ثورة اون لاين: تستعيد بريطانيا دور «الجوكر» في تنسيق أمر العمليات الأميركي للمرحلة القادمة، بعد تحييد الدور الفرنسي مرحلياً في اعتراف غير معلن بفشله في قيادة الحملة الكونية المنظمة لاستهداف سورية.
فحكومة كاميرون تحولت إلى مركز استقطاب لتجميع الدول والمواقف العدائية المباشرة تجاه سورية والشعب السوري، بعد أن التقطت الإشارات الأميركية الأولى لتبني عليها، وإن بدت تكراراً ببغائياً لما أعلنته الناطقة باسم البيت الأبيض، وبالنص الحرفي للمترادفات.
والواضح أن عودة بريطانيا لتزعم الأدوات الأميركية إقليمياً ودولياً، يترجم رغبة إدارة الرئيس أوباما بحلتها الجديدة في الاستعانة بالخبرة البريطانية الطويلة، وهي التي اعتادت أن تكون في العقود الأخيرة المسوّق الحصري للرغبات الأميركية، والمهندس الفعلي للكثير من الحماقات، وخصوصاً في المنطقة.
مبدئياً… لم يكن من الصعب الربط بين الدور البريطاني المستجد وخطاب السيد الرئيس بشار الأسد وما تضمنته الرؤية السورية للحلّ، وفي الوقت ذاته كان متاحاً ولا يزال التأكيد بأن التنسيق البريطاني والحماسة والتسرع تعكس في مجملها، محاولة يائسة لاستدراك ما يمكن استدراكه، بعد أن شعر الأميركيون والبريطانيون وأدواتهم ومرتزقتهم -كتحصيل حاصل – بأن الرؤية السورية سحبت البساط من تحت أقدامهم، ووضعتهم أمام خيارات مرة، أحلاها سيدفع بها إلى التخلي عن الكثير مما وضعته في الماضي.
وبالتالي فإن التحرك البريطاني العاجل والذي جمعت من خلاله ما توافر لديها من أدوات ومرتزقة، حسب المتاح، يرسم واقعاً موضوعياً للحال الغربي المتأزم من جهة فيما يشكل في جوهره خطوة استباقية لمنع الانهيارات لدى المرتزقة والإرهابيين الذين قاربت خيبتهم، خيبة الإبراهيمي أو كادت في مؤشر واضح وصريح على تعثر في المشروع العدائي ضدّ سورية من جهة ثانية.
ربما ليست هناك مفاجأة بالمعنى السياسي في نمطية السلوك البريطاني وقد دمغته تجارب عقود مديدة في خدمة التآمر العالمي، وبعضها يعود إلى أكثر من قرن من الزمان، ومحاولة بريطانيا استنساخ التجربة ليست مستغربة وقد فعلتها في السنوات الأخيرة عدة مرات، لكن من المهم التوقف عند جملة إشارات في هذا السعي البريطاني لانتزاع موقع الصدارة في قيادة أدوات الحرب الكونية ومرتزقتها كممثل مقيم لأميركا.
فالسلوك البريطاني اعتاد أن يكون متماهياً مع النيات الأميركية إلى حدود الالتباس، حيث يؤدي الالتصاق بالموقف الأميركي إلى محو هوامش التفريق بين الطرفين ويتحول رئيس الحكومة البريطانية في أغلب الأوقات إلى ناطق احتياطي باسم الخارجية الأميركية.
أما جوهر الحسابات الآنية الناتجة عن ارتدادات المفاجأة غير المحسوبة على الأرض فكان في الإسقاطات التي ارتسمت في المعادلات السياسية، وكان لا بد من وضع بدائل تخفف من الضغط على الموقف الأميركي في محادثات جنيف غداً، وتوقف مسلسل التراجع.
فيما جاءت الأخبار المتواترة عن تضارب المواقف لدى مرتزقة الغرب وأدواته في المنطقة، لتزيد من الضغوط على الموقف السياسي، نتيجة الإحساس المتزايد لدى مرتزقة الداخل وأدوات الخارج عربياً وإقليمياً بأنهم يعرضون للبيع في بازار الغرب، فكان التحرك البريطاني بإيعاز أميركي واضح مع محاولة للتخفيف من حدة الاهتزازات الناتجة فيما يعكس تصريح الإبراهيمي خروجه الفظ عن نص مهمته، مثلما يعكس تخبطاً في قراءة محتوى الرؤية السورية للحل.
في المجمل فإن تفعيل «الجوكر» البريطاني يبدو قاصراً ومقتطعاً من سياقه، ويأتي تناغم الإبراهيمي كجزء من التعويض الغربي الفاشل وإعادة تجميع الأوراق التي استنفدت أغراضها في محاولة وعبثية لرسم معادلة جديدة يدركون أنها فقدت أهم عناصر القوة فيها، وتدعيمها بالجوكر البريطاني هو مدخل تلقائي لإعلان إفلاس نهائي لمرحلة، والمباشرة سريعاً في مرحلة، جديدها الجوكر البريطاني مع احتفاظها ببيدق المبعوث الأممي!!.
بقلم رئيس التحرير علي قاسم