ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: كان من المفيد للوزير جون كيري، أن يخصص جولته الخارجية الأولى للاستماع، قبل أن يشكل مقارباته، وربما كان أكثر فائدة له أن يجري تقاطعات، وأن يؤجل الكثير من استنتاجاته،
حتى لا تأخذه الصورة الضبابية والأصح الأحادية، التي تعمل الكثير من الأدوات الأميركية في المنطقة وخارجها على تعميمها، وتشكيلها، في محاولة لاستباق ما يمكن ان تصل إليه الدبلوماسية الأميركية.
وهذا ليس من باب النصيحة، كما أنه ليس من منطلق التمني، فالتمني في السياسة لا ينفع، وفي الدبلوماسية لا يجدي، ولكن قد يكون تصويباً للكثير مما صدر من إشارات ملتبسة حول توجهات الدبلوماسية الأميركية بوجهها الجديد، وربما يستطيع أن يضع حداً للتخبط والاستنتاجات المتسرعة التي حفلت بها.
فالوزير الأميركي.. قد لا يلتقي في جولته باستثناء السيد لافروف، ما يمكن أن يعدّل من تلك الأحادية، خصوصاً أن أغلبهم وربما جلّهم، سيركز على الهواجس التي أثارتها التباينات تلك في مسار وسلوك الدبلوماسية الأميركية التي تحاكي مصالحها قبل صداقاتها، وتبحث عما يخدمها, لا عما يقلق الأدوات التي انتهت صلاحية استخدامها.
وسيلمس السيد كيري الكثير من الشواهد الدامغة على أنّ الأطراف المتورطة في دعم الإرهابيين أو المتواطئة معهم، أو الساكتة عنهم، لا مصلحة لها في وصول الدبلوماسية الأميركية إلى تصور مغاير لما كانت عليه سابقتها، ولا رغبة لديها في أي مقاربة قد تؤثر على ذلك الدعم، وأن ما يصدر عن مرتزقتها من مواقف للمشاغبة على المشهد ليست أكثر من مماحكة ستزيد منها العودة الأميركية إلى اجترار المفردة ذاتها التي ثبت عدم جدواها.
فاللقاء بين وزيري خارجية روسيا وأميركا سيلقي بظلاله على المشهد الدولي، ليس لأن النتائج محسومة حسب ما يتوهم البعض، لكن لتوضيح الصورة التي تتحرك من خلالها الإرادة الدولية، التي وصلت إلى النقطة التي تحتاج فيها إلى حسم الخيارات، ولتحدد في أي اتجاه ستميل الكفة، بعدما بقيت راكدة على جمودها طوال الأشهر الماضية.
واليقين السائد أن لقاء اليوم، الروسي- الأميركي، سيحسم اتجاهات البوصلة، سواء أكان في تعزيز المواجهة الصامتة أو المعلنة، أم في خلق تقارب يخفف من حدتها، وفي الحد الأدنى يرسم تقاطعات جديدة، يحتاجها السيد كيري إذا ما فكر بإجراء محاكمة منطقية، قد تقتضيها المصلحة الأميركية، حتى لو كان غير جاد في الأخذ باستنتاجاتها مرحليا، أو لا يملك القدرة على ذلك!!.
لا أحد يجادل بأنه في الحضور الأميركي المباشر تنتفي الحاجة لوكلاء الحرب وأمرائها.. مرتزقة وأدوات ودولٍ تابعة ومرتهنة في قرارها وسياستها .. فجميعهم يتسابقون في رمي أوراقهم ويتخلون عن ملفاتهم، بانتظار التوكيل الجديد أو التمديد للوكالة السابقة، وربما في الإحالة إلى التقاعد النهائي.
ولا أحد لديه الرغبة في المناكفة حيال التوظيف الأميركي للإرهاب وغض النظر عن اصرار داعميه ورعاته وحماته على إشهار دعمهم، والمواربة التي يتبعها كيري في الحديث عنه.
المشهد رغم تعقيداته المركبة تفصح عناوينه عما يطويه في تفاصيله، وهي تكفي لتأكيد ما سبق أن تم تأكيده ليس من بوابة التكرار، وإنما من منظور وضع النقاط على الحروف، وفي مقدمته أن الحل السياسي يحتاج في بدايته إلى وقف من يدعم الإرهاب والإرهابيين بالتمويل والتسليح والتجنيد والتدريب والرعاية والاحتضان ويحتاج تالياً إلى إرادة أميركية حقيقية في وقف الاستخدام المزدوج للإرهاب حسب الحاجة أو المكان ووفق الغاية والهدف، وهي إرادة يبدو أن الوزير الأميركي استبعدها من مفرداته في مراوغة جديدة للاستمرار في توظيف الإرهاب وأدواته لعرقلة الحوار..!!
سورية جادة في الحوار، وأطلقت برنامج الحل السياسي، وقد سمع الأصدقاء الروس شرحاً واسعاً ووافراً عمّا أقرته من إجراءات، وما باشرت به من خطوات، وهي تتلاقى مع ما ذهب إليه الموقف الروسي منذ البداية، وأن ما يقرره السوريون هو المعيار، وما عدا ذلك لا يصلح حتى للقياس.
a.ka667@yahoo.com