بدأنا نلمس مجموعة من الإجراءات الحكومية الجديدة بعد التعديل الحكومي الأخير، والملاحظ في النهج الجديد للحكومة ترسيخ سيادة القانون والمساواة التي يقوم عليهما القانون وهما العمومية والتجريد، أي تطبيق القانون على جميع من تتحقق فيه شروط وأحكام القانون وعلى جميع الحالات التي يضبطها، وإذا كانت مسألة إلغاء الاستثناءات تعد أساسية وضرورية لتحقيق المساواة والعدالة في تطبيق القانون فإن ذلك يجب أن ينحصر في الحالات التي أعطى من خلالها المشرع للوزير أو أي مركز وظيفي آخر هذا الحق في الخروج عن المبدأ والحق الذي يتضمنه النص القانوني فإن ذلك ينبغي ألا يفهم منه إلغاء السلطات التقديرية التي تعطى للإدارات العامة في كثير من جوانب عملها لأن السلطة التقديرية للإدارة ضرورية لتأمين المرونة وتقدير الحالات المختلفة كل على حدة، فلا يمكن للنص القانوني أن يضبط كافة تفاصيل العمل وجميع إجراءاته في أي مجال من المجالات وفي الوقت ذاته لا يمكن أيضاً أن يقتصر دور القانون على تنظيم الخطوط العريضة وترك كافة الجوانب التفصيلية للسلطة التقديرية للمسؤول عن تطبيقه، فالتوازن في هذا المجال على غاية من الأهمية ويجب أن يُراعى أثناء صياغة مشاريع القوانين وهذا ما يُنتظر من اللجان التي شكلت ولاسيما اللجنة التي تولى رئاستها وزير العدل لتقوم بوضع أسس ومعطيات لتكون قواعد يجب مراعاتها عند تشريع أي قانون.
وكي لا نبقى في الكلام النظري نذكر بعض الإجراءات التي قامت بها وزارة الداخلية على سبيل المثال والتي لاقت ارتياحاً كبيراً في الشارع رغم أنها منصوصة بالقوانين مثل إبلاغ أهل الموقوف جنائيا خلال 24 ساعة، منع تخفي كاميرات مراقبة السرعة على الطرقات، توقيف مُطلقي النار في المناسبات وليس انتهاء بموضوع السماح للعاملين في سلك الشرطة من تقديم طلبات نقل ودراستها ومعالجتها حسب مُقتضيات العمل والحالة الاجتماعية للعاملين.
ما تقدم من ذكر لإجراءات وزارة الداخلية يتيح لنا السؤال عن عدم تطبيق قوانين اجتماعية لها انعكاس اقتصادي وإنتاجي مثل إلحاق الزوجة بمكان عمل الزوج ؟ ولماذا لا تطبق نصوص القوانين بما يخص ضابطة البناء ويوماً بعد آخر يزداد عدد مناطق المُخالفات؟ لماذا نُحمل المواطن مسؤولية تأخير الجهات الرسمية في إنجاز الأبنية السكنية؟ الأسئلة تطول ولكن في المحصلة كل ما نراه من خلل وسوء في الوضع المعيشي للمواطن ناتج عن سوء في تطبيق القانون واستغلاله لمصالح خاصة.
ينطلق كل مشرعٍ من مبدأ لازم وعام لكنه غير حقيقي هو تساوي الناس في الظروف والإمكانيات ومهما بالغ المشرع بالتفصيل والتوضيح ومهما بالغ المطبقون في توضيح شرح القانون فإن الكثير من الثغرات تبقى وتسبب المشاكل من هنا فإن ما اصطلح عليه بأنه روح القانون يبقى الغاية اللطيفة التي من أجلها تم سن القانون.
تغيير شخص يغير الانطباع العام ويغير مسيرة القانون ولكن لو التزم الجميع بتطبيق القانون وروحه من مبدأ الالتزام فإن حالة المجتمع والبلد تتغير وهذا ما يجب أن يتم العمل عليه من الجميع.
على الملأ
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 8-1-2019
رقم العدد : 16879