تأمل لحظة الحبّ الفارقة.. أســــطورة علـــــــى مقــــــــــاس غرامياتنــــــا..

في حوار مع الكاتب جوزيف كامبل تم فيه سؤاله عن سبب تضحية البعض بحياتهم سبيلاً لإنقاذ حياة الآخرين، كان أن استشهد ببحث «أسس الأخلاق» للفيلسوف شوبنهاور، الذي طرح فيه سؤالاً عن كيف يمكن للمرء أن يضحي بروحه لأجل الآخر.
«تأمل التبصّر الأحادي، هو الحالة التي يشرحها كامبل.. أو «تأمل النقطة الواحدة» يوضحها: (ما حدث يُعتبر اقتحاماً/تجاوزاً لإدراك ميتافيزيقي بأنك أنت والآخر واحد.. والانفصال بينكما ليس إلا أثراً للأشكال الزمنية الزائلة والناتجة من الشعور بالزمان والمكان.. وحقيقتنا تكمن في هذه الوحدة بين كل الحيوات.. إنها حقيقة ميتافيزيقية تُدرك بشكل تلقائي.. لأنها الحقيقة الصحيحة لحياتك)..
وهذا، بالضبط، ما يجعل بعضنا يقبل على إنقاذ شخص ما يتعرض للخطر دون التفكير بأي شيء آخر لحظتها سوى إنقاذه.. كأنما تلاشت أو تمّ تعتيم كل لحظات الحياة الأخرى وكل الواجبات والمسؤوليات التي تتوجب علينا.. بالمقابل تمّ تضخيم أو إضاءة لحظة الخطر المحدق وصولاً لفعل التضحية.
على هذا النحو يكون اقتحام قانون الطبيعة الأول «غريزة البقاء» حاصلاً بموجب اختراق سيادة «الأنا» لصالح انحلالها مع «ذاتٍ» أخرى..
وتبدو أكثر حالات انتشار هذا النوع من التأمل، حاصلةً في حالات الحب والعشق..
من الممكن جداً أن تتسيّد لحظة اللقاء الأولى مع من نُحب.. وتتكرر في أصداء لامتناهية في ذاكرتنا ومخيلتنا تأكيداً على استمرارية الحب.
هل هذا ما يحدث فعلياً حين نُحب..؟
و«هل الحب هو حب شخص أم حب شيء..؟»
كل الفرق يكمن بين «من» و«لماذا» حسب دريدا حين سئل عن موضوعة الحب ليميّز بين هل نحب الشخص لصفاته، أم لذاته..؟
وفق تفسير دريدا يحدث الحب بسبب إغراء من نوع ما لأن الآخر كذا وكذا، وبشكل عكسي يصاب الحب بخيبة أمل ويموت لأن الآخر ليس كذا وكذا.. وهو ما يقترب من معنى انطفاء وهج شرارة ذاك الإغراء.. إخماد تأمل النقطة الواحدة.. وكتم مفاعيل أصدائها في ذواتنا.
هل يمكن اعتبار انبهارنا بالمسلسلات العاطفية التي تبالغ بقصص الحب شيئاً من قبيل التقاط الرغبة بالتعويض.. وبالتالي يصبح التأمل هنا تأملاً رومانسياً مبالغاً به..
ما الذي يزيح اهتماماتنا درامياً صوب هذا النوع من الأعمال، مثل: الحب الأعمى، ما فيي، وأشباهها من مطولات عاطفية..؟
إنه التأمل، لكن ليس تأمل التبصّر الأحادي، أو تأمل اللحظة الفارقة.. إنما تأمّل يعيد زرع ما نتخيله ونتمناه في ثنايا رغباتنا.. كما لو أننا نعيد إحياءها في كل مرة نتلقى فيها هذا النوع من الأعمال..
هل هو الهوس بصورة الحب الرومانسي.. والبطل العاشق الرومانسي..؟
ربما هو الهوس بصورة البطل الأسطوري.. المتنامية لاشعورياً في دواخلنا.. وحسب الكاتب جبرا إبراهيم جبرا في أحد مؤلفاته.. ليس تعلقنا فيما نراه من دراما سوى تعلّقٍ بحبنا للأسطورة.. على هذا النحو نخترع أسطرة تناسب أهواءنا وخيالاتنا.. ولو كانت بنسخ هزيلة من دراميات تداعب رغباتنا.
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الاثنين 25-2-2019
رقم العدد : 16917

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة