ثمة حاجة ملحة اليوم للتذكير بأهمية تفعيل دور بعض المؤسسات والمنظمات سواء المؤسسات الحكومية أم مؤسسات القطاع الخاص ولا سيما أننا نشهد ولادة جمعيات ومؤسسات تهتم بتقديم خدمات مختلفة وإن كان بعضها يحتاج إلى ضوابط لجهة تحديد الاختصاصات ومراقبة الأداء. لكن الإمكانيات المتوافرة لدى العديد من هذه المؤسسات تتيح لها توسيع دائرة نشاطاتها وتفعيل دورها في مجالات كثيرة.
نأخذ مثالاً حول أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه المؤسسات في مرحلة الإعمار بعد الانتصار بدءاً من ترسيخ ثقافة الحوار وتوسيع دائرة المشاركة الحقيقية في خدمة الوطن وحمايته والدفاع عنه من خلال تعزيز نقاط القوة وتجاوز نقاط الضعف وصولاً إلى رؤية مشتركة بأن خير الوطن للجميع وبالمقابل بناء الوطن والدفاع عنه مسؤولية الجميع. وهنا نريد أن نتوقف عند أهمية العمل التطوعي في مساندة عمل المؤسسات الحكومية واستثمار طاقات الشباب وقدراتهم الرائعة في خدمة الوطن.
ولعلنا لا نأتي بجديد عندما نقول إنه في المجتمعات الحديثة صار القطاع الأهلي التطوعي يمثل منظومة متكاملة شاملة تمثل عاملاً مهماً في بناء المجتمعات الحديثة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص واعتمدت كثير من الدول المتقدمة والمنظمات الدولية توظيف المنظمات الطوعية في مشاريع التنمية.
ومن هنا فإننا نعتقد أن على الحكومة أن تبذل جهوداً كبيرة من أجل تشجيع العمل التطوعي وجعل الناس يدركون أن الأصل في تحركهم الاجتماعي وما يبذلونه من جهد ووقت في سبيل الخدمة العامة هو واجب وطني وتجسيد فعلي لمفهوم الانتماء والمواطنة وصولاً إلى الفهم المشترك بأن التطوع حركة اجتماعية تهدف إلى تأكيد التعاون وإبراز الوجه الإنساني والحضاري للعلاقات الاجتماعية وإبراز أهمية التفاني في البذل والعطاء وأن العمل التطوعي ليس مرتبطاً بزمن محدد بقدر ما هو مرتبط بقيمة الخدمة نفسها وهي تحويل الطاقات الخاملة إلى طاقات منتجة وتهيئة المجتمع لمواجهة التحديات والتعامل معها وإعطاء الفرصة للمشاركة الطوعية لجميع أفراد المجتمع كل بحسب تخصصه وقدراته وإمكانياته في إطار المتطلبات الإنسانية وأن يصبح التطوع ضرورة تنموية لاستيعاب إبداعات الشباب وتوظيف طاقاتهم في خدمة مجتمعهم وأهمية وجود استراتيجية لدعم العمل التطوعي من أجل تحقيق كل ذلك.
ولعل السؤال هنا: ما مسؤولية الأسرة في تأسيس ثقافة العمل التطوعي.
وكذلك ماذا يمكن أن تفعل المنظمات والمؤسسات الرسمية لتعزيز هذه الثقافة نقول ذلك لأن الأسرة تستطيع ترسيخ ثقافة العمل التطوعي لدى أبنائها من خلال رؤية الصغار للآباء والأمهات وهم يقومون ببعض الأعمال التطوعية تجعلهم يعملون على تقليدهم ومساعدتهم في الخدمات التطوعية التي يقدمونها، وتستطيع المؤسسات التعليمية صياغة عقول الأجيال واهتماماتها باتجاه العمل التطوعي ونشر ثقافته ويمكن أن تعمل الوحدات الإدارية في الإدارة المحلية أيضاً ولا سيما في الظروف الراهنة على الاستفادة من طاقات الشباب ومساهمات المجتمع المحلي في تحسين الظروف المعيشية والتقديم الخدمات الأساسية.
ويبقى الأمر الأكثر أهمية هو أن تتوجه الأنظار إلى دور كل فرد من أفراد المجتمع وألّا يقلل أحد من شأن الدور الذي يقوم به في خدمة الوطن وحمايته والدفاع عنه.
الكنـــــز
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
رقم العدد : 16879