فيلم «ألعاب محرّمة»..هل يمكـن للطفـولة أن تغسـل وسـاخة الحـرب..؟!

إيقاع الدهشة لن يخف ولن يقل حضورها..
كما لو كان الأمر لِزاماً في سبيل تصاعدها وصيدها كل لحظة انتباه من وعينا..
كما لو أنه رهان ينجح فيه بضعة مبدعين في البعض من أعمال السينما.. فتبقى علامات فارقة في مسيرتهم..
تماماً هو ما يسير عليه الأمر في فيلم (ألعاب محرّمة- Jeux Interdits)، إخراج رينيه كليمنت.. مع أن زمن إنتاجه يعود لعام 1952، إلا أن الحرب هي ذاتها لم تتغير.. المطروحة خلفيةً لأحداث الفيلم عائداً لسنة 1940، مبتدئاً بالحدث الأفظع موت والدي طفلة بريئة، أدّت الدور بريجيت فوسي.. ومع موتهما يسير خط الحكاية مع الصغيرة.. وبشفافية نرقب كل ما يحصل لها.. كأنها تنثر شفافيتها لتمتص كل فظاعات الحرب.
هكذا ننسى لوهلة أن الحكاية المعروضة علينا تتم زمن الحرب ونسلو لحين مأخوذين ببساطة طرحٍ يصل إلى عمق الأشياء دون زخرفات أو مبالغات في فن الصورة ومرافقاتها.
ومع تعرّف الطفلة على عائلة الفتى ميشيل، أدى الدور لوسيان هوبير، ينزاح سياق الصراع من بعده الحربي دولياً، ليصبح ببعدٍ اجتماعي داخلي بين أبناء المنطقة الواحدة.
جملة مفارقات تشكّل سياقاً لبلورة الصراع الاجتماعي بين أسرتين هما أسرة ميشيل وأسرة مجاورة تعيش بالقرب.. دون أن ننسى تلك اللمحات التي يُظهر من خلالها «كليمنت» الفروقات الطبقية بين مجتمع المدينة «باريس» ومجتمع الريف، بأسلوبية غير مباشرة وغاية في الحفر بتفاصيل النقد الاجتماعي المتفرّع إلى مطارح عدة لكنها تبقى تجتمع لتصوّر لنا كل الأحداث من وجهة نظر الطفلين.. البطلين الفعليين للعمل.
طفلان شغوفان بممارسة لعبتهما المتمثلة بإقامة مقبرة وتجميع حيوانات ميتة وإنشاء مقابر لها.. لتقترب لعبتهما من ملامسة أركان محرّمة حين يبتغون تجميع الصلبان حتى لو كلّف الأمر «ميشيل» سرقة صليب الكنيسة..
ثمة نوع من الرمزية يتأتى من تغليف هذا النوع من اللعب وتصعيده ببعدٍ ذي شقين ديني وآخر حياتي.. فالطفلان يتعاملان مع الأشياء بغاية البساطة وربما أراد لها «كليمنت» أن تكون بغاية الخفّة.. هما متحرران من أعباء الكبار سواء أكانت دينية أم حياتية.
فليس ثمة قشور أو طبقات تختبئ تحتها مشاعرهما.. لا من حيث العواطف ولا الموت ولا حتى الدين.. هذه الأشياء أو المسمّيات التي حار الكبار في إيجاد منطق للتعامل معها.. دون تعقيد ولا حيرة يتعاطى معها الصغيران.. وكأنهما أحاطا كل صخب الحرب ونزاعات الكبار بمنطق خيالهما وحده ولا شيء سواه.. منطق اللعب.
الفيلم الذي عُرض مؤخراً في معهد (Altc) ضمن برنامج أسبوعي يشرف عليه الناقد السينمائي فراس محمد، يقدم مختارات سينمائية وأحدث خياراته يأتي ضمن تظاهرة «كلاسيكيات أوروبية»، التي كان «ألعاب محرّمة» أوّلها.. يعرض صراعات من خلال ثنائية «عالم الصغار، عالم الكبار» وما يدور فيها من تناقضات.. كأن تكون ألعاب الكبار المحرّمة متجسدة في الحرب ونيرانها التي تأكل كل شيء.. بينما لم تتعدَّ ألعاب الصغار، حتى لو اُعتبرت محرّمة، خيالات الطفولة البريئة..
وكل هذه التناقضات والصراعات اعتمد المخرج أسلوب المحاكاة الكوميدية الساخرة سبيلاً لالتقاط جوهرها.
lamisali25@yahoo.com

لميس علي
التاريخ: الاثنين 4-2-2019
الرقم: 16901

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
في حادثة صادمة.. فصل طالب لضربه مدير ثانوية في درعا "الطوارئ" :  2000 حادث سير منذ مطلع العام و120 وفاة جلسة مجلس الأمن: دعوات لرفع العقوبات ودعم العملية السياسية في سوريا رئيس الوزراء القطري والمبعوث الأميركي يبحثان سبل دعم سوريا الهلال الأحمر القطري يطلق مشروعاً إنسانياً لإنقاذ مرضى الكلى في سوريا سجن المزة العسكري .. تاريخ أسود من القهر والتعذيب الاعتماد الصحي يدخل الخدمة .. وزير الصحة ل " الثورة " : ضمان الجودة والسلامة في الرعاية الصحية "المفوضية الأوروبية": على أوروبا الاضطلاع بدور فعال في دعم سوريا المصارف.. انكشاف مالي عابر للحدود تصدير 89 براداً من الخضار والفواكه إلى الخليج في 4 أيام الشفافية الدبلوماسية على لسان " الشيباني "  بدعم من "يونيسف".. "السويداء" تطلق أعمال ترميم ست مدارس ارتفاع الأسعار مرض اقتصادي يترقب العلاج! كيف حوّل النظام المخلوع مدارس ريف دمشق إلى ثكنات عسكرية؟ توسيع الطاقة الاستيعابية في المدينة الجامعية بحلب لجنة فنية  لدراسة الاعتراضات على المخططات التنظيمية بحلب تفاوت أسعار الأدوية بحلب.. غياب للرقابة والنقابة لا تجيب..! الإنارة في دمشق ..حملات صيانة لا تلامس احتياجات الأحياء 10 آلاف مستفيد من خدمة "شام كاش"  في "بريد اللاذقية" الأمن الداخلي يُعلن التحرك بحزم لإنهاء الفوضى في مخيم الفردان