كانت تعتقد أنها أغلقت باب تلك الحكاية، وكل بوابات التساؤل التي رافقتها.. لم تحسب أن كلاً منها سيأخذ وقته للنمو في ذهنها كبرعمٍ نهض من تربته باتجاه الشمس.
بينها وبين نفسها ترعى دائماً حديقة لـ (براعم الأسئلة).. وأحياناً.. الآخر يهدي إليها الكثير من هذه البراعم.
فبينما تألف العيش مع أسئلتك، لربما أقلقتك أسئلة ينثرها حضور الآخر في دربك.
صحيح أن نصيحة “ريلكه” كانت لشاعر شاب، لكن من الجميل أن نتعامل مع أسئلتنا الخاصة وفق نفس القناعة: (كن صبوراً تجاه كل ما لم يحل بعد في قلبك، وحاول أن تحبّ الأسئلة ذاتها كما لو كانت غرفاً مغلقة أو كتباً مكتوبة بلغة غريبة جداً).
طبّقت النصيحة على الأسئلة التي تتولّد نتيجة وجود الآخر.. مستمتعةً باستكشاف أجزاء من ألغاز حضوره، وأُحجيات أسئلة كل منها تفتح لها أفقاً آخر أكثر اتساعاً من سابقتها.
لطالما أحبّت تلك الآلية التي تعمل بها الأسئلة في أدمغتنا.
فالسؤال يغذي وينمّي.. ويفتح بوابات التفكير، لخلق فكر يشتعل دائماً ذي حركة لا تنضب.
لأجل كل ذلك، بقيت تنجذب للأسئلة المفتوحة التي تثير كل غموض.. ترى بها مساحة لابتكار الجديد وامتلاك وعي أعمق.. على طريقة الفيزيائي الأميركي “ريتشارد فاينمان” الذي كان يفضل أن يكون لديه أسئلة لا جواب لها، على أن يكون لديه أجوبة لا يمكن أن يتم سؤالها.
وكأن السؤال أداة لاكتشاف مجاهل “الآخر”.. التي لربما كانت مجاهل “ذاتها” أيضاً.
ولهذا كرهت الإجابات المغلقة، لأنها تبدو كأرض ثابتة ليقينيات جامدة لا تتجدّد.
الآن انتبهت، حين استحضرت كل أسئلة تلك الحكاية، أن علامات الاستفهام التي ملأت تفاصيل حكايتهما، لم تكن سوى وسيلة لنثر براعم (الدهشة).. وهو ملمح القوة والتميّز الذي يمنع إغلاق حكاية يبدو أنها لا تنتهي.. ولا ترتوي تربة السؤال فيها.