قامت المجموعات المسلحة الإرهابية بالتنقيب عن الآثار واستخدمت في العديد من المواقع الآليات الثقيلة لنبش هذه الآثار مع أجهزة الكشف عن المعادن والذهب
والتي غدت متوفرةً وبأسعار معقولة في السوق العالمية، رغم أن هذه المواقع بقيت لعقود طويلة مهملة متروكة لعبث المجتمعات المحلية التي حفرتها وأخذت منها ما أخذت بما في ذلك حجارة هذه المواقع التي يسهل تمييزها اليوم في جدران المنازل المجاورة لتلك المواقع، والطريف في الأمر أن المنقبين عن الآثار في تلك المواقع بدؤوا يستخدمون أجهزة حديثة تحدد نوع المعدن ومكانه بدقة بعد أن اعتمدوا في أول الأمر على الأجهزة التي يستخدمها الأطباء البيطريين لتحديد المعادن في بطون الأبقار والحيوانات.
الجهات المعنية لم تحضر في هذه المواقع إلا لتجميد الاستثمار ومنطقة عمريت خير نموذج لذلك وهناك العديد من المشاريع التي توقفت في طرطوس وغيرها حين اكتشفت بقايا أثرية أثناء حفر الأساس ووضعت المديرية العامة للآثار والمتاحف يدها على المشروع ليتجمد كل شيء إلى أمدٍ غيرِ معلوم.
ويجب التفريق هنا بين اللقى التي خبأها أحدهم من مدخراته وبين آثار الحضارات التي هدمتها الزلازل أو أزالتها الأوبئة وردمتها الحرائق والحروب إذ إن العديد من دول العالم تتعامل بشفافية مع اللقى التي يجدها الناس في ملكياتهم الخاصة وإن كان لها أي قيمةٍ تاريخية فإن الحكومات تعمد إلى مشاركتها في المتاحف مع الأشخاص الذين وجدوها أو مبادلتها معهم مقابل مكافئ ماديٍ يعادل قيمتها الحقيقية ويتشكل سوق عالميٌ لهذه المقتنيات بمليارات الدولارات تساهم به الحكومات بشكلٍ أساسي وتشكل الآثار واللقى السورية مكوناً أساسياً منه دون أن يكون للحكومة السورية أي دورٍ فيه.
لماذا لا تكون الدولة شريكاً في اقتصاد الظل هذا؟ ولماذا لا تساهم في إعلاء صورتها الحضارية من خلال تسويق آثارها وعرضها أمام العالم؟ وكلنا يرى الآثار السورية على شكل صورٍ متداولةٍ في مختلف الأسواق العالمية. لماذا لا نعتمد قوانين تساهم في تحويل هذه الثروة إلى نعمةٍ للدولة ولمن يجدها؟ لا إلى نقمةٍ كما يحصل منذ عشرات السنين.
يُقدر كنز الفرعون توت عنخ أمون بمليار دولار، ويقصد مصر مئات الألوف من السياح لرؤية القناع الذهبي للفرعون وباقي مكونات الكنز، كذلك يعتبر كنز نمرود علامةً فارقةً في العراق بينما لا تحظى كنوزنا الكبيرة التي تمتلئ بها الأرض السورية بأي شهرةٍ عالمية ولا تساهم السياحة الأثرية إلا بجزءٍ بسيط في جذب السياح.
معد عيسى
لتاريخ: الثلاثاء 30-10-2018
الرقم: 16823