الفن والشعر

الملحق الثقافي:

عندما زار وليام دايس روما، كان مندهشاً: «في الحقيقة، بالنسبة إلي كانت روما نوعاً من القصيدة الحية، التي تقرأها النفس دون توقف، بالمعنى الهادئ الذي يلهمه الشعر». كان الدفء واللون والروعة المطلقة للمدينة الخالدة ساحقاً بالنسبة إلى دايس. ومع ذلك، فإن وصفه بأنها «نوع من القصيدة الحية» لا يشير فقط إلى إدراك الفنان المرئي الحاد للمظهر المميز للمدينة، بل أيضاً إلى حساسية عميقة للنبرة الشاملة والتاريخ والجو الخاص. سافر دايس لأول مرة إلى هناك في عام 1825، بعد عام من وفاة الشاعر لورد بايرون. ولد دايس في عام 1806، وكان أصغر بسنوات قليلة فقط من الشاعرين جون كيتس وبيرسي شيلي، الذي دفن مؤخراً عندما قام دايس بزيارته الأولى إلى روما. كان بالتالي جزءاً من حقبة كانت فيها فكرة «الشعر» واسعة بما يكفي لتشمل أي استجابة مبتكرة للعالم، مما مكّن شيلي من ضم رافائيل إلى جانب هوميروس وبيكون في إثارة إشارات إلى «أعظم الشعراء» من جميع العصور. يمكن للفنانين من العصر الرومانسي أن يرتفعوا بسهولة ككتاب إلى المثل التي أوضحها صمويل تايلور كولريدج في عام 1817، في مدح شعر ووردزوورث: إنه اتحاد شعور عميق بفكر عميق. 


إن وصف دايس لروما بأنها «قصيدة حية» لم يكن يبدو غريباً على أولئك الذين رعوا المثل العليا الكبرى في الفترة الرومانسية، وعلى الرغم من أن العقود اللاحقة شهدت إيماناً متناقضاً بالشعر، فإن تأثير كولريدج ووردزوورث استمر، من خلال الاقتباسات من الشاعر المسن أكثر من أي مصدر آخر. 
أعلن دايس أنه على الرسامين المعاصرين أن ينظروا إلى ووردزوورث ليستلهموا مواضيعهم بأقصى قدر من المعنى الروحي. إن تشبيه دايس يعبر عن رأي محب للشعر، في رسوماته أظهر دايس اهتمامه بالشعر. وقد كان أحد الرسامين البريطانيين الحديثين الذين اعتبروا أنه من واجبهم القراءة والتفكير والرسم والطلاء.
وفي محاولاته الناضجة، حاول أن يوحد الشعور العميق بالفكر العميق والحقيقة بالخيال وخلق جو العالم المثالي من خلال خيارات غير عادية، من الضوء أو اللون أو التعبير. وفي إحدى لوحاته يشكل التشابك بين ضوء المذنب مع وجه منحدر مرئي مشهداً رائعاً. السماء أخف بكثير مما يمكن توقعه في وقت متأخر من بعد ظهر الخريف، لذا فإن الضوء في واقع الأمر هو أن الضوء لا يمكن ملاحظته إلا من خلال الفحص الدقيق. من مسافة بعيدة، تبدو السماء العلوية صافية وغائمة وغير ساطعة مثل الفجر. ومع المزيد من التمحيص يكشف عن وجوه شخصيات: النساء اللواتي ينحنين في صورة ظلية على سلال من صيد البحر، وآخر يحدق إلى بقعة غير محددة، والأكثر إثارة للدهشة، الفتى الصغير الذي يحدق، فيما ضوء المذنب يسقط على جبهته بشكل عشوائي. باعتراف الجميع، قد تكون الإضاءة غير الطبيعية نتيجة لبناء لوحة من دراسات مختلفة على مدى فترة زمنية طويلة، ولكن الأثر التراكمي يثير القلق. ما يبدو في البداية وكأنه نزهة عائلية إلى الشاطئ يبدو مشحوناً بشكل متزايد بجو ذي أهمية خاصة. ولكن ما يصعب تحديده هو أمر صعب.
بالنسبة إلى مؤرخة الفن مارشا بوانتون، كان تصوير دايس الدقيق لمذنب دوناتي فوق منحدرات كينت المنهارة هو التأمل في الوقت المحدد، والذي أثاره القلق المعاصر حول العلوم سريعة التطور في علم الفلك والجيولوجيا. 
إن تعريف ووردزوورث الشهير للشعر كـ «التدفق التلقائي للمشاعر القوية»، الذي «ينشأ من العاطفة»، ووفقاً لووردزوورث، لم يكن الفن دائماً هو السجل المباشر للشعور، وإنما عن التجربة العاطفية الأصلية. كانت هذه الأفكار معروفة منذ ظهور المقدمة إلى الترانيم الغنائية في عام 1800، لكن نشر كتاب «المقدمة»  في عام 1850 من قبل ووردزوورث، قدم فهماً أكبر بكثير لاستكشافه العميق لأساليب الذاكرة. 
إن إعجاب دايس بالشعر الرومانسي واضح من رسوماته التي رسمها عام 1855 وتبدو صلاته مع ووردزورث أكثر وضوحاً. لقد صور المناظر الطبيعية الجبلية مع شخصيات ووردزوورث بشكل واضح – الأطفال يلعبون في المجرى، الرعاة، الرجال المسنين المنفردين أو النساء العاملات في الصناعات المنزلية التقليدية.
تأثر الفن بالشعر إلى حد كبير، ووجد الفنانون في قصائد الشعراء لوحات تعبر عما يجول في خواطرهم، بالإضافة إلى أن الشعر قد حفز خيال الفنانين، فاستنبطوا من القصائد لوحات غاية في الجمال.

التاريخ: الاثنين26-2-2019

رقم العدد : 16918

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية