من سورية إلى أقصى منطقة في الشرق العربي، الذي يطلق عليه الغرب الشرق الأوسط، مازالت الولايات المتحدة تناور وتلعب وتمارس الإرهاب وترتكب المجازر بحق شعوبه لتصنع من جغرافيته خريطة جديدة، تحقق لها أجنداتها المشبوهة من جهة وتحافظ لها على أمن كيانها الإسرائيلي اللقيط من جهة أخرى.
وهذا الجنون بممارسة السياسات العدائية واستخدام مبدأ القوة الفائضة زادت وتيرته مع وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، فهو من ينظر إلى أي قضية في العالم بمنظار الاستثمار وجمع الأموال وابتزاز الآخرين، وقوات بلاده بات يعرضها كمرتزقة لحماية أمن حلفائه وأدواته للحصول على المكاسب والأموال، وهو الذي توعد هؤلاء مؤخراً وهددهم بوقف عمليات واشنطن العسكرية لقواته ما لم يدفعوا له ما يريد.
في الحالة العامة المسماة (شرق أوسطية) بالمفهوم الترامبي وحسب المصلحة الأميركية تتكثف المعطيات الأميركية وتتركز أجنداتها المشبوهة في سورية تحديداً لما لها من أهمية بالغة على رقعة الجغرافيا التي تتوسطها، فنرى الهدف الأميركي منذ بداية الأزمة هو إحداث حالة من الانقسام في الجغرافيا أولاً وفي بقية المشهد برمته ثانياً، مع نشر الفوضى الهدامة ومد عمر الأزمة إلى ما لا نهاية.
اليوم يتكرر هذا السيناريو الذي اعتمده البيت الأبيض منذ سنوات، فيتخلى قادة المكتب البيضاوي عن حلفاء له في الشرق السوري لحساب حلفاء جدد، ويسعر هو وحليفه التركي من حدة القتال بين تنظيماتهم المتطرفة لبلورة المشهد القادم كما تشتهي سفنهم العدائية.
وحسب المصالح الأميركية والتركية العدوانية يخلط ترامب وأردوغان أوراقهما الإرهابية فيحرقان بعضها ويمهدان لصعود بعضها الآخر وصدارته، بعد خسارتهما الكبيرة بالميدان وتقدم الجيش العربي السوري ووأده للإرهاب في معظم الجغرافيا السورية، رغم أنهما يروجان لخلافات مزعومة بينهما.
فكما راوغت واشنطن بموضوع انسحابها من سورية عبر التصريحات المتناقضة حول الخروج السريع مرة والبطيء مرة أخرى، فإن أنقرة وواشنطن تستنسخان أكذوبة الخلاف المحتدم بينهما، فلا يستقبل أردوغان مستشار الأمن القومي جون بولتون ليوهم العالم بأنه يرفض شروطه، ولا تفصح واشنطن عن خياراتها المزعومة تجاه تركيا، مع أنهما ينفذان على أرض الواقع كل الاتفاقات المبرمة بينهما ويتواطآن بشكل خفي لحسم الأمور كما تشتهي رياح شهيتهما الاستعمارية.
كتب أحمد حمادة
التاريخ: الخميس 10-1-2019
رقم العدد : 16881