السبت القادم مؤشر للرد العملي.. ماكرون يتعلق بقشة «الحوار الوطني» .. والمحتجون يعتبرونه مراوغة للتضليل
بعد فشل ممارسات القمع والاعتقالات، وفي محاولة جديدة لإخماد جذوة الغضب الفرنسي المشتعلة احتجاجا على سياسات حكومة ايمانويل ماكرون، يعول الأخير على «الحوار الوطني الكبير» الذي ينطلق اليوم من منطقة النورماندي غرب فرنسا، ويستمر حتى الخامس عشر من آذار، لاحتواء حركة «السترات الصفراء» ومطالبها المشروعة.
دعوة الحوار التي أطلقها ماكرون تواجه احتمالات الفشل، حيث حملات التشكيك بها بدأت مبكرا، لما ينطوي عليه النقاش والحوار مجازفة كبرى بالنسبة لماكرون بحسب العديد من الخبراء والمحللين السياسيين في فرنسا.
ويرتكز الحوار الوطني بحسب دعوة ماكرون على أربع نقاط أساسية هي: القدرة الشرائية، ونظام الضرائب، و الديمقراطية، والتحولات البيئية، ما يشكل دلالة على أن السلطة التنفيذية استوعبت بأن المطالب تعدت ما هو اجتماعي وترغب أيضا في إحداث تغييرات سياسية.
بنيمين غريفو الناطق باسم الحكومة أشار إلى أن الحوار سيتجنب بعض النقاط الحساسة مثل الهجرة، والإجهاض وحكم الإعدام، لما يمكن أن تسببه هذه النقاط من اختلافات تعيق حل المشاكل الأساسية.
أما ما عقَّد وشكل عثرة للحوار قبل بدايته أساسا فهو استقالة شانتال جوانو الوزيرة السابقة التي كانت مكلفة بتنظيم الحوار، ما أربك الحكومة، وجعل رئيس الحكومة إدوارد فيليب يخرج ليشرح الموقف قائلا: المهم هو الحوار وليس الأشخاص!.
وفي حين رحبت بعض الأحزاب بالحوار مع بعض التحفظات، إلا أن الأحزاب المعارضة الكبرى من أقصى اليمين وأقصى اليسار عارضته جملة وتفصيلا واعتبرته مراوغة وجدارا من الدخان لحجب الحقائق وتضليل الشعب، وتقود بهذا الصدد حملة إعلامية قوية تسعى من خلالها لإجهاض الحوار في بداياته والتأثير على حركة السترات الصفراء المنقسمة أصلا بشأن الحوار الوطني بغالبية رافضة، هذا ما عبرت عنه الوجوه البارزة للحركة.
إذ صرح إيريك دروي الذي أجاب عن السؤال المتعلق بالحوار قائلا: كان يمكن للحوار أن يكون فكرة جيدة لولا أن الرئيس، وعبر بعض المسؤولين، قال ثمة نقاط لا رجعة فيها، ما يجعلنا نرى أنه لا جدوى منه، فيما قال جان جاك إن الحوار سيكون في الشارع وليس في القاعات وعبر الإنترنت، في إشارة إلى المنصة الإلكترونية التي أعلنت الحكومة عن وضعها لجمع آراء المواطنين.
وكتب بول كينيو في صحيفة ليبيراسيون: إن هذه المناورة شديدة الخطورة ولا سيما أن مزاج البلاد يبقى مشاكسا للغاية.
بدورهم شكك المحتجون بالنقاش قبل بدئه وأكد العديد من محتجي «السترات الصفراء» أنه لا يوجد أي شرعية لماكرون مؤكدين أن النقاش الحقيقي يجري اليوم في الشارع كما أثبتوا السبت الماضي عبر تصميمهم على النزول إلى الساحات بأعداد متزايدة .
ومن جانبها وصفت الأحزاب السياسية الحوار الوطني بأنه خاو، واعتبر حزب فرنسا المتمردة أنه مجرد تمويه.
في المقابل حذر رئيس حزب الجمهوريين لوران فوكييه من مناورة فظة كما حذر رئيس حزب البيئيين يانيك جادو من أنه إذا تلاعب ماكرون على الفرنسيين فهناك مخاطر بانهيار الديمقراطية أكثر.
أما عن آليات تنفيذ الحوار الوطني الكبير فالمهمة تبدو صعبة لأن أحد أهدافه هو الوصول إلى العمق الفرنسي، أي إنشاء لجان لجمع مقترحات المواطنين وتطلعاتهم في كل البلديات، وقد رصد له مبلغ 4 ملايين يورو لتنظيمه، قابلة للزيادة، طول العملية وكونها سابقة في فرنسا يجعل الضبابية التي تلفها عائقا كبيرا.
كما تحدثت الحكومة عن إنشاء «لجنة ضامنين» تمثلها شخصيات تحظى بمصداقية شعبية، على غرار «المدافع عن الحقوق» والوزير السابق جاك توبون، أو المفوض الأعلى لإصلاح نظام التقاعد جان بول ديليفوي.
وبحسب المراقبين فإن الحوار سيشكل منعرجا حاسما لمصير ماكرون وحكومته وتحديا كبيرا لتجاوز الاستحقاق الأوروبي القادم في شهر أيار المقبل، والذي يتوقع الكثيرون أن أصوات الغضب ضد ماكرون ستصب في صناديق حزب اليمين المتطرف في صورة نمطية للتغيير الحاصل في أوروبا، حيث تلقى أحزاب اليمين المتطرفة تأييدا شعبيا غير مسبوق.
كما أن السبت القادم وفق المراقبين سيمثل الرد المبدئي على هذه الخطوة، كما سيضع ربما حدا لأي أمل لولاية قادمة لماكرون.
وكالات – الثورة:
التاريخ: الثلاثاء 15-1-2019
الرقم: 16885