ثورة أون لابن-بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
تعود لغة التحالفات والتسميات المريبة إلى الواجهة السياسية في ظل إصرار أميركي على تدوير الزوايا باتجاهات متناقضة، أقلها استحالة العبور المجاني على هذه المنصات من دون تداعيات تعيد رسم الاصطفافات السياسية وفق أسس ومعايير تحاكي الأطماع الأميركية،
ولا تستبعد من قاموسها لغة الغطرسة التي تراها الأدوات المنضوية تحت المظلة الأميركية أقرب إلى لغة استقواء على الآخرين، وقابلة للتوظيف وحتى الاستخدام.
الإعلان الأميركي الذي جاء على لسان بومبيو وقبله ترامب عن إقامة التحالف الاستراتيجي -كما سمّياه- لم يكن مفاجئاً، في وقت كانت التسريبات المتبادلة قد سبقت الإعلان الأميركي بأشهر، حين كان الحديث قد جرى عمّا يشبه ناتو إقليمياً، والبعض كان أطلق التسمية ومشى وفق حساباتها ومعادلاتها، في وقت بدت التناقضات سيدة الموقف لجهة العدو المفترض من جهة والدول المستهدفة من هذا الحلف والمشهد الإقليمي وتداعياته من جهة ثانية، وصولاً إلى الآليات التي تحكم عمل «الناتو المقترح» من جهة ثالثة.
في الافتراضات ثمة ما يؤشر إلى سياق تتداعى له مختلف الحسابات والأمزجة القائمة، وتحاول بكثير من التسرّع أن تعيد رسم خطوط المواجهة التي لم تتوقف في وقت من الأوقات، وإن كانت تتم بصمت ومن دون إعلان مباشر بذلك، والفرضية الموازية لذلك تنطلق من معادلات الربح والخسارة في المنطق الأميركي، فيما البقية الباقية ستبقى مجردة من الفعل كما هي مجردة من إرادة القرار، الذي كان وسيبقى في الجعبة الأميركية، حيث تضاف إليه اليوم نصوص وقرارات والتزامات، والأخطر أعباء ومواجهات لا طاقة لتلك الأدوات بها ولا قدرة لها على تحمل تبعاتها..!!.
المسألة ببساطة هي تحالف يرسم خطوط الجبهات التي تتشكل على الطرف الآخر، ويحدد قائمة الأعداء المفترضين، ويسجّل لائحة بعدد الحروب التي تنتظر المنطقة أيضاً، سواء المشتعلة منها أم تلك التي يتم التحضير لإشعالها، مروراً بما تمليه من اصطفافات سياسية علنية تحت عناوين تبدو حمّالة أوجه وتحتمل الكثير من التأويل، فيما التفسيرات الملحقة تؤشر إلى تدوير زوايا حاد، يقلب الطاولة ويخفي خلفه الموقع الإسرائيلي داخل وخارج ذلك التحالف، وربما على التوازي معه ليكون المتزعم غير المعلن والمحرِّض المعتمد، وفي الحد الأدنى المستفيد الوحيد .
متاهة الحسابات الخاطئة باتت معادلات غير قابلة للحل وسط تباينات حادة لم تستطع الإدارة الأميركية أن تتحكم بمخرجاتها حتى اللحظة، ويبدو أنها مرشحة للتفاقم في ظل اجترار سعودي لدفع تهمة الإرهاب المعلنة والمثبتة، يقابله قاع قطري مفرط، حيث الخلط هنا يتعدى مسألة الحساسيات المفرطة في تزعم أجندات أميركا المرحلية، وتصدر لائحة التحالف الأميركي القادم، وتصل حدود تصفية الحسابات القديمة وتفاقم الضغينة والحقد البيني داخل المشيخات وفي جوارها الإقليمي .
والمنطقة أمام متغيرات.. ليس التحالف الاستراتيجي الأميركي الوحيد فيها، سواء رأى النور أم ظل حبيس الأدراج والتمنيات، خصوصاً في ظل تطورات عاصفة تحمل في طياتها ما يؤشر إلى أننا أمام منعطفات في المقاربات السياسية التي تملي إلى حد بعيد شكل الاصطفافات وأنواع التحالفات، وترسم منحنيات حادة أمام المتناقضات التي تفيض بها السيناريوهات الغربية وغيرها، رغم اليقين أن أي تحالف سيضيف إلى المنطقة المزيد من عوامل التفجر وصواعق الانفجار التي لا تقوى على تحمّل ما يفيض منها، ورغم التجربة المتكررة بأن التمنيات المهزومة لا تصنع تحالفاً، والعدوان لا يعوّض الفشل، ولا يخفي العجز.