ماذا يخبىء المستقبل للعالم؟

ثورة أون لاين:

إن التنبؤ بالمستقبل ما هو إلا مجرد وسيلة ترتبط بالذكاء وسعة المعرفة، ومن الممكن أن يكون التاريخ الحديث بمثابة دليل على المستقبل.

 كتاب "ماذا يخبىء المستقبل للعالم؟ رؤى من منظور العلوم الاجتماعية"
كتاب "ماذا يخبىء المستقبل للعالم؟ رؤى من منظور العلوم الاجتماعية"
يتناول كتاب "ماذا يخبىء المستقبل للعالم؟ رؤى من منظور العلوم الاجتماعية" الذي شارك فيه عدد من الباحثين وحرره ريتشارد ن. كوبر وريتشارد لايارد، مسألة التنبؤ بالمستقبل التي تمكّن الإنسان من التحضير للسياسات الأفضل لتحسين أحوال العالم.

إن غالبية القرارات التى يتخذها البشر تندرج ضمن إصدارهم لأحكام عن المستقبل، على مستوى الأفراد والشركات وكذلك الحكومات التي عليها أن تتوقع وتتنبأ بما سوف يحدث، لأن المجتمع القائم على التنظيم لا يمكنه بأى حال من الأحوال أن يتجنب التفكير في المستقبل بل عليه أن يفكر دوماً في ما سيكون عليه المستقبل. فرؤية المستقبل بإمكانها تحسين أوضاع المجتمع. لذلك كان التنبؤ بالمستقبل وإن ارتبط قديماً بأعمال السحر والشعوذة، ولكنه الآن أصبح بمثابة علم تنبثق منه التكنولوجيا الحديثة والعلوم الاجتماعية، وبخاصة مع التقدم الذي أحرزته العلوم الاجتماعية والإنسانية في مجال تحليل العلاقات، ووضع الاستراتيجيات واستخدام أساليب حديثة في قراءة الواقع المحلي والواقع العالمي.

وإن كانت تلك التنبؤات لا تخلو من الكثير من الأخطاء والتي من الممكن تجنّبها من خلال دراسة الحاضر دراسة منظمة حتى يقودنا التحليل المنظم لفهم المستقبل بصورة أكثر وضوحاً. في هذا السياق، ينطلق الكتاب من الكيفية التي يمكننا من خلالها النظر بذكاء إلى المستقبل، مع الوضع فى الاعتبار المقاربات المنهجية والمتنوعة التي يتبنّاها المتخصصون في استشراف المستقبل وما سيكون عليه من تطورات ومسارات في الحياة البشرية. كما يطرح الكتاب عدداً من الأسئلة المهمة من قبيل: كم سيصبح عدد البشر في المستقبل؟ ما هي أنماط العمل التي ستوجد؟ كيف ستعمل الحكومات على المستويات الإقليمية والمحلية والعالمية؟ هل سيبقى التضخم تحت السيطرة؟.

سيناريوهات التنبؤ بالمستقبل

إن التنبؤ بالمستقبل ما هو إلا مجرد وسيلة ترتبط بالذكاء وسعة المعرفة، لذلك فإن المبدأ الأساسي الذي يحكم من يرغب في التنبؤ بالمستقبل هو هل المستقبل يشبه الماضي أساساً؟، حيث أنه من الممكن أن يكون التاريخ الحديث بمثابة دليل على المستقبل، إضافة إلى تحسين جميع المدخلات وجودة النموذج أو البيانات المعتمد عليها في التنبؤ. كما أدى التقدم في تكنولوجيا الحاسب الآلي إلى توفير بيانات أكثر دقة وثراء، ولكنها جميعاً لا تصدق في مجالات أخرى، فالثقافة والقيم والمعتقدات والسلوك ثبت أنه من الصعب للغاية تحديدها بدقة وإتقان. فهي ليست متغيرات موضوعية مثل معدل التضخم، وإنما يتدخل فيها الضمير الإنساني والوعي البشري في كل هذه المتغيرات مما يجعلها سريعة التأثر بأي تغيرات مفاجئة، حيث إن الثقافة تشكّل القيم والمعتقدات وتصوغها، بل إن أي شكل يلفت انتباهنا إليه يعمل على تدعيم الثقافة والقيم.

تعد السيناريوهات هي الوسيلة للتنبؤ، ما يعني أنها الأداة القوية التي تساعد في توقع المفاجآت الكبرى قبل حدوثها بفترة طويلة، واستخدام السيناريوهات بدرجة ناجحة في التنبؤ بالجديد، وهو ما يتطلب أولا ًوقبل كل شيء تعريف حدود النظام على نحو صحيح، ومن دون ذلك يبدو التغير خارجياً ولا يتوقع حدوثه. إن السيناريوهات الناجحة تنتج في العادة عن بحث متعمق في ماهية النظام، وعملية دقيقة ومنظمة من الكشف عن البدائل، لذلك فإن هناك العديد من المداخل التى تسخدم في العمل على تطوير السيناريوهات تكون عبارة عن مزيج من البحث الجاد والعمليات المنظمة وكذلك الخيال.

يشير الكتاب إلى أن المجالات المتعلقة بالتنبؤ أصبحت أكثر صعوبة وتعقيداً، فقد يؤدي التنبؤ إلى تضليل صانعي القرار وخداعهم سواء في مجال الأعمال أو الإدارات الحكومية نظراً لعدم القدرة على التنبؤ بشكل دقيق ومحدد. لذلك على السيناريوهات أن تكون معقولة وأن تكون لها جذور في الحاضر أو تمثل أنماطاً تمت ملاحظاتها في مكان آخر بحيث يمكن تطبيقها في المجال موضع الاهتمام.

السكان والطاقة .. متغيرات أكثر حركية

يذكر الكتاب أن التنبؤات الديموغرافية على مدى عقود طويلة تعد من أكثر التنبؤات التي تعرضت لأخطاء جسيمة مثل تنبؤ صندوق القرن العشرين أوائل الخمسينيات من القرن العشرين بأن عدد سكان العالم عام 2000 سيصل إلى 3.6 مليار نسمة، بينما وصل عدد السكان إلى 6.1 مليار نسمة، وهو ما أذهل العلماء الاجتماعيين حيث تضمن التنبؤ خطأ بنسبة 300%. وهنا ذكر الكتاب رؤية جويل كوهين الذي أكد أن قصور الإسقاطات السكانية جاءت من مقدار كبير من عدم اليقين في تقديرات السكان الحاليين، وأشار كوهين إلى تغيّرات منطقية يجب أخذها في الحسبان خاصة فيما يتعلق بالتغيّر في اتجاهات المرأة ودورها، وزيادة الهجرة المكثفة، والتكيّف مع الزراعة والتوسّع في تربية الحيوانات والنباتات والاهتمام بالطبيعة، فضلاً عن تباطؤ النمو السكاني في الدول النامية ، كلها علامات فارقة ومتغيرة يجب أخذها في الحسبان للتنبؤ بحجم وخصائص السكان حول العالم.

أحد الأسس المهمة للمجتمع الحديث هو استهلاك الطاقة، فقد زادت معدلات الاستهلاك نتيجة للتطور الاقتصادي والصناعي، على الرغم من الآثار الجانبية السلبية على البيئة نتيجة الاستهلاك المرتفع والمتزايد من الوقود، حيث إن التنبؤات الرئيسية لأوائل القرن الحادي والعشرين تشير إلى أن العالم سيظل يعتمد بكثافة على الوقود الأحفوري مع تزايد الاعتماد كذلك من الدول الفقيرة. وعلى الرغم من وجود بعض التصورات البديلة لمصادر الطاقة من دون آثار جانبية غير مرغوبة، إلا أن السلوك البشري لا يزال أكثر قصوراً في ظل غياب أسباب تدفع بقوة على التغيير، ولتخطيط إنتاج الطاقة يحتاج الأمر إلى تقدير الطلب على الطاقة، وتلك هي المشكلة الأساسية في التنبؤ بالطاقة، فالتنبؤ في هذه الحالة أقل يقيناً وإحاطة من التنبؤ بالأحوال الجوية لأنها عبارة عن عرض وطلب متفاعلين بصورة تبادلية.

التنبؤ وتفادي الخسائر المناخية

يظهر دور المناخ على الحياة البشرية في التأثير على نشاط الإنسان إما بتقييده أو النهوض به، وإن تراجعت قدرة الإنسان على اعتماده على المناخ من خلال التقدم التكنولوجي والتنظيم حتى أصبح الإنسان مؤثراً في المناخ. تعتبر الأدوات القوية والصالحة التي يمكن من خلالها تقدير المناخ في المستقبل هي نماذج مزدوجة للمناخ وتشمل بيانات ثلاثية الأبعاد عن الغلاف الجوي والمحيط ومناطق الصقيع أو البرد الشديد في الغلاف الجوي وسطح الأرض، وتكمن المشكلة في هذه النماذج فيما يعرف باسم "ضبط معدل التدفق".  

المال والأعمال والتنبؤ بالمستقبل

 لا تزال الشواهد بالاتجاه نحو الأعمال قصيرة الأجل ضعيفة حتى الآن. ففي حالات كثيرة صار الاتجاه نحو تعاقدات بين العمال وأصحاب العمل حيث أصبح رأس المال البشري أكثر أهمية. وذكر الكتاب توقع "فريمان" المنتشر في الدول الغنية بشأن توافر العمل عن طريق الصناعة ومستوى المهارة، وأشار إلى ستة اتجاهات لنوعية وموقع العمل تتضمن تعيين المرأة في وظائف عليا ذات مرتبات ضخمة، والارتفاع في مستوى المهارة والعمر الوظيفي للعمال، والتحول العالمي في القوى العاملة نحو الدول التي تعتبر اليوم دولاً نامية، والتحول إلى العمالة في الصناعات التحويلية إلى هذه الدول مع استمرار انخفاض هذه العمالة في الدول الغنية من دون انخفاض الإنتاجية، والنمو في التوظيف في الرعاية الصحية والخدمات الشخصية، والحاجة للاستخدام العالمي لتكنولوجيا المعلومات في مواقع العمل، فضلاً عن ذلك فمن المحتمل حدوث تغيرات مثيرة في التكنولوجيا قد تغيّر العالم بصورة شاملة بل وحتى الحياة البشرية مثل اكتشاف أنواع جديدة من الطاقة.

ساعد التقدم التكنولوجي في الحاسبات والاتصالات على تسهيل حركة الأموال إلكترونيا ًوبتكلفة أقل، وبالتالي فلا يمكن اقتصار العالم على هذا الوضع الذي يشهد تطوراً ملحوظاً. 

ن التنبؤ بالمستقبل يحتاج إلى نظرية وبيانات، وقد بدأت العلوم الاجتماعية في توجيه نفسها فقط إلى مسائل التنبؤ بالمستقبل على المدى المتوسط وحسب، فمن الممكن أن نتعلم كثيراً عن المجتمع والاقتصاد والسياسة بمحاولة القيام بالتنبؤات على المدى المتوسط. لكن الأكاديميين لا يفضلون ذلك لما له من أخطاء كثيرة، ولكن إن تمكن الإنسان من تحسين أكبر عدد من التنبؤات الدقيقة ونماذج أفضل للعمليات الاجتماعية فقد نحصل على تنبؤ لمعرفة أي السياسات تعمل على تحسين أحوال العالم.

 

آخر الأخبار
10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات