عندما يهدد ترامب أوروبا، ويقول إما إعادة دواعشكم من سورية وإلا فالإفراج عنهم.. فما الذي يمكن أن نفهمه من ذلك؟.. ببساطة هو متزعم التكالب الدولي على سورية، وقد أقرَّ بأن الدواعش، هم دماه الإرهابية المتحركة التي يحركها عن بُعد، كيفما شاء، بل هو وحده وأجهزة استخباراته من سيحدد لتلك الدمى الإرهابية وجهتها المقبلة، وعلى أي أرض ستحل، وأي أجندة دموية ستنفذ.
الغريب هنا أن ترامب حصر عدد الدواعش المتبقين بـ 800 إرهابي فقط، مع العلم أن أعدادهم يتجاوز ذلك بكثير، بحال استثنينا أيضاً من يتم الإبقاء عليهم والاستمرار في تدريبهم لتنفيذ أدوار وظيفية أخرى، خاصة أولئك الموجودين اليوم في منطقة التنف تحت الرعاية الأميركية، والعدد الذي طرحه ترامب يقودنا أيضاً إلى سؤال آخر هو أين آلاف الإرهابيين الذين كانت (السي آي آيه) تتحدث عنهم، وقدرت تقارير استخباراتية أميركية وأوروبية أعدادهم بأكثر من 80 ألفاً، فهل هربوا أم قتلوا أم تم اعتقالهم؟!، وإذا كانوا قد هربوا، فكيف استطاعوا الفرار، والأقمار الصناعية والصواريخ الأمريكية الذكية لا تخطئ دبيب النملة إن أرادت؟!، وإن كانوا قد قتلوا فأين صور قتلاهم، وإن كانوا قد اعتقلوا، فأين صورهم وهم في السجون والمعتقلات؟!، هل تبخروا على وقع أوار النفاق الأمريكي؟! أم ركبوا على بساط الريح الهوليودي؟! أم وضعوا طاقية الإخفاء ولو إلى حين، أي إلى أن نراهم بعد فترة هم أنفسهم، بشحمهم ولحمهم، وبدشاديشهم ولحاهم في دول أخرى، بانتظار إشارة مشغلهم الأميركي؟!.
اليوم لم يعد هناك أي ألغاز، أو علامات استفهام وتساؤلات تحتاج إلى توضيح وإجابات، فالأميركي صنع داعش، واستثمر فيه، ولا يزال، سواء على الجغرافيا السورية، أم على الساحة الإفريقية، أو الأوروبية، وها هو يواصل مسرحية إنهاء دواعشه في شرق الفرات، بينما يستولي على الذهب والأموال التي سرقوها، كما أنه يصرُّ على تخويف نازحي الركبان، واحتجازهم في المخيمات، وكل ذلك بهدف إطالة أمد الأزمة، لعله يحقق خلال الأسابيع المقبلة ما عجز عن تحقيقه خلال ثماني سنوات.
الكولونيل الفرنسي فرانسوا ريجي لوغرييه أصاب كبد الحقيقة، عندما قال بأن التحالف الأمريكي المزعوم اتبع سياسة الأرض المحروقة، وقتل المدنيين الأبرياء، ودمر البنى التحتية، وأنه كان بالإمكان القضاء على داعش من خلال إرسال ألف جندي فقط، ولكن ماذا جرى؟!، هذا الكلام لم يطرب الإليزيه طبعاً، ولا البيت الأبيض، فما كان من باريس إلا أن سارعت إلى محاسبته، بل وحذفت مقالته التي فضح فيها انتهاكات التحالف الأمريكي، لينكشف للقاصي قبل الداني بأن الحرية الأمريكية والفرنسية لم تكن في يوم من الأيام إلا بضاعة للتصدير الخارجي وليست للاستهلاك المحلي على الإطلاق.
ريم صالح
التاريخ: الأربعاء 20-2-2019
رقم العدد : 16914