منذ أن بدأ الحديث عن المشروع الوطني للإصلاح الإداري كان في مقدمة أولوياته خلق منهجية واحدة ومتجانسة لكل الوزارات
عبر مركز يسمى مركز القياس والدعم الإداري يقوم بوضع الهيكليات والتوصيف الوظيفي وإيجاد آليات لقياس الأداء والأنظمة الداخلية للمؤسسات، والسؤال اليوم كيف للمتتبع أن يطلع على بعض المؤشرات التي تدلل على وجود هذه المنهجية وما هي آليات القياس المعتمدة وهل ثمة نتائج يمكن الاستناد إليها في مقاربة الواقع بما تم التخطيط له أو الإعلان عنه كحد أدنى..؟
الأمر الآخر الذي يمكن السؤال عنه أيضاً يتعلق بقياس رضا المواطن والموظف وقياس الإجراءات بين المواطن والمؤسسات أو داخل المؤسسات أو فيما بينها.. هل ثمة ما يدلل على وجود أي نوع من التشاركية مع المواطن في هذا المجال.. وهل جرى التواصل مع المواطن للتأكد من رضاه أو عدم رضاه حقيقة أم مجرد شعار.؟
وإذا أردنا أن نتابع الأسئلة في نفس السياق فلا شك أنها ستكون كثيرة وبالجملة ولا سيما أن المشروع الوطني للإصلاح الإداري يتضمن أيضاً وضع خارطة للموارد البشرية الموجودة بشكل تفصيلي ودقيق وخارطة للشواغر وربط الخارطتين مع بعضهما البعض من خلال التوصيف الوظيفي وصولاً إلى سياسة توظيف واضحة وممنهجة ومعتمدة على الخارطتين لملء الشواغر المتوافرة بالكفاءات والمهارات المناسبة.
نقول ذلك ونحن ندرك تماماً أن ظروف العمل الإداري اليوم ليست كما كانت قبل الأزمة وثمة صعوبات وتحديات تجعل من القائمين عليه ربما لا يفكرون بأكثر وأبعد من التغلب على الصعاب واستمرار الحياة في المؤسسات والمنشآت لكن حقيقة الأمر أن هناك ما هو ممكن ولا يزال غائباً ونأخذ مثالاً كي لا نقع في مطب التعميم:
كثير من المؤسسات العامة استطاعت أن تستمر وتتغلب على الظروف الصعبة وتوجد البدائل التي تضمن استمرار الحياة فيها ودوام العاملين ودفع رواتبهم.. وبالمقابل كان وما زال عدد من المؤسسات النائمة التي لا حول ولا قوة للقائمين عليها ورغم ذلك نتعامل اليوم مع الجميع بنفس التقييم وعلى مسافة واحدة إن لم يكن قد استيقظ البعض ممن كانوا خارج التغطية ليجد نفسه في صدارة المكرمين وأقرب بكثير من الذين يستحقون التكريم.
أين المنهجية التي نتحدث عنها في تقييم الأداء..؟ وأين أدوات القياس التي نتحدث عنها.؟ أما آن الأوان أن نبدأ بالتوصيف الحقيقي العادل للكفاءات وفقاً لمعايير واضحة تتصل مباشرة بالأداء والنزاهة والخبرة؟.
أما آن الأوان أن نأتي بالشخص الذي نحتاج إليه قبل أن نأتي بغيره الذي يحتاج إلى موقع أو منصب معين.؟ لماذا وإلى متى تبقى الكفاءات والقدرات الوطنية الرائعة بحاجة إلى همزة وصل مع أصحاب القرار كي يتاح لها أن تضع خبراتها في خدمة الوطن وأن تمنح فرصة كغيرها في مواقع المسؤولية. إن أكبر وأخطر نقطة ضعف في منهجية العمل الإداري أن يتم التوصيف والتكليف والتعيين من خلال همزات الوصل لأن الذين ليس لهم علاقة مع هذه الهمزات سيظلون دائماً خارج دائرة الاهتمام وليس هناك من يقدمهم ويدفع بهم إلى أي موقع. ولذلك المشكلة في همزة الوصل التي يجب أن تتصل مع الجميع وتنظر إلى الجميع على امتداد العين وترى كل الحروف والكلمات وليس الحروف التي تحبها وتشتهيها فقط.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 30-10-2018
الرقم: 16823