ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : قيلت في الماضي ولا تزال تتردد في الحاضر.. أينما نشأت مشكلة في المنطقة..فتش عن بريطانيا، ونقول اليوم.. أينما وجدت دوراً مشبوهاً ودونياً ابحث عن بريطانيا.
بين الماضي والحاضر لا تستطيع بريطانيا ان تخرج من جلدتها، ولا أن تستغني عن الحيز الذي ارتضته لنفسها كتابع يدور في فلك الهيمنة الأميركية، فبعد أن غرب عز امبراطوريتها، وطوت صفحة الماضي، لم تجد حرجاً في أن تكون بالمساحة التي تحددها الحاجة الأميركية على الساحة الدولية كساعي بريد تؤدي خدماتها وتنفذ ما يستصعب الأميركي الغوص فيه، أو ما يرفض أن يسجل عليه.
بريطانيا العظمى لم يبق من عظمتها ما يمكن أن تحاجج به، وبريطانيا الامبراطورية التي ودعت الشمس منذ زمن، لا تريد أن تغيب الأضواء عن أدوارها المستنسخة حتى لو كانت في خدمة أميركا.
مع استيقاظ أطماعها أسوة بنظيراتها من القارة العجوز، لم تجد بريطانيا من عظمتها ما تداري به خيبتها، ولا ما تستعيد به مكانها تحت شمس الامبراطوريات التي غربت، ولا أمل في أن تشرق ثانية، فارتضت أن تكون التابع الامين لنزوات السيد الأميركي، والوجه المكافئ لأطماعه ومغامراته، والممسحة التي تمتص ما يزيد عن حاجته.
ما تعرفه شعوب المنطقة ويدرك البريطانيون ذلك، ان بريطانيا لم تكن يوما محبة إلا لأطماعها، ولا تبحث إلا عما يحقق تلك الأطماع حتى لو تعارضت مع مصالحها، ولم تحضر إلى منطقة إلا وتركت وراءها سيلاً لا ينتهي من المشكلات والمعضلات التي كانت وستبقى سبباً لحروب وصراعات، كانت في الماضي وتريد ان تستحضر الدور نفسه والموقع ذاته، ولو كان في الظل الأميركي ترضى بما يبقيه لها من فتات.
هيغ لا يستبعد تسليح الإرهابيين، ونحن لا نستغرب، وقد فعل ما هو أكثر.. لم يقصر على الإطلاق، ولم يدخر جهداً هو ودبلوماسيته في التحريض والدعم التهويل والضغط، وحماسته لا تخفى على أحد.
مارس الكذب سراً وعلانية على البريطانيين قبل غيرهم، وعلى مرتزقته مراراً وتكراراً، ويسحب اليوم هذا الكذب على العالم أجمع.
يدرك هيغ وسواه أن شرارة الحرائق التي أشعلها ستمتد، وأصابع الساسة البريطانيين ليست خارجها، وما ربته السجون البريطانية والإقامات الجبرية فيها من إرهابيين تم إرسالهم إلى سورية، شواهد وأدلة على ما ينتظرهم من هوامش ارتدادها، وقد بدأ بعض مرتزقتهم رحلة عودته من حيث أتى.
نحن السوريين – كغيرنا في المنطقة – خبرنا على مدى قرن من الزمن الأفعال البريطانية وما جرته على المنطقة، ولا زلنا نعاني مما اقترفته اليد البريطانية وقرائن سايكس بيكو حاضرة، ونعرف إلى أي حد هم ذاهبون فيما يشبهه، وما قد يتقاطع معه بنسخته المعاصرة التي تحاول أن تستدرك ما غفلت عنه في السابق، وأن تضيف إليه ما استجد من إحداثيات على خارطة المنطقة.
ونعرف أننا ندفع – نحن وعن غيرنا- ثمن مقاومتنا لما نتج عنه، ورفضنا لما ترتب عليه، ونعرف أيضا أن فاتورة الرفض للجديد منه تتضاعف، وتكاليف المواجهة معه باهظة، لكن قرارنا واضح، لا مهادنة ولا مساومة، وما مر قبل قرن من الزمن لن يتكرر، لا دور لهم فيما يعنينا ولا بما يخصنا، ولا مشاركة!! فالحل حلنا.. وهنا.. الطاولة طاولتنا..والأفكار أفكارنا.. والمخارج ستكون صناعة سورية خالصة.
علمنا التاريخ، وصقلتنا التجارب، بأن الآخرين الذين يستحضرون عقل قرن مضى، وحسابات زمن الأطماع والاستعمار، وتغييب الشعوب، سيظلون غارقين في تمنياتهم وسيبقى ساعي البريد يحمل حقائب الآخرين، ورسائلهم دون طائل.. فزمن الامبراطوريات وتقاسم المنافع لن يعود حتى في أحلامهم، كنا شوكة في حلوقهم وسنبقى ولن يكون بمقدورهم أكثر مما فعلوه وما صنعوه؟!
a.ka667@yahoo.com