صحيح أننا لسنا في وارد التنجيم، أو قراءة الكف، أو الفنجان، أو حتى الضرب بالرمال، ولكن أن يصل متزعم داعش الإرهابي البغدادي، وهكذا وبقدرة قادر بين ليلة وضحاها، بحسب ما أكده الأمريكي شخصياً وهو بكامل قواه الاستخباراتية والميدانية والعدوانية إلى صحراء الأنبار العراقية، وتحديداً إلى إحدى المنطقتين وهما جزيرة راوة، أو غرب الثرثار، وأيضاً وصول عشرات الإرهابيين مع عائلاتهم بأكملها إلى تركيا، فإن ذلك لا يثير لدينا قائمة لا تنتهي من التساؤلات فقط، وإنما يؤكد المؤكد بأن الدواعش، هم أولاً وأخيراً ذراع أميركا في منطقتنا وعلى أراضينا، وبأن الأمريكي لو أراد حقاً أن يقضي على هذا التنظيم الإرهابي لقضى عليه بلمح البصر ولا سيما أنه هو من يطالعنا يومياً بتنقلات إرهابييه الدواعش، أين كانوا، وإلى أين اتجهوا، وحتى في أي مسكن يقيمون.
ما يدعم قولنا هنا هو أن الدواعش يفرون من التنف والجزيرة السورية ولكن السؤال هو كيف، فالمنطق يقول انه لا يوجد ولو خرم إبرة واحد يمكن من خلاله لأي داعشي أن يمر، ولا سيما مع وجود قوات الاحتلال الأمريكية على الأرض، دون أن ننسى طبعاً البريطانية والفرنسية، وميليشات الارتزاق الانفصالية التي تعيث إرهاباً وترويعاً ونهباً في المنطقة، وأيضاً مع وجود عمليات التحالف الأمريكي المزعوم التي على ما يبدو لا تستهدف إلا السوريين، لتستثني الإرهابيين فهم أداتها ومبرر وجودها وإن كان إعلامياً على أقل تقدير.
الغريب أن ترامب وإن كان يراهن على نجاعة الاستمرار بعرض فوازيره السياسية حول الانسحاب من سورية من عدمه، أو الإبقاء على 400 جندي من قوات احتلاله، أو حتى ما يسميه المنطقة العازلة، فإنه لا يدرك حتى اللحظة، أن كل مراوغاته لم تعد تجديه نفعاً، وأن تلوناته السياسية والدبلوماسية وحتى الميدانية، والقول بشيء والإتيان بنقيضه على الفور، لا يمكن لغربال غرفه الظلامية، ولا استخباراته البنتاغونية، أن يحجب حقائقها الساطعة بتاتاً.
قوات الاحتلال الامريكية خلال الأيام الماضية نقلت عبر مروحياتها العسكرية 50 طناً من ذهب دواعشها المسروق إلى واشنطن، فما الذي نفهمه من ذلك؟! وخلال الأشهر الستة الماضية فرَّ مئات الدواعش من سورية إلى الجبال والصحارى في غرب العراق ومعهم 200 مليون دولار نقداً، واختفوا هكذا، وبدون أي مقدمات، أو محاسبة من أي جهة كانت، بل وتم التعامي عن الموضوع وكأنه لم يحدث فكيف نفسر ذلك؟!.
أينما وجدت أمريكا وجد الإرهاب والخراب، وعشرات وربما مئات التنظيمات الإرهابية التي تعمل تحت إمرة مشغلها في البيت الأبيض، وتكون قبلتها بحسب أجنداته الفوضوية، ولكن الأمريكي وإن طال الزمن، فهو لا بد أن يقع في شر أعماله، ومن يعش يرَ.
ريم صالح
التاريخ: الأربعاء 27-2-2019
رقم العدد : 16919