قراءة هادئة في دبلوماسية المواجهة

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـلي قـاسـم
منذ لحظة إسقاط الطائرة الروسية التي تتحمل إسرائيل كامل مسؤوليتها، بدت التداعيات المتسارعة أشبه بكرة ثلج تتدحرج، بدءاً من الرواية التي حاولت إسرائيل من خلالها أن تتهرب من تلك المسؤولية،

وصولاً إلى الجزم الروسي بإحداثيات ما جرى وفق بيانات موثقة ومنظمة، فيما كانت القراءات السياسية تتباين في حدود المشهد التقليدي الذي اعتاد في نهاية المطاف أن يوصل الأمور إلى أروقة الدبلوماسية وهي تخوض في تفاصيلها المعتادة.‏

الفرق هنا ليس في التضليل العدواني المبيَّت الذي استغل وجود الطائرة الروسية وبشكل مسبق ومنسق من أجل التمويه، بل أيضاً في اختلاق رواية إسرائيلية ساذجة، فبركة الأحداث بطريقة غير مقنعة، تكفلت الأدلة الروسية بدحضها، وحتى التفاصيل الملحقة، بدت أقرب إلى محاولة الخلط بكثير من العجرفة والغطرسة المعتادة من الإسرائيليين، حيث كانت تمارس ابتزازها في سياق الرغبة في تدوير الزوايا المختلفة وتسخير أجندات الضغط من أجل تحقيق أهدافها.‏

ويضاف إلى هذا وذاك سلسلة من المؤشرات التي طفح الكيل الروسي منها، حين بالغت إسرائيل في استغلال الموقف الروسي في تحقيق الكثير من المكاسب السياسية، من دون أن تقدم بلغة المصالح ذاتها أيَّ مقابل، بل على العكس، كانت أقرب إلى خط رسائل مثيرة ومريبة تغمز من هنا أو هناك، ووصلت في بعض مراحلها إلى تقديم مشاهد إضافية من الغطرسة غير المسبوقة، وبطريقة استعراضية لم توفر أحداً منها.‏

التحليلات المختلفة التي كانت تحذر من اللعب بالنار مع روسيا، أو التعبير عنها بأي وسيلة تؤشر إلى ذلك، وتحديداً حين تميل إلى أبعد من الاصطياد السياسي المؤقت أو الآني، لم تكن تعتقد أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه في سياق البحث عن تفسير لما وصفه المراقبون بالهدوء الروسي الذي كان يسبق العاصفة، حيث سقطت كل الاعتبارات والخطوط الحمر المرسومة في مخيلة البعض أكثر مما هي على أرض الواقع، والتي تكفلت بها إلى حدٍّ بعيد الدبلوماسية المتزنة والمتقنة التي اختطتها موسكو في منطقة متخمة بالأفخاخ السياسية والعسكرية وحتى الإستراتيجية التي تعيد رسم خريطة المنطقة والعالم، وهو ما يتقاطع مع القراءة الفعلية للسياسة الروسية في إعادة رسم الإحداثيات بهدوء متقن، ومن دون أن تفتعل أي شكل من أشكال الصدام الموازي؛ بل التزمت التزاماً صارماً بمكونات تلك الإحداثيات، إلى درجة أنها باتت جزءاً من منظومة متكاملة، اتضحت معالمها في الخطوط العريضة، بينما كانت تفاصيلها أكثر إتقاناً، حتى إنها خلت من الشياطين التي اعتادت إغراق المشهد برمته بتداعياتها والحسابات المغلوطة التي كانت تقيم معادلات وقواعد اشتباك مختلطة ومركبة.‏

المفاضلة اليوم بين الدبلوماسية الساخنة ودبلوماسية المواجهة، تأخذ بعين الاعتبار الشروط الموضوعية للمقاربات السياسية الموازية، ولكنها تمارس حضورها على المستويات الأساسية في عموم المشهد الإقليمي، والقرار بتحديث منظومة الدفاع السورية ليس أكثر من جبل الجليد الذي يخفي خلفه ما يؤشر إلى أن هذا الإجراء كان مسبوقاً بحشد من الخطوات المتوازنة والمتقنة التي تعيد ترتيب قواعد الاشتباك الإقليمي على أسس جديدة ومعايير لا تشبه تلك التي كانت قائمة في شيء، وتعيد معها رسماً عملياً لتلك القواعد عالمياً، بحيث تكون جميعها منضبطة على الإيقاع الروسي وفي التوقيت الروسي.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
وفد سوري يبدأ مهامه القنصلية في السودان لتسوية أوضاع الجالية وتقديم خدمات عاجلة مكافحة تهريب المخدرات في سوريا بعد سقوط المخلوع.. مساعٍ لاستعادة الثقة وضبط المنافذ الدوحة:ضخ الغاز الأذربيجاني إلى سوريا خطوة إنسانية واستراتيجية لتعزيز التعافي نحو بناء شراكة استراتيجية ... وفد سوري رفيع يزور باكستان لتعزيز التعاون الأمني مظلوم عبدي: اتفاق 10 آذار يفتح الباب لحل سياسي شامل وبناء جيش موحد في سوريا العودة الصعبة إلى ريف إدلب الجنوبي..حلم الإعمار يصطدم بواقع الدمار الدوبلاج.. الصناعة الراسخة والآمال المرجوة بعد توقف سنوات.. تجهيز بئر مياه تجمع «كوم الحجر» "موتوريكس إكسبو 2025" ينطلق الثلاثاء القادم رؤية وزارة التربية لتشريعات تواكب المرحلة وتدعم جودة التعليم العودة المُرّة.. خيام الأنقاض معاناة لا تنتهي لأهالي ريف إدلب الجنوبي منظمة "رحمة بلا حدود" تؤهل خمس مدارس في درعا مجلس مدينة سلمية.. مسؤوليات كبيرة و إمكانات محدودة إنقاذ طفل سقط في بئر مياه بجهود بطولية للدفاع المدني  المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء تخرق وقف إطلاق النار هجمات " قسد " و" الهجري " .. هل هي صدفة  أم أجندة مرسومة؟! تجربة إقليمية رائدة لوفد من الاتصالات وحداثة النموذج الأردني في تنظيم قطاع الاتصالات والبريد  صعود الهجري وتعقيدات المشهد المحلي في السويداء.. قراءة في ملامح الانقسام والتحوّل  العائدون إلى ريف إدلب الجنوبي يطالبون بإعادة الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية رغم التحديات الكبيرة.. انتخابات مجلس الشعب بوابةٌ للسلم الأهلي  اختيار الرئيس 70 عضواً هل يقود إلى ...