أصبحت الكهرباء المتهم الأول وشبه الوحيد لمعظم الحرائق التي تحصل في المنازل و الجهات العامة و الخاصة، ولكن في الحقيقة إن وزارة الكهرباء ضحية وجسمها «لبيس» وكل شخص يُمكن أن يصل إلى هذا الاستنتاج من خلال إحصاء الأجهزة الكهربائية والإنارة التي يتخلص منها نتيجة احتراقها ومن بينها القواطع الكهربائية.
البلد ممتلئ بالأجهزة الكهربائية الرديئة الصنع، والمُستهلِكة بشكل كبير للطاقة الكهربائية والمخالفة كذلك للمواصفة الفنية السورية، وهنا يمكن ان نسأل كيف دخلت هذه الأجهزة إلى البلد وتحت أي مواصفة ؟
العام 2008 صدر القانون 18 المتعلق بمعايير استهلاك الطاقة الكهربائية في التجهيزات الكهربائية، وهذا القانون يُحسب لوزارة الكهرباء، وبمفهوم آخر يتعلق بتصنيع وتوريد أجهزة موفرة للطاقة، وبالتالي ينعكس ترشيداً في استهلاك الكهرباء، وبالتوازي مع هذا القانون هناك مواصفة سورية تضمن مواصفات فنية للتجهيزات الكهربائية ومواصفات طاقية، بما يعني أن تحمي الأجهزة نفسها وتتأقلم مع الشبكة الكهربائية مع ضمان عامل الديمومة لفترة طويلة.
واقع الأسواق عكس القانون 18 وعكس المواصفة السورية التي سبق ذكرها، ومعظم الأجهزة والتجهيزات مصدرها صيني، أي غير مُهربة من الشمال وتحديداً من تركيا، ما يعني أنها دخلت استيراداً من المعابر الحدودية، وهنا نسأل عن كيفية دخولها وهي مخالفة لكل القوانين ؟
أحد رجال الأعمال رد على سؤال عن رأيه بالتهريب بالقول هل هناك رأي بالمخدرات عن إمكانية السماح بتهريبها تحت أي ظرف ؟ اذا البلد والمواطن ضحية تاجر ليس لديه ضمير يعمل على مبدأ « أجهزة رديئة أعطال أكثر وبالتالي توريدات مستمرة « ويلاقيه في هذا الأمر أجهزة رقابية سيئة تقوم بتمرير هذه الصفقات.
اكثر شي يُمكن أن تجده في مكبات القمامة هو أجهزة الإنارة والتجهيزات الكهربائية، وهذا يُعبر عن رداءتها وعن سوء المستورد والرقيب، لأن بلدنا تحول الى مكب نفايات صناعية، هناك من يبرر بالقول إن القدرة الشرائية للمواطن لا تسمح بتوريد أجهزة غالية الثمن، ولكن الواقع أن الأجهزة الغالية الثمن المرتفعة الجودة تُعمر لفترة طويلة، والمواطن يبحث عنها وأكثر من ذلك المواطن يشتري بسعر مرتفع نفايات صناعية، لأن التاجر يستورد البضاعة السيئة بأسعار بخسة ليرفع من أرباحه دون أن يجد من يردعه أو من دون أن يكون لديه رادع داخلي، والأمر لا بد من معالجته بأحد أمرين، الأول والأهم بتوطين صناعة جيدة، وفي حال التعذر مراقبة المستوردات وفق المواصفة القياسية السورية المعروفة بمعاييرها العالية .
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 26-2-2019
الرقم: 16918