بعد فشل مراهنة واشنطن على عكازها الإرهابي، والذي يفسره الحديث الأميركي عن قرب موعد سحب القوات الأميركية المحتلة، والتي كان هدف وجودها منذ البداية حماية ودعم التنظيمات الإرهابية على مختلف أشكالها وتسمياتها، تريد واشنطن استدراك ما تبقى من فلول إرهابيي داعش لإطالة أمد ديمومتهم، وطلبها من الدول المصدرة لهم كي يستردوا بضاعتهم الفاسدة تلك هو لرعاية أولئك المرتزقة إلى حين طلبهم مجدداً.
الطلب الأميركي الذي جاء تحت وطأة التهديد بإطلاق سراح الإرهابيين وتسفيرهم إلى بلدانهم الأصلية، وضع «الإرهاب» في قائمة الانتظار ريثما يتم السماح له بالعودة إلى «مسقط رأسه» في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الراعية له، الأمر الذي جعل تلك الدول تضرب أخماسها في أسداسها، أمام مأزق تداعيات رفض الأوامر الأميركية، أو قبولها، لعلمها أن مرتزقتها قنابل موقوتة سينفجرون بأي لحظة، والمشاورات الجارية بين تلك الدول لاحتواء تلك التداعيات تثبت صحة ما سبق، وحذرت منه سورية من حتمية ارتداد الإرهاب إلى البلدان التي صدرته، ولاسيما وأنه ضرب العديد منها خلال السنوات الماضية، ولكنها لم ترتدع، وواصلت دعمها لداعش وغيره من التنظيمات الإرهابية.
الطلب الأميركي يحقق لإدارة ترامب أكثر من هدف في آن واحد، فهي تريد أولا أن تروج لنصر وهمي على منتوجها الداعشي، والعمل على حمايتهم لاستثمار جرائمهم في أماكن أخرى ثانياً، وابتزاز حلفائها كي يبقوا تحت عباءتها ثالثاً، والأهم التغطية على هزيمة مشروعها في سورية بعدما فشل مرتزقتها في تأدية المهام المطلوبة كما خطط لها منذ البداية، ولذلك جاء إنهاء دورهم الوظيفي عبر صفقة تؤمن الحفاظ على حياة المئات من متزعميهم، مقابل الحصول على ما سرقوه من كنوز السوريين، مع السعي لتثبيت ميليشيا «قسد» مكانهم، وفرض واقع جديد على الأرض يصب في خدمة مشاريعها التقسيمية التي مازلت تتوهم بإمكانية تحقيقها.
إرهابيو داعش يلفظون أنفاسهم الأخيرة اليوم بفعل انتصارات الجيش العربي السوري، وليس كما تدعي أميركا، وهذا ما يدفعها لتغيير خططها العدوانية، كي تجنب نفسها تبعات الفشل، وعجزها عن تغيير الواقع الميداني وحتى السياسي يجعلها تجهد في البحث عن خيارات أخرى لإطالة أمد الأزمة، فتبتز حلفاءها بالورقة الداعشية كي يرسلوا جنودهم ليحلوا مكان قواتها المحتلة، وتغري نظام أردوغان «بالمنطقة الآمنة» ليبقى وكيلها الإرهابي على الأرض، وتغدق العطاء على ميليشياتها من «قسد» كي لا تشذ عن دورها الوظيفي، ولكنها سرعان ما ستقع في مستنقع الهزيمة مجدداً.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 20-2-2019
رقم العدد : 16914