا لمجرد مرور القوافل والمبادلات التجارية فحسب بل لأنه كان ملتقى للأفكار والمعتقدات والثقافات, فما من حضارة عرفتها البشرية على مر العصور إلا وفي سورية شواهد منها فهنا القصور والمساجد والكنائس وهناك القلاع الحصينة والعمارات الفريدة ذات الأعمدة والأقواس والزخارف والنقوش المبتكرة كأعمدة تدمر وآفاميا التي نقلت من أسوان في مصر , فالرحلة عبر سورية هي رحلة عبر الزمن لأنها قبل كل شيء عبر حضارات توالت على أراضيها واحدة تلو الأخرى في مسيرة تاريخية باهرة وتواصل مستمر.
إن خصب الأرض السورية بآثار الحضارات الإنسانية العظيمة التي تراكمت على ثراها أو ترعرعت وتفاعلت فوق ترابها هو الذي يجعل الكثيرين يصفون سورية بأنها أكبر بلد صغير في العالم ولا عجب بعد هذا كله أن يكون كل إنسان مثقف مدنياً بفكره وفنه وإنجازاته إلى هذه الأرض وأن يشعر بانتمائه إليها كما إلى وطنه حتى قيل بحق: لكل مثقف وطنان: بلده الوطن الأول وسورية الوطن الثاني.
وينتقل المؤلف بعد ذلك للحديث عن الركائز الجغرافية البشرية وهي المرتبطة أولاً بالأفراد المنتجين من حيث تراثهم الحضاري كثروة متوارثة لها جوانب ذات قيمة مادية اقتصادية ومن حيث قوة العمل المنتجة التي يمثلونها بأعدادهم وبتكوينهم العلمي والتقني وبما يستعينون به من وسائل وتقانات وما يعتمدونه من أنظمة وقوانين ويستخدمونه من طرق وأساليب في أنشطتهم الإنتاجية المختلفة, ثم بما يقيمونه من بنى تحتية إنتاجية وخدمية على شكل دور علم ومراكز تأهيل ومؤسسات ومشاريع ومصانع تؤمن ما تحتاج إليه الأعمال الإنتاجية من معرفة وخبرة ورؤوس أموال ومصادر للطاقة ومياه ومواد أولية ومواصلات واتصالات وتسهل على قوة العمل تحويل الموارد الأولية إلى منتجات وتنظيم العمل وترتقي به إلى المستويات المطلوبة التي يصبح فيها قادراً على مواكبة كل ما يحدث في مجال الحياة الاقتصادية من تطور.
ثانياً: بكل الأفراد المنتج منهم والمحسوب على قوة العمل والذي يسهم في تحقيق القيم المادية لفروع الحياة الاقتصادية وغير المنتج الذي يبقى بسبب عمره أو انشغاله بأعمال غير منتجة أو بسبب البطالة المقنعة وغير المقنعة المحتوية له خارج قوة العمل رغم أنه قادر عليه.
أخيراً يتحدث المؤلف عن الركائز الجغرافية الاقتصادية حيث حقق الاقتصاد السوري في السنوات الأخيرة نمواً مضطرداً جعل الإنتاج يتضاعف عدة مرات وقد تمثل هذا النمو بعشرات من المعامل وبتنوع وتطور في الصناعة من صناعة النسيج والغزل إلى الصناعات الغذائية والكيميائية, فالهندسية والاستراتيجية كما تمثل بتطور الخدمات بشكل سريع وكبير لتشمل مجالات المواصلات والاتصالات والري والنقل والتعليم والسياحة.
الثورة أون لاين- يمن سليمان عباس