أردوغان في موسكو .. محاولات لشراء الوقت وإنتاج حلول بديلة

تحمل زيارة رئيس النظام التركي رجب أردوغان الى موسكو في هذا التوقيت تحديداً الكثير من الأهمية لجهة حساسية وخطورة الملفات والقضايا المطروحة على الطاولة في ظل انسداد الأفق أمام تنفيذ الاتفاقات والتعهدات المبرمة بين موسكو وأنقرة، وفي وقت يدور فيه الحديث عن وصول تركيا الى حائط مسدود في تفاهماتها المعلنة وغير المعلنة مع الولايات المتحدة الأميركية حليفتها وشريكتها الأساسية في دعم واحتضان الإرهاب، لاسيما تلك الملفات التي تخص إدلب وشرق الفرات والتنظيمات الإرهابية التي تتوازع أوامرها بين الطرفين الأميركي والتركي بحسب المصالح والأهداف والأدوار .
ضمن هذا السياق تأتي زيارة أردوغان الى موسكو، الزيارة التي تعصف بها رياح التصعيد والتوتر والقلق والغموض الذي يطبق على المشهد نتيجة مخاضاته الصعبة والعسيرة جداً، في ظل حالة الهستيريا التي تجتاح معسكر الإرهاب برمته وخصوصا الكيان الصهيوني والتركي الذي تنبه مؤخرا وتحديداً بعيد إعلان الإدارة الأميركية نيتها الانسحاب من سورية أنه تلقى لطمة قوية من واشنطن حليفته وشريكته ليس في الحرب على سورية فقط، بل في دعم الإرهاب وتدمير وضرب المنطقة، وهذه الشراكة تجلت بشكل واضح منذ بدء أحداث (الحريق العربي) في العام 2010 حيث كان التناغم والتنسيق حاضرا وبقوة بين واشنطن وأنقرة.
زيارة أردوغان وبحسب الظروف المحيطة بها تندرج تحت عنوان إنتاج حلول بديلة واستجداء التعاون من موسكو في ظل الكثير من الملفات والقضايا الشائكة التي تبدأ من المناطق الواقعة شرقيّ الفرات، ولا تنتهي في إدلب، في ظل التداعيات المحتملة للانسحاب الأميركي المفترض خلال المرحلة المقبلة.
الموقف الروسي كان ولا يزال واضحا وحاسما جدا لاسيما في القضايا التي تخص الشعب السوري وسيادته ووحدة أراضيه، وهذا ما عبرت عنه روسيا مرارا وتكرارا في ضوء عدم الالتزام الواضح من تركيا في تنفيذ تعهداتها واتفاقياتها المبرمة مع الروسي، خاصة ما سمي بـ (اتفاق سوتشي) الذي أنجز في أيلول الماضي، وهذا الأمر أي احترام سيادة دمشق والحفاظ على وحدة أراضيها أمر محسوم بالنسبة للموقف الروسي ولا يمكن للتركي اللعب على هذا الوتر في ظل امتلاك الدولة السورية لمفاتيح القرار والحسم على أراضيها بعدما امتلكت بالكامل زمام المبادرة بعيد اندحار وتقهقهر التنظيمات الإرهابية.
الجعبة التركية وكما أنها تبدو متخمة بالقضايا والملفات الحساسة فهي أيضاً تبدو متخمة بكثير من الطموحات والأمنيات الغارقة في الوهم، وهذا ما تؤكده كل الاجتماعات واللقاءات السابقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي والتي كان أردوغان يسارع فيها للإعلان عن الالتزام بتعهداته واتفاقاته وتنفيذها على الأرض، فيما الواقع كان يثبت عكس ذلك تماماً، وهذا من شأنه أن يلقي بكثير من علامات الاستفهام عن توقيت الزيارة لجهة تصنيفها ضمن زيارات جس النبض لمعرفة ردود فعل ومواقف موسكو حيال مواقف أنقرة الأخيرة لاسيما اتفاقاتها – المعلنة وغير المعلنة – مع واشنطن وما تسرب عن اتفاق بين الطرفين حول إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، كما يمكن تصنيف الزيارة بأنها جزء من محاولات أردوغان للمناورة وشراء الوقت والتصيد في الهوامش والفراغات التي خلقتها مخاضات اللحظة الأخيرة بتداعياتها وإرهاصاتها الثقيلة والكارثية على أطراف الإرهاب كافة.
بحكم المواقف والثوابت الروسية التي كانت واضحة وحاسمة منذ بدء الحرب على سورية، فإنه يمكن القول إن هذه الزيارة ستكون حاسمة لجهة وضع النقاط على الحروف وتحديدا في ملف إدلب وشرق الفرات لما يخص مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي المتوقع، كما أن الضغط الروسي سيكون حاضرا لجهة الضغط على أردوغان لتنفيذ اتفاق سوتشي وتخليه عن دعم التنظيمات الإرهابية التي لا تزال حتى اللحظة تتلقى الدعم والإسناد والأوامر من النظام التركي وفقا لأجنداته وتحركاته وطموحاته الاستعمارية وما حصل مؤخرا في أرياف حلف وإدلب يؤكد أن هذه التنظيمات لا تزال تتلقى الدعم والأوامر من نظام أردوغان.
إن الواقع بمعادلاته وقواعده وحوامله التي باتت متجذرة في عمق المشهد السياسي يفرض على جميع أطراف الإرهاب عدم تجاهله والعبث فيه تحت أي ظرف من الظروف، بل على العكس من ذلك فإنه يجب على تلك الأطراف مقاربته ومحاكاته بشكل صحيح ومسؤول وأخذه بتحولاته الكبرى على محمل المسؤولية والجد ، وغير ذلك هو لعب بالنار ودفع بالجميع الى حافة الهاوية.

 

فؤاد الوادي
التاريخ: الخميس 24-1-2019
الرقم: 16893

 

 

 

آخر الأخبار
"السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S الدفاع المدني يناشد الأهالي تجنب مخاطر مخلفات الحرب ArabNews: الشرع يبحث اتفاقية دفاع مشترك مع أردوغان تركيا: توقيف 46 شخصا على صلة بتنظيم "داعش" الإرهابي بيدرسون يرحب بتأكيدات الإدارة السورية على بناء الدولة على أسس جامعة