أحدُ ملفات الحرب، والهجمة الشرسة التي تَعرضت لها سورية خلال السنوات الماضية، كان ملف المُهجرين، الذي يَحلو للبعض تَسميته (باللاجئين) لإضفاء سمة سياسية إضافية عليه، بهدف الاستثمار فيه أولاً وأخيراً، وهو ما حصل، ويَحصل حتى الآن على نحو قذر، إذ ينطوي على سلسلة من التلفيقات والأكاذيب التي لم تَكن أقل انحطاطاً وتفاهة من سواها التي أُثيرت بالملفات الكاذبة الأخرى، الكيماوي وغيره!.
عن كل الحروب تَنتج حالة من النزوح هرباً، أو بحثاً عن الأمن والأمان، وتُنتج الحروب عادة كوارث وويلات اقتصادية واجتماعية، أما أن تَجعل الدول المُعتدية من المُهجرين كأحد آثار عدوانها، مادة للاستغلال، وملفاً تَستثمر فيه، وتُمارس من خلاله ضغطاً سياسياً لتَحصيل ما عجزت عن تحصيله بالتحشيد والعدوان، فهو المُستوى غير المَسبوق بمُمارسة العهر السياسي!.
مَنظومة دول العدوان بالقيادة الأميركية، لم تَكتف باستثمار ناتج عدوانها الذي استَخدمَت فيه كل حُثالات العالم الإرهابية، بل حاولت استغلال حتى المُهجرين الذين هربوا من بطش التنظيمات الإرهابية المُسلحة اقتصادياً، فضلاً عن الاستمرار بمُحاولة الاستغلال السياسي، وإذا كانت حصيلة الاستغلال السياسي تُساوي الصفر لأنها مَكشوفة ومَفضوحة، ولأن سورية صمدت واستطاعت تَعرية أهداف العدوان بإحباط مشاريعه، فربما نَكشف في المُستقبل القريب كم كانت تافهة ورخيصة حكومات دول حلف العدوان عندما مارست الابتزاز والفساد المُعلن بقضية المُهجرين والمُساعدات، التي عُقد لها مُؤتمرات مَملوءة بالأرقام والادّعاءات الكاذبة!.
غير مرّة، وفي أكثر من مُناسبة، أعلنت الدولة السورية، أجهزتها الحكومية المَعنية، أنها تُرحب بعودة السوريين كل السوريين إلى ديارهم، بل إنها عَملت دائماً على تَوفير أسباب دعم عودتهم إلى بيوتهم وديارهم بعد تَحريرها من رجس التنظيمات الإرهابية التكفيرية، ولو كان يَتَّسع المَجال لذكر الأرقام، لدَعمنا بها وبالوقائع والأدلة، كم أَنفقت الحكومة السورية من الجهد والمال، وكم سَّخرت من الكوادر التي وَصَلَت الليل بالنهار عملاً من أجل إعادة تأهيل المناطق التي عاث الإرهاب فيها دماراً وتَخريباً، ناهيك عن السرقة والنهب!.
السيد الرئيس بشار الأسد – مُؤخراً – جَدد الدعوة للعودة، وقال سيادته: كما دَعوت سابقاً، أدعو اليوم كل من غادر الوطن بفعل الإرهاب للعودة والمُساهمة في بناء الوطن، مُؤكداً أنّ الوطن بحاجة لكل أبنائه لأنّ التحديات كبيرة، غير أنّ قوى العدوان ومَنظومته تَستمر حالياً بمُحاولة التلاعب بالمُهجرين والاستثمار فيهم على جميع المُستويات، لأنها تُدرك ربما بأن حل هذه القضية بعودتهم التي تُسهلها الحكومة السورية، سيُفقدها الذريعة السياسية الكاذبة التي تَنفخ فيها، وسيَحرمها المَنفعة الماديّة التي تَجنيها بالفساد الذي يَلف هذا العنوان الزائف، فضلاً عن أنّ مُخططات الشر التي أُعدت لسورية ستَسقط بأكملها مع تَحقق العودة، باعتبار المُهجرين ورقة أخيرة تَستغلها منظومة العدوان بعد أن هُزمت في الميدان، وبعد أن حَطَّمَ صمود سورية مَشاريع استهدافها بما تُمثل من قلعة للعروبة، وظهير لفلسطين، وداعم أساسي لفكر وثقافة ومشروع المقاومة ضد الاحتلال وسياسات الهيمنة!.
علي نصر الله
التاريخ: الأثنين 25-2-2019
رقم العدد : 16917