وكعادتها تطالعنا المؤسسات على اختلاف مهامها ودورها في المجتمع في نهاية كل عام وبدء عام جديد بإحصاءات تشير إلى إنجازاتها وما حققته من خطتها السنوية في محاولة لإبراز جهود العاملين فيها وضلوعهم بالمسؤوليات التي أوكلت إليهم، فيبرز الحصاد وفيرا، والعطاء سخيا، ولكن هل الكم هو الهدف، وهل تقديم الخدمات بات يحسب بالأرقام وليس بالتأثير وانعكاس هذه الإنجازات على الواقع؟
وما يعنينا هنا المؤسسات الثقافية التي تميزت خلال العام الفائت بتحقيق العدد الأكبر من الأنشطة على الصعد كافة «الإصدارات للكتب والترجمات، والندوات والمهرجانات، المسرح والسينما والفنون كافة، والاحتفاء بالمبدعين وتكريمهم..», وكان للطفولة النصيب الأوفر من النشاطات والمعارض الخاصة بها، والاحتفاء بالمبدعين في تكريمهم، وقد امتد عبيرها إلى المحافظات غالبيتها في محاولة لإعادة الألق للثقافة والاحتفاء بانتصارات جيشنا العربي السوري، وهذه الجهود جميعها تثمن وتسجل لوزارة الثقافة.
ولكن هل يتوقف دور المؤسسات الثقافية عند تقديم هذه الخدمات، ونحن نعلم أنها وضمن أجندة أهدافها أن تكون خط الدفاع الأول عن هويتنا الثقافية ضد أي غزو يحاول أن يتغلغل إلى البنى الاجتماعية لبث الأفكار والمعتقدات التي لاتمت لمجتمعاتنا بصلة، والمحافظة على التراث واللغة وتحصين أبناء الوطن من أشكال الغزو المعرفي الذي بات متاحا عبر وسائل الاتصال الحديثة، وتقديم ثقافة تنبع من أصالتنا لتصنع واقعا حضاريا وإنسانيا يليق بإرثنا العريق.
الجهود التي تبذل لاشك كبيرة ويبدو أنه لاخيار للمثقف اليوم إلا أن يضطلع بدوره في دفع عجلة التنمية والتطور الثقافي وغرس القيم الإنسانية النبيلة «الخير والتسامح والحب» وتعزيز الهوية الوطنية، وبناء جيل واع يؤمن بانتمائه ويساهم في رفد الوطن بطاقات جديدة، في محاولات جادة لصوغ حياة ثقافية جديدة قادرة على التغيير والتأثير لتصبح الثقافة جزءا من قناعات الناس، فالجميع معنيون ببناء صروح الوطن وإعلاء شأنه، والدماء التي روت أرض الوطن لما تجف بعد، وهي رسالة قوية للحفاظ على حرية البلاد وصونها، والعمل على إعادة بنائها، وبناء مجتمع متماسك، معافى من الآفات الاجتماعية والأخلاقية يؤمن بأن الثقافة حياة.
رؤيـــــــة
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
رقم العدد : 16879